غرفة ذات أسرار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
سرّالوجود
الاعجوبة الصناعیة لعصرناأغرب إرشیف عالمی

لم یر البشر لحد الآن مرکزاً مشوباً بالأسرار کهذه الغرفة

کان من المقرر أن نبدأ بحث الأسرار انطلاقاً من أنفسنا، من مرکز إدراکاتنا ومن أدمغتنا وما ورائها وما یصطلح علیه بأنفسنا وذواتنا، وتطالعنا هنا دنیا الأسرار التی إنّ قضینا عمرنا من أجل التعرف علیها فما زالت هنالک الکثیر من الأمور الغامضة فیها.
إنّه لمن المذهل حقاً أن ندرک جمیع الأشیاء بعقولنا بینما نصاب بالدوار حین نفکر فی ماهیة التفکیر لدى هذا العقل.
إننا نتساءل: کیف ندرک الأشیاء؟ ما المفهوم الواقعی للإدراک؟ أین تکمن خواطرنا؟
ما کیفیة علاقة الروح بالجسم وبالخارج؟
ما الدور الذی تلعبه هذه القبضة الرمادیة و التی تبدو غیر منظمة ولا مستهلکة والمحبوسة هذا العمر المدید فی جمجمة الإنسان؟
وأساساً من أین تنبع کل هذه القابلیة و الاستعداد العجیب المذهل؟ هذه هی الخطوة الأولى لتعرفنا على الوجود الذی یکتنفه کل هذا التعقید، ولکن لا ینبغی أن یفهم ذلک على أننا هزمنا فی الخطوة الأولى فی سبیل حل ألغاز الوجود، ترى ألیس من الأفضل أن نعزف عن هذا الأمر ما دمنا فی بدایته، ونغض النظر عن هذا «الخیال المحال»، فهذا سفر تستهلک الخطوة الأولى فیه تمام عمرنا، وعلیه فما أحرانا أن نقتدی ببعض الفلاسفة الذین صوروا للجمیع استحالة  التعرف على الوجود، فنقبع فی زاویة ونتفرغ للحیاة والمعیشة، ولکن هل العیش یعنی (الأکل والشرب والنوم والشهوة)؟ کلا، لیس الأمر کذلک، فمثلنا مثل المسافر الذی یمر بسیارته فی جادة فی لیلة ظلماء، فمصابیح السیارة إنّما تضیء له جانباً من الجادة وتقوده إلى المطلوب، أمّا على طرفى الجادة فهنالک الآلاف المؤلفة من المبانی والموجودات غیر المعروفة والتی تغط فی ظلمة معتمة، فمن المسلم به أن عدم معرفة هذه المبانی الغامضة لیس من شأنه أبداً أن یحول دون مواصلة المسافر لسیره، بل حتى لا ینبغی له التقلیل من سرعته، نحن بدورنا نشق طریقنا وسط هذه الأسرار فنندفع إلى الأمام على ضوء ما نعتمده من معارف وحلول، فکأنّ آلاف النقط المجهولة قد کمنت من حولنا، وسندنا فی هذه المسیرة «معلوماتنا» لا «مجهولاتنا».
—–
 سنقف ـ من خلال عدّة أدلة فی بحث استقلال الروح ـ على هذه الحقیقة، و هی أنّ مادتنا الدماغیة «وسیلة دقیقة» لأنشطة قوى خفیة تدعى الروح، لا نفس الروح، وبعبارة أخرى الدماغ «بیت» لا «صاحب البیت» وبعبارة أوضح هو تلسکوب عظیم لرصد کواکب سماء الوجود لا نفس «الراصد»!
و بالتالی الدماغ مهندس «غرفة السیطرة».
ولما انسحب الکلام إلى «غرفة السیطرة» دعونا نتحدث قلیلاً  عنها، فمثل هذه التشبیهات والأمثلة تذلل الطرق الصعبة.
فنرى هذه الأیّام ـ حین نتفقد بعض المؤسسات الصناعیة الحدیثة والضخمة ـ غرفة تعرف باسم «غرفة السیطرة»، وتمتاز هذه الغرفة بهدوئها وسکونها، إلاّ أنّها ملیئة بالشاشات والأزرار والمفاتیح والمصابیح الصغیرة الملونة، ویتولى المهندسون من داخل هذه الغرفة السیطرة والاشراف على کافة جزئیات تلک المؤسسة الصناعیة التی قد تبلغ سعتها أحیاناً عشرات الکیلو مترات المربعة.
فالضغط على زر معین یشغل قسماً من تلک المؤسسة وبفتح أو بغلق ذلک الأنبوب الکبیر بصورة تلقائیة، وبضغط الزر الفلانی یحدّون من سرعة ذلک الجهاز أو یضاعفون من سرعته، وإذا اشتعل الضوء الأحمر للمصباح دلّ على الخطر الفلانی فی ذلک القسم، والأهم من کل ذلک العقارب والمؤثرات المتناثرة على الشاشات والتی تشبه إلى حد بعید صحیفة أعمال الإنسان، حیث تعکس طریقة عمل کافة الأجهزة.
والواقع هو أنّ دماغ الإنسان غرفة سیطرة فی معمل بدن الإنسان، فتلک الغرفة الملیئة بالأسرار ومن خلال ما أودعت من أزرار ومصابیح بمجرد إثارتها لخلیة أو بعض الخلایا یشرع قسم من بدن الإنسان بالعمل أو بالعکس یتوقف عنه، فالقلب والمعدة وجهاز التنفس والعین والاذن واللسان إنّما تعمل بالأوامر الصادرة من غرفة السیطرة هذه، والفارق بین هذه الغرفة وسابقتها فی أنّ أزرارها ومصابیحها تنبض بالحیاة، کلها حیةّ تتغذى وتنمو، إلاّ أنّها صغیرة  ولطیفة للغایة.
ورغم أنّ خلایاه أکثر لطافة من أوراق الأزهار، إلاّ أنّها أکثر دواماً من الحدید والفولاذ، فهی تصلح نفسها على الدوام، کما تختلف مع کافة المکائن ذات الحرکة الرتیبة حیث تعرف بالتجدد والسیر نحو التکامل، والعجیب أنّ هذا الجهاز لا یفقد حیویته وقدرته حتى فی حالة ضعف سائر القوى البدنیة واتجاهها نحو العجز والتآکل، طبعاً بشریطة قیامه بوظیفته وعدم تعطیله.
أو لیس هذا ما نراه بوضوح لدى العلماء والمفکرین وزعماء السیاسة والاقتصاد الذین یتمتعون حتى آخر لحظات عمرهم بقدراتهم العلمیة والفکریة (باستثناء بعض الحالات)، والأمر وإن دلّ على الخصوصیة العجیبة للدماغ، فإنّه یشیر کذلک إلى استقلال الروح حیث تبقى قویة مفعمة بالعلم والقدرة رغم تآکل کافة أجهزة البدن وانحطاط قدرتها وطاقتها.
—–
 
غالباً ما نسمع أنّ الشخص الفلانی قد أصیب للأسف بسکتة دماغیة، بحیث یفقد حیاته إن کانت سکتة تامة، أمّا إن کانت جزئیة فإنّما تتوقف بعض أعضائه عن الحرکة، حیث یشل أحیاناً نصف الجسم، وأحیاناً أخرى اللسان وبعض أجزاء الوجه، وأخیراً العین والاذن التی تجعل الإنسان فی حالة یرثى لها، أحد الأصدقاء، کان یقول: کل شیء کامله حسن، إلاّ السکتة فناقصها أفضل من کاملها!
قلت: یبدو أنّ هذه أیضاً کاملها حسن، فهی تحسم حالة الإنسان، إمّا الحیاة فی هذه الدنیا وإمّا الموت فی تلک الدنیا، لا أن تترکه موجوداً مشلولاً معلقاً! طبعاً کان مرادی أنّ السکتة الدماغیة کما یظهر من اسمها هی التوقف المفاجىء لجمیع أو بعض غرفة السیطرة العجیبة.
کثیراً ما تنفجر شعیرة دمویة (وهی أنحف وألطف بکثیر من الشعرة ومسؤولة عن تغذیة الخلایا الدماغیة وإثر فقدانها لقوة الارتجاع) فتقع قطرة صغیرة من الدم على قسم صغیر من الدماغ فتفسده وتشل حرکته عن العمل.
قد یکون هذا الزر فی منتهى الصغر والنحافة هو زر السیطرة على اللسان فیتوقف اللسان فوراً عن النطق، والحال لم یشهد اللسان أی اختلال أو عارض، أو یکون مرتبطاً بالعین فتنعدم رؤیتها دون أن تتعرض بنیة العین لأی خطر وإن کان مرتبطاً بأعصاب الطرف الأیمن من الجسم فسیصاب بالشلل، وإذا عولجت القطرة الدمویة وزالت وتمّ أصلاح ذلک الزر المتوقف عن العمل، إستأنف ذلک الجهاز المرتبط بها عمله من جدید.
لقد رأیت شخصاً محترماً أصیب بالسکتة الدماغیة حیث توقف بعض جسمه إضافة إلى لسانه عن العمل، فکان أحیاناً یجهد نفسه کثیراً من أجل التلفظ بکلمة، فکان یتمتم ویتلعثم کالأطفال ثم یکف بغتة عن الکلام - إلاّ أنّ العجیب أنّه کان یقرأ سورة الفاتحة والسورة الأخرى فی الصلاة بکل طلاقة وفصاحة! فإن قلنا لعل ذلک بسبب  کثرة تکراره لهذه الکلمات، فالواقع کانت هنالک عدّة کلمات أخرى یکررها فی حیاته أکثر من تکراره لسورة الفاتحة والسورة الأخرى، وإن قلنا رغبته الشدیدة قد أثرت على جهاز النطق المشلول فجعلته ینطق، فإن ذلک خصوصیة أخرى من الخصائص العجیبة لهذا الجهاز الذی یعمل حین الشلل، وهو مشلول فی ذات الوقت..
من یسعه التصدیق بعدم وجود أی تنسیق وبرامج مسبقة للعمل فی هذه الغرفة الاستثنائیة للسیطرة، بحیث کانت هذه الاعجوبة ولیدة الصدف؟!
وهنا نقول: ألا یکفی هذا المقدار من معرفة الذات والاطلاع على أوضاع هذا المرکز العجیب لکشف أول سر من أسرار الخلیقة، والمراد به تلک القدرة والعلم المطلق الذی یدیر شؤون العالم؟
فکیف للعقل أن یخلق ما لا یملک.
أم کیف یخلق مثل هذه الآلة الحاسبة العجیبة من افتقر للحساب والنظام فی عمله وکانت الصدفة هی الممیزة لأفعاله، وکیف لمن لا یحسن الحساب والقانون أن تکون جمیع أعماله مبرمجة على أساس القانون والقاعدة؟!
وهنا تکون معرفة النفس دلیلاً وسبیلاً لمعرفة الله.

 

الاعجوبة الصناعیة لعصرناأغرب إرشیف عالمی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma