العقاب على النسیان والخطأ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
عدّة حاجات مهمّةفضیلة تلاوة هذه السورة

لماذا الدعاء لأن یغفر الله الذنوب المرتکبة نسیاناً أو خطأً؟

فهل الله یعاقب على مثل هذه الذنوب؟

فی الجواب لابدّ من القول بأنّ النسیان یکون أحیاناً من باب التماهل والتساهل من جانب الإنسان نفسه، بدیهیّ أنّ هذا النوع من النسیان لا یضع المسؤولیة عن الإنسان، کما

جاء فی القرآن: (فذوقوا بما نسیتم لقاء یومکم هذا ) (1) وعلیه فإنّ النسیان الناشیء عن التساهل یوجب العقاب.

ثمّ لابدّ من ملاحظة أنّ هناک فرقاً بین النسیان والخطأ، فالخطأ یقال عادة فی الاُمور التی تقع لغفلة من الإنسان وعدم إنتباه منه، کأن یطلق رصاصة لیصید صیداً فتصیب رصاصته إنساناً فتجرحه، أمّا النسیان فهو أن یتّجه الإنسان للقیام بعمل ما ولکنّه ینسى کیف یقوم بذلک، کأن یعاقب المرء إنساناً بریئاً ظنّاً منه أنّه المذنب، لنسیانه ممیّزات المذنب الحقیقی.

(ربّنا ولا تحمل علینا إصراً کما حملته على الذین من قبلنا ).

«الإصر» عقد الشیء وحبسه. وتطلق على الحمل الثقیل الذی یمنع المرء من الحرکة، وکذلک العهد المؤکّد الذی یقیّد الإنسان، ولهذا تطلق هذه الکلمة على العقاب أیضاً.

وفی هذا المقطع من الآیة یطلب المؤمنون من الله تعالى طلبین: الأوّل أن یرفع عنهم الفروض الثقیلة التی قد تمنع الإنسان من إطاعة الله، وهذا هو ما ورد على لسان النبیّ (صلى الله علیه وآله)بشأن التعالیم الإسلامیة، إذ قال: «بعثت بالشریعة السهلة السمحة» (2) .

السؤال: هنا قد یسأل سائل إذا کانت السهولة والسماحة فی الدین جیّدة، فلماذا لم یکن للأقوام السابقة مثلها؟

والجواب: فی الجواب نقول تفید آیات فی القرآن أنّ التکالیف الشاقّة لم تکن موجودة فی أصل شرائع الأدیان السابقة، بل فرضت کعقوبات على أثر عصیان تلک الأقوام وعدم إطاعتها، کحرمان بنی إسرائیل من أکل بعض اللّحوم المحلّلة بسبب عصیانهم المتکرّر. (3)

وفی الطلب الثانی یریدون منه أن یعفیهم من الامتحانات الصعبة والعقوبات التی لا تطاق (ربّنا ولاتحمّلنا ما لا طاقة لنا به ). ونرى فی الفقرة السابقة صیغة (لاتحمل )، وهنا نرى عبارة (لا تحمّل )، فالاُولى تستعمل عادة فی الاُمور الصعبة، والثانیة فیما لا یطاق.

(واعفُ عنّا واغفر لنا وارحمنا ).

«عفا» بمعنى أزال آثار الشیء، وأکثر استعمالها مع الذنب بمعنى محو آثار الإثم، وتشمل الآثار الطبیعیة والآثار الجزائیة والعقوبات.

 

أمَّا «الغفران» فتعنی أن یصون الله العبد من أن یمسّه العذاب عقوبة على ذنبه.

وعلیه، فإنّ استعمال الکلمتین یفید أنّ المؤمنین طلبوا من الله أن یزیل الآثار التکوینیة والطبیعیة لزللهم عن أرواحهم ونفوسهم، لکی لا تصیبهم عواقبها السیّئة. کما أنّهم طلبوا منه أن لا یقعوا تحت طائلة عقابها. وفی المرحلة الثالثة یطلبون «رحمته الواسعة» التی تشمل کلّ شیء.

(أنت مولانا فانصرنا على القوم الکافرین ).

وفی آخر دعواهم یخاطبون الله على أنّه مولاهم الذی یتعهّدهم بالرعایة والتربیة ویطلبون منه أنّ یمنحهم الفوز والانتصار على الأعداء.

فی هاتین الآیتین خلاصة لسورة البقرة کلّها، وهما تهدیاننا إلى روح التسلیم أمام ربّ العالمین، وتشیران إلى أن المؤمنین إذا أرادوا من الله أن یغفر لهم زلاَّتهم وأن ینصرهم على الأعداء کافّة، فلابدّ لهم أن ینفذوا برنامج «سمعنا وأطعنا» أن یقولوا: إنَّنا سمعنا دعوات الداعین وقبلناها بکلّ جوارحنا وإنّنا متّبعوها، ولن ندخّر وسعاً فی حثّ السیر على هذا السبیل، وعندئذ لهم أن یطلبوا الانتصار على الموانع والأعداء.

إنّ تکرار کلمة «ربّ» أی الذی یلطف بعباده ویربّیهم یکمل هذه الحقیقة، ولهذا حثَّنا أئمّة الدین فی أحادیثهم على قراءة هاتین الآیتین، وبیّنوا ما فیهما من أبواب الثواب، فإذا تناغم اللّسان والقلب فی تلاوتهما ولم تکن التلاوة مجرّد ألفاظ تجری على اللّسان، تغدو حینئذ برنامجاً حیاتیاً، فإنّ تلاوتهما تربط بین القلب وخالق الکون، وتضفی الصفاء على الروح وتکون عاملاً على التحرّک والنشاط.

یستفاد جیّداً من هذه الآیة أنّ (التکلیف بما لایطاق) لا یوجد فی الشریعة المقدّسة، لا فی الإسلام ولا فی الأدیان الاُخرى، والأصل هو حریّة الإنسان وإرادته لأنّ الآیة تقول: أنّ کلّ إنسان یلاقی جزاء أعماله الحسنة والسیئة، فما عمله من حسنات فسیعود إلیه، وما إرتکبه من سیئات فعلیه، ومن هذا المنطلق یکون طلب العفو والمغفرة والصفح.

وهذا المعنى یتطابق تماماً مع منطق العقل ومسألة الحسن والقبح، لأنّ الله تعالى حکیم ولا یمکن أن یکلّف العباد بما لا طاقة لهم به، وهذا بنفسه دلیل على نفی مسألة الجبر، فکیف یحتمل أنّ الله تعالى یجبر العباد على إرتکاب الذنب والإثم وفی نفس الوقت ینهاهم عنه؟!

ولکنّ التکالیف الشاقّة والصعبة لیست بالأمر المحال کما قرأنا عن تکالیف بنی إسرائیل الشاقّة، وهذه التکالیف أیضاً ناشئة من أعمالهم وعبارة عن عقوبة لما ارتکبوه من آثام.

نهایة سورة البقرة


1. السجدة، 14.
2. بحار الأنوار، ج 65، ص 319، (ط بیروت)، وورد مثله فی فروع الکافی، ج 5، ص 494 باب کراهة الرهبانیة.
3. الأنعام، 146; والنساء، 160.

 

عدّة حاجات مهمّةفضیلة تلاوة هذه السورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma