جاء فی الآیة السابقة إجمالاً أنّ للمرأة وللرجل بعد الطلاق الثانی أحد أمرین: إمّا أن یتصالحا ویرجعا إلى الحیاة الزوجیة، وإمّا أن ینفصلا إنفصالاً نهائیاً.
هذه الآیة حکمها حکم الفقرة التابعة لمادّة قانونیة.
فهذه الآیة تقول إن حکم الإنفصال حکم دائمی، إلاَّ إذا اتخذت المرأة زوجاً آخر، وطلّقها بعد الدخول بها، فعندئذ لها أن ترجع إلى زوجها الأوّل إذا رأیا أنّهما قادران على أن یعیشا معاً ضمن حدود الله.
ویستفاد من الرّوایات عن أئمّة الدّین أنّ لهذا الزّواج الثانی شرطین، أوّلاً: أن یکون هذا الزّواج دائمیّاً، (1) والثانی: أن یتبع عقد الزّواج الإتّصال الجنسی، (2) ویمکن استفادة هذین الشرطین من مفهوم الآیة أیضاً، أمّا الأوّل وهو أن یکون العقد دائمیّاً فلجملة (فإن طلّقها )الشاهدة على هذا المعنى، لأنّ الطّلاق لایکون إلاّ فی العقد الدائمی، وأمّا الوطىء فیمکن أن یُستفاد من جملة (فلا تحلّ له من بعد حتى تنکح زوجاً غیره ) لأنّ المستعمل فی سیرة اُدباء العرب أنّهم حینما یقولون: (نکح فلاناً فلانة) فیُمکن أن یراد منه مجرّد العقد، أمّا لو قیل (نکح زوجته) فهذا یدلّ على الوطىء (لأنّه حسب الفرض أنّها زوجته فعندما یقال (نکح) فی مورد الزوجة فلا یعنی سوى العملیّة الجنسیّة) (3) مضافاً إلى أنّ المطلق ینصرف إلى الفرد الغالب، والغالب فی عقد الزواج هو إقترانه بالوطء، ومضافاً إلى ما تقدّم فإنّ لهذا الحکم فلسفة خاصّة لا تتحقّق بمجرّد إجراء العقد کما سنشیر إلى ذلک لاحقاً. (فإن طلّقها فلاجناح علیهما أن یتراجعها إن ظنّا أن یقیما حدود اللّه وتلک حدود اللّه یبیّنها لقوم یعلمون ).