هناک خطر مهم آخر من أخطار العشق، هو نشوء دافع الإنتقام الشدید عند الیأس من الوصال بالمحبوب وعدم الوصول إلى الهدف المقصود.

إنّ التأریخ المعاصر والماضی ملیء بالحوادث المفجعة التی ارتکبها العشّاق المولّهون، والتی لم یذهب ضحیتها سوى المحبوب نفسه.

إنّ سبب هذه الحوادث المفجعة واضح وجلیّ من وجهة نظر علم النفس.

إنّ هذا العشق الملتهب العظیم بهذا التیار العنیف یرغم العاشق على احترام المعشوق وحبّه حتى العبادة طالما یحس بأنّ هناک بارقة أمل للوصول إلیه ولکنه حینما یستولی الیأس علیه فإنّ هذا التیار القوی ینقلب فوراً إلى قوّة معادیة قویّة - مثل الکرة التی تصطدم بشدّة بمانع فترجع إلى الخلف - لأنّه لا یمکن أن ینطفئ فجأة وبسرعة، فالعاشق یرى کل شیء سهلا وصغیراً وقابلا للتحمّل مادام هناک أمل بالوصال، أما عندما ییأس فإنّه لا یهاب أی مانع یقف دونه وفی طریق الإنتقام، وغالباً ما نجد أنّ العاشق لا یهدأ ولا یستقر ما لم یثأر لنفسه ولحبّه الضائع، وهذا هو رد الفعل غیر المطلوب فإذا لم یستطع أن یثأر لحبّه لسبب ما، فإنّه غالباً ما یقدم على الإنتحار، ونماذج هذا النوع کثیرة، ولذلک نجد العاشق ینتقم لحبّه الضائع إما من محبوبه أو من نفسه.

هذا غیض من فیض أخطار العشق الناری الملوث الذی لا یؤول إلى مآل.