دور الأنبیاء فی حیاة البشر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة البقرة / الآیة 253هل الأدیان تسبّب الاختلافات؟

هذه الآیة تشیر إلى درجات الأنبیاء ومراتبهم وجانباً من دورهم فی حیاة المجتمعات البشریة، تقول الآیة: (تلک الرسل فضّلنا بعضهم على بعض ).

«تلک» اسم إشارة للبعید. والإشارة إلى البعید ـ کما نعلم ـ تستعمل أحیاناً لإضفاء الإحترام والتبجیل على مقام الشخص أو الشیء المشار إلیه، هنا أیضاً اُشیر إلى الرسل باسم الإشارة «تلک» لتبیان مقام الأنبیاء الرفیع.

واختلف المفسّرون فی المقصود بالرسل هنا، هل هم جمیع الرسل والأنبیاء؟ أم هم الرسل الذین وردت أسماؤهم أو ذکرت حکایاتهم فی ما سبق من آیات هذه السورة فقط، مثل إبراهیم، موسى، عیسى، داود، اشموئیل (علیه السلام)؟ أم هم جمیع الرسل الذین ذکرهم القرآن حتى نزول هذه الآیة؟

ولکن یبدو أنّ المقصود هم الأنبیاء والمرسلون جمیعاً، لأنّ کلمة «الرسل» جمع حُلّیَ بالألف واللام الدالّتین على الإستغراق، فتشمل الرسل کافّة.

(فضّلنا بعضَهم على بعض ).

یتّضح جلیّاً من هذه الآیة أنّ الأنبیاء ـ وإن کانوا من حیث النبوّة والرسالة متماثلین ـ هم

من حیث المرکز والمقام لیسوا متساوین لاختلاف مهمّاتهم، وکذلک مقدار تضحیاتهم کانت مختلفة أیضاً.

(منهم من کلّم اللهُ ).

هذه إشارة إلى بعض فضائل الأنبیاء، وواضح أنّ المقصود بالآیة موسى المعروف باسم «کلیم الله»، کما أنّ الآیة 164 من سوره النساء تقول عنه: (وکلّم الله مُوسى تکلیماً ).

أمّا القول بأنّ المقصود هو نبیّ الإسلام (صلى الله علیه وآله) وأنّ التکلیم المنظور هنا هو التکلیم الذی کان فی لیلة المعراج مع الرسول، أو أنّ المراد هو الوحی الإلهی الذی ورد فی آیة 51 من سورة الشورى (وما کان لبشر أن یکلّمه الله إلاّ وحیاً... ) حیث اُطلق علیه عنوان التکلّم، فإنّه بعید جدّاً، لأنّ الوحی کان شاملاً لجمیع الأنبیاء، فلا یتلائم مع کلمة «منهم» لأنّ (من) تبعیضیّة.

ثمّ تضیف الآیة (ورفع بعضهم درجات ).

ومع الإلتفات إلاّ أنّ الآیة أشارت إلى التفاضل بین الأنبیاء بالدّرجات والمراتب، فیمکن أن یکون المراد فی هذا التکرار إشارة إلى أنبیاء معیّنین وعلى رأسهم نبیّ الإسلام الکریم لأنّ دینه آخر الأدیان وأکملها، فمن تکون رسالته إبلاغ أکمل الأدیان لابدّ أن یکون هو نفسه أرفع المرسلین، خاصّةً وأنّ القرآن یقول عنه فی الآیة 41 من سورة النّساء: (فکیف إذا جئنا من کلّ اُمّة بشهید وجئنا بک على هؤلاء شهیداً ).

