1ـ قد یتصوّر أنّ هذه الآیة مخالفة للأحادیث الکثیرة التی تؤکّد على النیّة المجرّدة، ولکنّ
الجواب واضح، حیث إنّ تلک الأحادیث تتعلق بالذنوب التی لها تطبیقات خارجیّة وعملیّة بحیث تکون النیّة مقدّمة لها من قبیل الظلم والکذب وغصب حقوق الآخرین وأمثال ذلک، لا من قبیل الذنوب التی لها جنبة نفسیّة ذاتاً وتعتبر من الأعمال القلبیّة مثل (الشرک والریاء وکتمان الشهادة).
وهناک تفسیر آخر لهذه الآیة، وهو أنّه یمکن أن یکون لعمل واحد صور مختلفة، مثلاً الإنفاق تارةً یکون فی سبیل الله، واُخرى یکون للریاء وطلب الشهرة، فالآیة تقول: إنّکم إذا أعلنتم نیّتکم أو أخفیتموها فإنّ الله تعالى أعلم بها وسیجازیکم علیها، فهی فی الحقیقة إشارة إلى مضمون الحدیث الشریف «لا عمل إلاّ بنیّة» (1) .
2ـ من الواضح أنّ قوله تعالى (فیغفر لمن یشاء ویعذّب من یشاء ) أنّ إرادته لا تکون بدون دلیل، بل إنّ عفوه أیضاً یرتکز على دلیل ومبرّر، وهو لیاقة الشخص للعفو الإلهی، وهکذا فی عقابه وعدم عفوه.