کیف نحصل على اطمئنان القلوب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
سرّالوجود
هذه الافکار تؤرق الجمیع و لا سیما الشبابلماذا أفکر؟ وهل یسلب هذا التفکیر طمأنینتنا؟

البحیرة الصغیرة تتحرک أمواجها  لأدنى نسیم  سیما إن کانت قلیلة العمق
 
لقد بلغت حدیثاً، فکنت أشعر بشخصیة جدیدة، کانت الدنیا تبدو لی بشکل آخر، غیر أنّها مشوبة بنوع من القلق والاضطراب، کانت مفردة «الاطمئنان» تبدو لی خیالیة ذات لذة ومتعة خاصة، کنت ألهث دائماً نحو الاطمئنان الروحی والاستقرار النفسی، وللأسف لم أذق منها إلاّ قلیلاً!
ولعل هذا هو السر فی أنّ هذه المفردة کانت تحمل عندی شیئاً من الذکریات الألیمة المختلطة بالأسى والحزن، کنت أشعر أحیاناً من خلال هامش نتاجات وسیرة بعض العلماء والکتّاب أنّهم یعیشون بروح مطمئنة تفیض عشقاً للحقیقة وکأنّ سلسلة أفکارهم قد اتصلت بموضع آخر، وهذا الرکن الوثیق الذی استندوا إلیه هو الذی منحهم القوّة والصمود مقابل تحدیات الواقع.
کانوا یتمالکون أنفسهم إزاء الشدائد ویتحلون بالشجاعة والاقتدار فی مجابهتهم للصعاب، حتى أنّهم کانوا یستقبلون الموت ـ رغم ما ینطوى علیه من أسرار تثیر أسئلة مقلقة ـ بکل رحابة صدر.
کنت أستمتع بهذا الاطمئنان العجیب الذی کان یسود حیاتهم، کما کنت أغبطهم علیه، إلاّ أنّی لم أعثر على بصیص من هذا الاطمئنان فی روحی کلما تأملت زوایاها وبحثت فی أحشائها.
کأنّی بروحی قد غرقت فی ظلمات دامسة، فکانت تتطلع من تلک  الظلمات إلى أشباح مرعبة ومبهمة مقرونة بمختلف الأسئلة والاستفسارات التی جعلت منها مسرحاً للهجمات، ثم کانت تمحى وتندثر وسط تلک الظلمات، کنت أحدث نفسی، ترى ما الضیر لو أصاب روحی قبس من ذلک الاطمئنان وأضاء کل زوایاها وطرد إلى الأبد هذه الأشباح المرعبة، التی تبدو وکأنّها على رباط وثیق بتلک الظلمات..؟!
کانت تلک أعظم أمنیاتی ورغباتی الباطنیة، الاُمنیة التی قد لا أظفر بها حتى فی عالم الخیال.
أمّا اُولئک العلماء فلعلهم ظفروا بذلک فی سنی النضج الفکری، حتى وفقوا لما بذلوه من جهود متواصلة، ولعلی کنت أغری نفسی بذلک.
—–
 
مازلت أذکر جیداً کم کنت قلقاً تلک السنین وفی أی أفکار کنت أغرق، کنت أشعر أحیاناً بأنّ وجودی إزاء تلک الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بأسرار الخلق وشروع واختتام الحیاة وقضیة المصیر والعاقبة وما إلى ذلک، بمثابة الریشة مهب الریح تتقاذفها هنا وهناک.
فمن الطبیعی أنّ «البحیرة الصغیرة» سیما إن کانت قلیلة العمق تتلاطم لأدنى نسیم، أمّا البحر الواسع والعمیق فیسوده نوعٌ من الاستقرار والهدوء الخاص، ولیس للعواصف سوى أن تعرقل  استقراره الظاهری دون أدنى مساس بعمقه المستقر تماماً.
والمفروغ منه أنّ اُولئک العلماء الذین یعیشون الاطمئنان الروحی الذی یدعونا إلى التعجب والذهول لدیهم تصور واضح عن الاجابة على هذه التساؤلات حتى بلغوا هذه المرحلة من السکینة والاطمئنان، فروحهم کالبحار العمیقة التی لا سبیل إلى العواصف لهز أعماقها والعبث بها (إلاّ أنّ ذلک یبدو متعذراً على الأفراد الضحلین فی بدایة السلوک).
لقد آمنوا بأنّ خلق هذا العالم لیس اعتباطاً ; حیث تفید جمیع الشواهد والقرائن التی تنطوی علیها حوادث هذا العالم المترامی الأطراف وظواهره على أنّ ذلک الخلق إنّما یستند إلى قدرة مطلقة، وهو وحده الذی بیده أزمّة العالم بأسره، وأمّا القوانین التی تنظم عالم الوجود وتشکل محوره الرئیسی فهی على درجة من الدقة والنظم والأسرار العمیقة بحیث یحتاج زعماء الفکر والعلماء إلى سنوات مدیدة لسبر أغوارها والوقوف على جانب من جوانبها، وکلما ازداد العلم البشری وتمکن من کشف بعض أسرار هذا العالم الواسع، تعرّف الإنسان على مصدر هذا العالم أکثر وتحوّل هذه العلم إلى قبس من نور الإیمان یتخلل القلوب.
إنّهم آمنوا بأنّ العقیدة الراسخة والإیمان المحکم الناشىء من تتبع لطائف هذا العالم الضخم وأسراره المذهلة إنّما یملأ القلوب بالعشق والنشاط والحیویة، العشق المرهف للمُبدىء العظیم الخالق الأصلی لهذا العالم الواسع.
إنّهم نظروا إلى جلال الحق سبحانه فذابوا فی عبودیته لیتحرروا من أغلال وقیود ما سواه، عظم ذلک الوجود المطلق فی نفوسهم فصغر مادونه فی أعینهم ومن هنا فإنّ أرواحهم لا تستشعر أی قلق واضطراب اِثر فقدانهم لبعض الأشیاء، وإنّهم وبإتکالهم على قدرة الله هبوا بکل شجاعة لمواجهة صعاب الحیاة الدنیا ومشاکلها، وقد وهبهم هذا الإیمان قوّة الأعصاب وضاعف من قدرتهم وطاقتهم بما جعلهم یتغلبون على کافّة الشدائد، لقد رأوا أنفسهم متصلة بالأبدیة، واعتقدوا أنّها نبعت من هناک وستعود إلى هناک ولذلک لیس لدیهم مفهوم للفناء والعدم الذی یؤرق فکر الإنسان ویعبث بأعصابه.
نعم إنّ قطرة ماء وسط صحراء محرقة تزول سریعاً، بینما ستستمر فی وجودها إن کانت متصلة بالبحر حیث تکتسب صبغة الأبدیة.
إنّهم یرون الموت نافذة یطلون منها على عالم جدید، عالم أوسع وألذ وأشد حیویة وأعظم نوراً من هذا العالم الذی نعیش فیه، ویمثّل مرحلة أکمل من هذه الحیاة الدنیا، ومن هنا فهم لم یروا الموت قط، بتلک الصورة المرعبة التی تقشعر لها الأبدان، وقد أصبحت هذه الأفکار جزءً من وجودهم فقد آمنوا بها بکل کیانهم وجوارحهم.
إلاّ أنّ کل تلک الأمور کانت لا تعنی لی أکثر من سراب فقد کنت حدیث العهد بهذه المفردات.


على کل حال فقد أدرکت أنّ رمز اطمئنانهم الروحی إنّما یکمن فی هذا الاُسلوب من التفکیر، غیر أنّ المؤسف له أنّ ذلک الاُسلوب من التفکیر کان متعذراً علیَّ آنذاک ولذلک کنت أشعر بحالة عجیبة من الاضطراب الروحی.
کأنّ ناراً شبت فی أحشائی فکانت تحرقنی بسعیرها، کنت کثیراً ما أخلو بنفسی وأبکی، طبعاً لا یسعنی أن أحدد بالضبط مم کان بکائی، أکانت لی ضالة؟
أکان هناک عشق یؤرقنی؟ کانت روحی مضطربة وتبحث عن الهدوء والاستقرار، بَیدَ أنّها لم تظفر به، الأمر الذی کان یزعجنی، فکنت أجهش بالبکاء کالطفل الضائع، نعم کانت الدموع تخفف من معاناتی وتطفىء سعیر النیران الملتهبة فی أحشائی ولو لمدّة قصیرة، فما تلبث مدّة حتى تشب لظى النیران من جدید فتحیط بکل کیانی، کنت أتمنى أن أشعر یوماً بالطمأنینة الروحیة، کنت صلباً تجاه الحوادث المریرة التی کانت تواجهنی فی حیاتی، کما کنت أبتسم للحیاة رغم أحزانها وآلامها، فکنت أواجه المصاعب بکل شجاعة حتى أنی لم أکن أخشى الموت، کان المستقبل یبدو لی واضحاً وخال من الغموض کالماضی، ولکن وکما قلت کنت حدیث التفکیر ولا تجربة لی.
أضف إلى ذلک فإنّی لم أحاول التماس الاطمئنان الروحی فی ظل سلسلة من الوهم والخیال البعید عن الواقع، فکنت أسعى لأن أفهم الواقع کما هو فأظفر فی ظلّه على ظالتی التی لم تکن سوى الاطمئنان.
نعم، کنت أمتلک الإیمان التقلیدی کسائر الأفراد، کما کان ذلک الإیمان مزیناً ببعض الأدلة المتواضعة التقلیدیة، إلاّ أنّ تلک الأدلة لم تکن لتقف بوجه طموحی وتشبع روحی المتعطشة، فالحق أنّ مثل هذه الأدلة لیس من شأنها الصمود أمام الشکوک والوساوس، وهکذا مرّت مدّة على هذا الاضطراب والقلق ...

 

 

هذه الافکار تؤرق الجمیع و لا سیما الشبابلماذا أفکر؟ وهل یسلب هذا التفکیر طمأنینتنا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma