جاذبیة المتاع الدنیوی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 14سورة آل عمران / الآیة 15 ـ 17.

تعقیباً على الآیات السابقة التی اعتبرت الإیمان رأس المال الحقیقی للإنسان ـ لا المال والبنین والأنصار ـ تشیر هذه الآیة إلى حقیقة أنّ الزوجة والأبناء والأموال إنَّما هی ثروات تنفع فی الحیاة المادّیة هذه، ولکنّها لا یمکن أن تشکّل هدف الإنسان الأصیل، صحیح أنّه بغیر هذه الوسائل لا یمکن السیر فی طریق السعادة والتکامل المعنوی، إلاَّ أنّ الاستفادة منها فی هذا السبیل شیء وحبّها وعبادتها ـ بغیر أن تکون مجرّد وسیلة یستفاد منها ـ شیء آخر.

فی هذه الآیة بضع نقاط ینبغی الإلتفات إلیها:

1 مَن الذی جعل المادّیات زینة؟

فی تعبیر (زُیِّنَ للناس حبُّ الشهوات من النّساء، والبنین والقناطیر المقنطرة من الذّهب الفضّة والخیل المسوّمة والأنعام والحرث ) (1) جاء الفعل مبنیّاً للمجهول، أی إنّ الفاعل المجهول قد زیَّن للناس حبّ الزوجة والأولاد والأموال، فی هذه الحالة یخطر للمرء هذا السؤال: ترى من هو الذی زیَّن هذه الاُمور للناس؟

بعض المفسّرین یرون أنّ هذه المشتهیات من عمل الشیطان الذی یزیّنها فی أعین الناس، ویستدلّون على ذلک بالآیة 24 من سورة النمل: (وزیَّن لهم الشیطان أعمالهم )

وأمثالها. (2. إلاَّ أنّ هذا الاستدلال لا یبدو صحیحاً، لأنّ الکلام فی الآیة التی نبحث فیها لا تتکلّم عن «الأعمال»، بل عن الأموال والنساء والأبناء.

إنّ التفسیر الذی یبدو صحیحاً هو أنّ الله هو الذی زیَّن للناس ذلک عن طریق الخلق والفطرة والطبیعة الإنسانیة.

إنّ الله هو الذی جعل حبّ الأبناء والثروة فی جبلّة الإنسان لکی یختبره ویسیر به فی طریق التربیة والتکامل، کما یقول القرآن: (إنّا جعلنا ما على الأرض زینةً لها لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أحسنُ عملاً ) (3. .

ممّا یثیر الإلتفات فی الآیة أنّ الزوجة أو المرأة قد وردت أوَّلاً، وهذا هو ما یقول به علماء النفس الیوم، بأنّ الغریزة الجنسیة من أقوى الغرائز فی الإنسان، کما أنّ التاریخ المعاصر والقدیم یؤیّد أنّ کثیراً من الحوادث الاجتماعیة ناشئة عن طغیان هذه الغریزة.

وینبغی القول أیضاً إنّ هذه الآیة والآیات المشابهة لا تذمّ العلائق المعتدلة مع المرأة والأولاد والمال، لأنّ التقدّم نحو الأهداف المعنویة غیر ممکن بدون الوسائل المادّیة، وهی لا تتعارض مع نوامیس الخلق الطبیعیة، إنّما المذموم هو الإفراط فی هذه العلائق، وبعبارة اُخرى: المذموم هو عبادة هذه الاُمور.

2. ما هی «القناطیر المقنطرة» و«الخیل المسوّمة»؟

«قناطیر» جمع قنطار، وهو الشیء المحکم، ثمّ اُطلق على المال الکثیر، وإطلاق «القنطرة» على الجسر، و«القِنْطَر» على الشخص الذکی إنّما هو لإحکام البناء أو الفکر، و«المقنطرة» اسم مفعول یدلّ على الکثرة والمضاعفة، وذکرهما متتالیین یعنی التوکید، کقولنا «آلاف مؤلّفة» ونقصد به الکثرة الکاثرة.

هناک من حدّد وزن القنطار بأنّه یساوی سبعین ألف دینار ذهباً، وقال بعض إنّه مائة ألف دینار، وقال آخرون إنّه یساوی اثنی عشر ألف درهم، ویقول بعض إنّ القنطار کیس مملوء ذهباً أو فضة.

وفی روایة عن الإمام الباقر والإمام الصادق (علیهما السلام) أنّ القنطار مقدار من الذهب الذی یملأ جلد بقرة، (4. إلاَّ ا نّ کلّ هذه تشیر إلى المال الوفیر.

 

«الخیل» اسم جمع للفرس، وتطلق على الفرسان أیضاً، والمقصود فی الآیة هو المعنى الأول طبعاً.

و «المسوّمة» بمعنى المعلّمة أی ذات العلامة، فقد تُعلّم الخیل لإبراز جمال هیکلها ورشاقتها، أو لمعرفة أنّها مدرّبة ومعدّة للرکوب فی میادین القتال.

وعلیه، فإنّ الآیة تعدّد ستة من ثروات الحیاة وهی: المرأة، والولد، والمال، والخیول الأصیلة، والمواشی والإبل، والزراعة، وهی أرکان الحیاة المادّیة.

3. ما هو المراد بـ (متاع الحیاة الدنیا

«المتاع» هو الإنتفاع بالشیء بعض الوقت، والحیاة الدنیا هی الحیاة الواطئة الحقیرة، فیکون معنى الآیة: إذا عشق أحد هذه الأشیاء الستة وحدها باعتبارها الهدف النهائی للحیاة، ولم یستفد منها کسلّم للصعود فی مسیرة حیاته، یکون قد اختار لنفسه حیاة منحطّة.

وفی الحقیقة أنّ تعبیر «الحیاة الدنیا» إشارة إلى سیر الحیاة التکاملی، إذ أنّ هذه الحیاة الدنیا تعتبر المرحلة الاُولى فی ذلک السیر، لذلک تشیر الآیة فی النهایة إلى الحیاة السامیة التی تنتظر الإنسان فتقول (والله عنده حسن المآب ).

4.کما تقدّم فی تفسیر الآیة، فقد اشارت الآیة إلى النساء من بین النعم المادّیة وقدّمتها على الجمیع، لأنّها بالقیاس إلى النعم الاُخرى أقوى تأثیراً واشدّ جاذبیة لأهل الدنیا وقد تدعوهم إلى إرتکاب أعظم الجنایات فی هذا السبیل.

 


1. «الشهوات»، جمع «شهوة» ، أی حبّ شیء من الأشیاء حبّاً شدیداً ، ولکنها فی هذه الآیة بمعنى المشتهیات.
2. الانفال، 48; والنعکبوت، 38.
3. الکهف، 7.
4. بحارالانوار، ج 2، ص 5.

 

سورة آل عمران / الآیة 14سورة آل عمران / الآیة 15 ـ 17.
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma