لقد وصلتنا عدّة رسائل بشأن هذا الکتاب، لا یسعنا هنا إلاّ أن نعرض واحدة منها کما وردت بعیداً عن کلّ تغییر وتنقیح.

بسم الله الرحمن الرحیم

باسم الله ربّ الشباب وبسم الله الذی خلق جمیع الناس أطهاراً.

رجاءً دعونی أکتب لکم - کما وعدتکم - دون مقدمة ما جرى لی لیطلّع على ذلک سائر الشباب:

أنا فتى فی التاسعة عشرة من العمر، کنت مولعاً وما زلت بالقرآن والإمام الخمینى(رضی الله عنه)، کنت أنفر (فی مرحلة المراهقة) - من النظر إلى الأجنبیة على أنّه یمثل خطیئة کبیرة. وقد حصل لی بعض التغییر حین دخلت مرحلة البلوغ والتحقت بالدراسة الإعدادیة، فنفذ الشیطان شیئاً فشیئاً إلى قلبی لیحرفنی عن طریقی الواضح حتى أصبح علیّ من الطبیعی النظر إلى الأجنبیات، وقد تعرّفت على بعض أصحاب السوء الذین أخذوا یزیّنون لی عادة سیئة فمارستها لأربع سنوات، لقد شهدت هبوطاً ملموساً فی المستوى العلمی فی الإعدادیة طیلة هذه السنوات الأربع، کنت الأوّل على زملائی فی المتوسطة، فی حین أصبحت مکملا فی الإعدادیة، کنت بعیداً عن الله لأربع سنوات، وضیعاً أربع سنوات، وغافلا أربع سنوات.

لقد فقدت کلّ شیء بما فی ذلک صحّتی خلال أربع سنوات، وقد بدت عوارض هذه العادة السیئة تظهر بوضوح، فالجسم ضعیف والوجه شاحب اللون والحافظة ضعیفة والید مرتعشة والعین جاحظة و...

وقد أفقت من غفلتی فی السنة الأخیرة من الدراسة الإعدادیة، فحاولت الاقلاع عن هذه العادة ولکن دون فائدة، کنت أستطیع التحمّل لیومین أو ثلاث ولم ألبث لأعود ثانیة، ثمّ سعیت جاهداً خلال صیف عام 1991م للتخلّص من تلک العادة المقیتة فلم یکتب لی النجاح، إستعذت بالله واستغثت بأئمة الهدى(علیهم السلام)وذریتهم، وکنت أصغی لتلاوة القرآن وأجهش بالبکاء، کنت أرغب آنذاک لأن أبکی بدل الدموع دماً، إلاّ أنّ الدمع جفّ فی عینی، کنت أُحاول أن أشکو همّی ولکن لمن؟ لقد ناجیت الله حین کنت أستمع القرآن وسألته الأخذ بیدی فأقلعت عن ذلک العمل ثلاثة أیام ثمّ عدت ثانیة لممارسته، ثمّ انفجرت بالبُکاء واتجهت صوب أحد الحمامات فاغتسلت وقررت ألاّ أعود لهذا العمل، ولیتکم تشعرون بالحالة التی تنتابنی حین أُقرر الإقلاع عن تلک العادة، أو أقلع عنها حقاً؟ فقد کنت أشعر بسرور مفرط وکأنّ الله قد تجاوز عن جمیع سیئاتی، ولکن لعنة الله على الشیطان...

والخلاصة کنت أصغی عند أصیل کلّ یوم إلى القرآن وأبکی متضرعاً إلى الله فی أن یساعدنی، ثمّ أُصلّی وأطلب من الله أن ینقذنی وکلّ من أُبتلی بهذه العادة المقیتة.

طبعاً کنت آنذاک أنظر إلى زملائی ومدى التقدّم الذی یحرزوه بینما أتراجع القهقری، لم أُقبل فی الإمتحانات الوزاریة والسبب ما أشرت إلیه، ولکن یبقى لطف الله وأبوابه مشرعة للسائلین لا تُغلق، وأخیراً طالعنی کتاب فی المکتبة وهو «مشاکل الشباب الجنسیة» فاشتریته وکان انقاذی وانتشالی من ورطتی على یدیه، لقد أنقذنی هذا الکتاب من موت الوضاعة، لا شک فی أنّ الشباب إذا التزموا بهذا الکتاب سیجدون الخلاص من مشکلتهم، فلله الحمد الذی تلطّف علیّ وأنقذنی من هذا الموت البطیئ، لقد قرأت الکتاب ونفّذت وصایاه بحذافیرها، کما کنت أدعو الله بعد الصلاة لانقاذی وسائر الشباب من هذه العادة البغیضة، کما کنت أُکثر من تلاوة آیة الکرسی، وکلّما عرض لی الذنب لجأت إلیها، کما کنت أقرأ الایتین (والذین إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذکروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن یغفر الذنوب إلاّ الله ولم یُصرّوا على ما فعلوا وهم یعلمون) و (إنّ الذین اتقوا إذا مسّهم طائف من الشیطان تذکّروا فاذا هم مبصرون).

وهکذا کنت أقرأ الآیات حتى أطرد تلک الأفکار من ذهنی، لقد اتخذت قراری فی البدایة على غض بصری عن النظر إلى النساء (مهم جداً) وأعددت برنامجاً لیومی بحیث لم یعد لدیّ الوقت لذلک العمل... والتزمت بوصایا الکتاب، فعملت على تقویة إیمانی واستمدت العون من الله، کنت مؤمناً بالعبادة التی وردت فی آخر الکتاب «نحن على ثقة تامّة بأنّ المصابین بهذه العادات السیئة سیتماثلون للشفاء إذا التزموا لشهر بالعمل بهذه الوصایا».

والخلاصة لقد وفقت بعد عدّة مرات من عقد العزم على الإقلاع من هذه العادة، ولی الآن شهران على ترکها، لقد شعرت بسرور غامر بعد انتهاء الشهر الأوّل، فسجدت شکراً لله، وما زلت أشکر وادعُ الله أن یمنّ بتوفیقه على جمیع الشباب من اعتادوا هذه العادة البغیض (إن شاء الله).

لیعلم جمیع الاُخوة بأنّ الإلتزام لشهر بوصایا هذا الکتاب وتطبیقها بحذافیرها انّما یعنی الإقلاع عن تلک العادة بالمرّة.

ولا یسعنی هنا إلاّ أن أوصف لکم مشاعری : أشعر بأنی أُرید أن أصرخ بأعلى صوتی لقد نجوت من الموت، موت الوضاعة والضلال، أُرید أ أبکی دموع الفرح دماً، أُرید أن أتأمّل الطبیعة الجمیلة، أُرید أن أتحدث إلى أُسرتی وأضحک معهم، فقد نسیت هذا الضحک والکلام ولم أعد إلیه إلاّ قبل شهرین، اللهمّ لک الحمد والشکر فلا تهمل عبدک وان أمهلته، اللهم لک الحمد أن عرّفتنی الحق والحقیقة.

أُیّها الشباب الأعزاء : إن کنتم لم تُلوثوا لحد الآن فاحفظوا طهرکم وإلاّ فطهّروا أنفسکم، طالعوا هذا الکتاب، واعملوا بوصایاه وأیقنوا بالعلاج.

أیُها الأُخوة : إذا عزمتم وفشلتم فلا تیأسوا وکرّوا العزم فانکم منتصرون، وهنا نوصی بمطالعة کتاب «أفضل السبل للتغلب على القلق والإضطراب».

وأما أنتم أیها الأُخوة الذین تجشمتم عناء طبع ونشر هذا الکتاب وأنقذتم آلاف الشباب من هذه المستنقعات الخطیرة، فلستم بحاجة إلى شکرنا فجزاکم الله خیر الجزاء.

اللهمّ خُذ بیدنا لطاعتک، واجتناب معصیتک، وصن عیوننا عن النظر إلى المحرمات، اللهم أعد علیّ ذاکرتی وحافظتى.

اللهم وفّقنا لتلافی ما فرط من أمرنا فی الماضی حین وقعنا فی تلک العادة السیئة.

اللهمّ أعنا على عدم العود إلیها.

اللهمّ وفّق کلّ من یسعى لمساعدة هؤلاء الشباب الحیارى.

وأدخلهم فسیح جنّاتک، اللهم لک الحمد والشکر

فی أمان الله وأسألکم الدعاء