والشاهد الآخر على هذا الموضوع، وهو أنّ الآیة السابقة تشیر إلى فضیلة موسى (علیه السلام)، والآیة التالیة تبیّن فضیلة عیسى (علیه السلام)، فالمقام یتطلّب الإشارة إلى فضیلة رسول الإسلام (صلى الله علیه وآله)، لأنّ کلّ واحد من هؤلاء الأنبیاء الثلاثة کان صاحب أحد الأدیان الثلاثة العظیمة فی العالم. فإذاکان اسم نبیّ الإسلام (صلى الله علیه وآله) قد جاء بین اسمیهما، فلا عجب فی ذلک، أوَلیس دینه الحدّ الوسط بین دینیهما وأنّ کلّ شیء قد جاء فیه بصورة معتدلة ومتعادلة؟ ألا یقول القرآن: (وکذلک جعلناکم أُمّة وسطاً ) (1) !

ومع ذلک، فإنّ العبارات المتقدّمة فی هذه الآیة تدلّ على أنّ المقصود من (رفع بعضهم درجات ) هم بعض الأنبیاء السابقین، مثل إبراهیم إذ یقول سبحانه فی الآیة التالیة: (ولو شاءَاللهُ ما اقتتل الذین من بعدهم ) أی لو شاء الله ما أخذت اُمم هؤلاء الأنبیاء تتقاتل فیما بینها بعدرحیل أنبیائها.

 

(وآتینا عیسى بن مریم البیّنات وأیّدناه بروح القدس ).

أی أنّنا وهبنا عیسى (علیه السلام) براهین واضحة مثل شفاء المرضى المزمنین وإحیاء الموتى والمعارف الدینیّة السامیّة.

أمّا المراد من (روح القدس) هل هو جبرائیل حامل الوحی الإلهی، أو قوى اُخرى غامضة موجودة بصورة متفاوتة لدى أولیاء الله؟ تقدّم البحث مشروحاً فی الآیة 87 من سورة البقرة، وعندما تؤکّد هذه الآیة على أنّ عیسى (علیه السلام) کان مؤیّداً بروح القدس فلأنّه کان یتمتّع بسهم أوفر من سائر الأنبیاء من هذه الرّوح المقدّسة.

وتشیر الآیة کذلک إلى وضع الاُمم والأقوام السالفة بعد الأنبیاء والاختلافات التی جرت بینهم فتقول: (ولو شاء الله ما اقتتل الّذین من بعدهم من بعد ما جاءتهم البیّنات ) فمقام الأنبیاء وعظمتهم لن یمنعا من حصول الاختلافات والإقتتال والحرب بین أتباعهم لأنّها سنّة إلهیّة أن جعل الله الإنسان حرّاً ولکنّه أساء الاستفادة من هذه الحریّة (ولکن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من کفر ).

ومن الواضح أنّ هذا الاختلاف بین الناس ناشىءٌ من اتّباع الأهواء والشّهوات وإلاّ فلیس هناک أیّ صراع واختلاف بین الأنبیاء الإلهیّین حیث کانوا یتّبعون هدفاً واحداً.

ثمّ تؤکّد الآیة أنّ الله تعالى قادرٌ على منع الاختلافات بین النّاس بالإرادة التکوینیّة وبالجبر، ولکنّه یفعل ما یرید وفق الحکمة المنسجمة مع تکامل الإنسان ولذلک ترکه مختاراً (ولو شاء الله ما اقتتلوا ولکنّ الله یفعل ما یرید ).

ولا شکّ فی أنّ بعض الناس أساء استخدام هذه الحریّة، ولکنّ وجود الحریّة فی المجموع یُعتبر ضروریّاً لتکامل الإنسان، لأنّ التکامل الإجباری لا یُعدّ تکاملاً.

وضمناً یُستفاد من هذه الآیة التی تعرّضت إلى مسألة الجبر مرّة اُخرى بطلان الإعتقاد بالجبر،حیث تثبت أنّ الله تعالى ترک الإنسان حرّاً فبعضٌ آمن وبعضٌ کفر.


1. البقرة، 143.

 

سورة البقرة / الآیة 253هل الأدیان تسبّب الاختلافات؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma