بحث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
الحکومات الصالحة والطالحةسورة آل عمران / الآیة 28

«الولوج» بمعنى الدخول، والقصد من الآیة هو هذا التغییر التدریجی الذی نراه بین اللیل والنهار طوال السنة، هذا التغییر ناشىء عن انحراف محور الأرض عن مدارها بنحو 23 درجة واختلاف زاویة سقوط أشعّة الشمس علیها، لذلک نرى الشتاء فی النصف الشمالی من خطّ الإستواء تطول أیّامه تدریجیاً، وتقصر لیالیه تدریجیاً، حتى أوائل الصیف، حیث ینعکس التغییر فتقصر أیّامه وتطول لیالیه حتى أوائل الشتاء، أمّا فی جنوب خطّ الإستواء فالتناظر یکون معکوساً.

وبناءاً على ذلک فإنّ الله یدخل اللّیل فی النهار، ویدخل النهار فی اللّیل، دائماً، أی أنّه ینقص هذا لیزید ذاک وبالعکس.

قد یقول قائل إنّ اللّیل والنهار فی خطّ الإستواء الحقیقی وفی نقطتی القطبین فی الشمال والجنوب متساویان ولیس ثمّة أیّ تغییر فیهما، فاللّیل والنهار فی خطّ الإستواء متساویان ویمتدّ کلّ منهما إثنتی عشرة ساعة على إمتداد السنة، وفی القطبین یمتدّ اللّیل ستة أشهر ومثله النهار، لذلک فإنّ الآیة لیست عامّة.

فی الجواب على هذا التساؤل نقول: إنّ خطّ الإستواء الحقیقی خطّ وهمی، والناس عادةً یعیشون على طرفی الخط، کذلک الحال فی القطبین فهما نقطتان وهمیّتان، وسکّان القطبین ـ إن کان فیهما سکّان ـ یعیشون فی مناطق أوسع طبعاً من نقطة القطب الحقیقیة، وعلیه فالإختلاف موجود فی کلّ الحالات.

وقد یکون للآیة معنى آخر بالإضافة إلى ما ذکر، وهو أنّ اللّیل والنهار لا یحدثان فجأةً فی الکرة الأرضیة بسبب وجود طبقات «الجو» حولها. فالنهار یبدأ بالتدریج من الفجر وینتشر، ویبدأ اللّیل من حمرة الاُفق الغربی والغسق، ثمّ ینتشر الظلام حتى یعمّ جمیع الأرجاء.

إنّ للتدرّج فی تغییر اللّیل والنهار ـ بأیّ معنى کان ـ آثاراً مفیدة فی حیاة الإنسان والکائنات الاُخرى على الأرض، لأنّ نموّ النباتات وکثیر من الحیوانات یتمّ فی إطار نور الشمس وحرارتها التدریجیّة، فمن بدایة الربیع حیث یزداد بالتدریج نور الشمس وحرارتها، تطوی النباتات وکثیر من الحیوانات کلّ یوم مرحلة جدیدة من تکاملها، ولمّا کانت هذه الموجودات تحتاج بمرور الأیّام إلى مزید من النور والحرارة، فإنّ حاجتها هذه

تلّبى عن طریق التغییرات التدریجیّة للّیل والنهار، لتصل إلى نقطة تکاملها النهائیّة.

فلو کان اللّیل والنهار کما هو دائماً، لاختلّ نموّ کثیر من النباتات والحیوانات، ولاختفت الفصول الأربعة التی تنشأ من اختلاف اللّیل والنهار ومن مقدار زاویة سقوط نور الشمس، ولخسر إلإنسان فوائد ذلک.

کذلک هی الحال إذا أخذنا بنظر الاعتبار المعنى الثانی فی تفسیر الآیة أی أنّ حلول اللّیل والنهار تدریجی لا فجائی، وأنّ هناک فترة بین الطلوعین تفصل بینهما، فمن ذلک یتّضح أنّ هذا التدرّج فی حلول اللّیل والنهار نعمة کبرى لسکنة الأرض، لأنّهم یتعرّفون بالتدرج على الظلام أو الضیاء، وبذلک تتطابق قِواهم الجسمیة وحیاتهم الاجتماعیة مع هذا التغییر ، وإلاَّ حدثت حتماً مشاکل لهم.

2. (وتُخرِجُ الحیَّ مِن المیِّت وتُخرِجُ المیِّتَ مِن الحیّ ).

إنّ معنى خروج «الحیّ» من «المیّت» هو ظهور الحیاة من کائنات عدیمة الحیاة، فنحن نعلم أنّه فی الیوم الذی استعدّت فیه الأرض لاستقبال الحیاة، ظهرت کائنات حیّة من کائنات عدیمة الحیاة، أضف إلى ذلک أنّ مواد لا حیاة فیها تصبح بإستمرار أجزاءً من خلایانا الحیّة وخلایا جمیع الکائنات الحیّة فی العالم، وتتبدّل إلى مواد حیّة.

أمّا خروج «المیّت» من «الحیّ» فهو دائم الحدوث أمام أنظارنا.

إنّ الآیة ـ فی الواقع ـ إشارة إلى قانون التبادل الدائم بین الحیاة والموت، وهو أعمّ القوانین التی تحکمنا وأعقدها، کما أنّه أروعها فی الوقت نفسه.

لهذه الآیة تفسیر آخر أیضاً ـ لا یتعارض مع التفسیر السابق ـ وهو مسألة الحیاة والموت المعنویّین، فنحن کثیراً ما نرى أنّ بعض المؤمنین ـ وهم الأحیاء الحقیقیّون ـ یخرجون من بعض الکافرین ـ وهم الأموات الحقیقیّون ـ . وقد یحدث العکس، حین یخرج الکافر من المؤمن.

إنّ القرآن یعبّر عن الحیاة والموت المعنویّین بالإیمان والکفر فی کثیر من آیاته.

وبموجب هذا التفسیر یکون القرآن قد ألغى قانون الوراثة الذی یعتبره بعض العلماء من قوانین الطبیعة الثابتة. فالإنسان یتمیّز بحرّیة الإرادة ولیس مثل الکائنات غیر الحیّة فی الطبیعة التی تقع تحت تأثیر مختلف العوامل وقوعاً إجباریاً، وهذا بذاته مظهر من مظاهر قدرة الله التی تغسل آثار الکفر فی نفوس أبناء الکافرین ـ اُولئک الذین یریدون حقّاً أن

یکونوا مؤمنین ـ ویغسل آثار الإیمان من أبناء المؤمنین ـ الذین یریدون حقّاً أن یکونوا کافرین ـ . وهذا الإستقلال فی الإرادة، القادر على الإنتصار، حتى فی ظروف غیر مؤاتیة، من مظاهر قدرة الله أیضاً.

هذا المعنى یرد فی حدیث عن رسول الله (صلى الله علیه وآله)، کما جاء فی تفسیر «الدرّ المنثور» عن سلمان الفارسی أنّه قال: إنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) فسّر الآیة (تخرج الحی من المیّت... ) فقال: أی أنّه یخرج المؤمن من صلب الکافر، والکافر من صلب المؤمن. (1)

3. (وترزق من تشاء بغیر حساب ).

هذه الآیة تعتبر من باب ذکر «العام» بعد «الخاص»، إذ الآیات السابقة قد ذکرت نماذج من الرزق الإلهی، أمّا هنا فالآیة تشیر إلى جمیع النِعم على وجه العموم، أی أنّ العزّة والحکم والحیاة والموت لیست هی وحدها بید الله، بل بیده کلّ أنواع الرزق والنِعم أیضاً.

وتعبیر (بغیر حساب ) یشیر إلى أنّ بحر النِعم الإلهیة من السعة والکبر بحیث إنّه مهما اعطى منه فلن ینقص منه شیء ولا حاجة به لضبط الحسابات، فالتسجیل فی دفاتر الحساب من عادة ذوی الثروات الصغیرة المحدودة التی یخشى علیها من النفاذ والنقصان، فهؤلاء هم الذین یحسبون حسابهم قبل أن یهبوا لأحد شیئاً، لئلاّ تتبدّد ثرواتهم، أمّا الله فلا یخشى النقص فیما عنده، ولا أحد یحاسبه، ولا حاجه له الى الحساب.

یتّضح ممّا قلنا أنّ هذه الآیة لا تتعارض مع الآیات التی تبیّن التقدیر الإلهی وتطرح موضوع لیاقة الأفراد وقابلیّتهم ومسألة التدبیر فی الخلقة.

4.لیس فی الأمر إجبار

سؤال: وهنا یُطرح سؤال آخر وهو إننا نعلم أنّ الإنسان حرّ فی کسب رزقه بغیر إجبار، وذلک بموجب قانون الخلق وحکم العقل ودعوة الأنبیاء، فکیف تقول هذه الآیة أنّ کلّ هذه الاُمور بید الله؟

والجواب: فی الجواب نقول إن المصدر الأوّل لعالم الخلق وجمیع العطایا والإمکانات الموجودة عند الناس هو الله، فهو الذی وضع جمیع الوسائل فی متناول الناس لبلوغ العزّة والسعادة، وهو الذی وضع فی الکون تلک القوانین التی إذا لم یلتزمها الناس انحدروا إلى الذلّ والتعاسة، وعلى هذا الأساس یمکن إرجاع کلّ تلک الاُمور إلیه، ولیس فی ذلک أیّ تعارض مع حرّیة إرادة البشر، لأنّ الإنسان هوالذی یتصرّف بهذه القوانین والمواهب والقوى والطاقات تصرّفاً صحیحاً أوخاطئاً.

 


1. تفسیر الدرّالمنثور، ج 2، ص 15; وبحارالانوار، ج 6، ص 156.

 

الحکومات الصالحة والطالحةسورة آل عمران / الآیة 28
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma