کیف نفکر وبم نفکر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
سرّالوجود
موقعنا فی عالم الوجودلایمکن الاکتفاء بالاعتماد على الحس بمفرده

إنّ البؤس والشقاء لیس معلولا للحظ والطالع، بل ولید سوء التفکیر

 
«أفضل العبادة الفکر».(1)
أمیر المؤمنین علی(علیه السلام)
أحیاناً نتساءل: لِمَ نفکر؟
ما هو الخیر الذی جنیناه من هذا التفکیر؟ بل کل بلاء وعناء إنّما یصیبنا من جراء هذا التفکیر فی شؤون الحیاة والوجود والمصیر والعاقبة وما إلى ذلک.
فهل للمجانین من تفکیر وهم على هذه الدرجة من السرور والراحة؟ بل هم على هذه الدرجة من النشاط والحیویة بسبب عدم التفکیر، إنّهم یرون العقلاء یشکلون عبئاً ثقیلاً علیهم ولسان حالهم یقول: یاله من عالم رائع عالم الجنون لو نأمن من عدم تسلل العقل إلینا، فما أحرى العقّال أن یلصقوا أنفسهم بذلک العالم فیمارسون حیاتهم بعیداً عن التفکیر والحساب.
لکن وعلى هذا الأساس فإنّ العالم الأروع والأبعد قلقاً واضطراباً من عالم المجانین هو عالم الشاة، ومن هنا ترى علیها علامات السمنة والترهل، الأجهل من ذلک الخشب والحجر وهذه الجدران المحیطة بنا فهی تفتقر حتى إلى دماغ الشاة الضئیل، کما تفتقر إلى نظرها العبثی والذی لا طائل من ورائه، وعلیه لابدّ لنا أن نتمنى هذه الحیاة ونحسدها علیها.
کلا! لیس الأمر کذلک، فلسنا نفخر بأن تکون حیاتنا على غرار ما علیه المجانین أو الحیوانات أو قطع الحجر الخالیة من الروح، ولیس سعادتنا بعدم الشعور بالمعاناة والأذى، بل بالعکس لابدّ أن نتحلى بالشعور والإدراک وإن کبدنا هذا الشعور بعض الشدائد والصعاب، فلولا الشعور والفکر والإدراک لتحجر الإنسان وأخذ یراوح فی مکانه ولعاش حالة الذل والهوان على الدوام.
—–
 
الواقع أنّ جمیع الشدائد التی تصیب الإنسان هی ولیدة الهروب العابث من التفکیر فى الواقعیات وإدراکها، فعملیة خاطئة واحدة لا تستند إلى التفکیر قد تؤدّی إلى تحطیم الدنیا برمتها، فالیوم تصرف تقریباً نصف ثروة العالم ویهدر ما یعادلها من الطاقات الإنسانیة للبشریة التی تعیش على الأرض فی هذا المجال أی فی کیفیة القضاء بصورة أسرع على نسل البشریة! ففی عالمنا المعاصر لیس فقط نصف هذه الطاقات الإنسانیة بصورة جنود وصنّاع سلاح وخبراء حروب ومشرفین لوجستیین ومخترعین ومنتجین للصناعات الجبارة المدمرة فحسب، بل النصف الآخر بدوره قد سخره لیدفع به نحو الموت والعدم، والأمر أشبه بمن یشتری بنصف مرتبه مواد سامة یدخرها للقضاء علیه، أو یهبها لمن فوقه لیقتله.
والحق لو عاشت الإنسانیة التفکیر لما أصبحت الدنیا بهذا الشکل، من المسلم به أنّ التفکیر لا یقود إلى الجریمة والقتل أبداً، بل مجانبة  التفکیر وتحکیم العواطف الطائشة هی التی تخلق مثل هذه الحوادث، ومن هنا یندم الإنسان على ما یبدر منه من أعمال طائشة حین یهدأ ویفکر.
وعلیه فلابدّ أن نقرّ بأنّ أهم وظیفة لکل إنسان فی الحیاة هی التفکیر، فالتفکیر هو السبیل الوحید لحل جمیع المشاکل وتحریر الإنسان من العبودیة والقیود والأغلال وعلاج کافة أمراضه الاجتماعیة، ومن هنا صرحت بعض الروایات الاسلامیة بأنّ التفکیر أفضل العبادة، وتفکر ساعة خیر من عبادة ألف سنة.
 
الصدارة فی التفکیر:
قطعاً الشیء الأول الذی یجب علینا التفکیر بشأنه هو: من أین ابتدأ وجودنا؟ من هو مُبدىء هذا العالم؟ وکیف طوینا هذه المسیرة الطویلة؟
لیس هناک موضوع قبل ذلک ینبغی لنا التفکیر فیه، فالتعرف على مُبدىء الوجود وحل هذا اللغز من شأنه أن یساعدنا على التعرف على سائر الأسرار.
قد یقال حسناً لابدّ من استعمال قوّة الفکر، لکن ألا تنصحنا بعض المدارس الفلسفیة الحدیثة (کالبراغماتیة) بأنّ الاصالة بل الوجود بالنسبة لکل ظاهرة إنّما یتوقف على نتائجها; أی أنّ ما لا نتیجة له فی حیاتنا فلابدّ من القول بأنّه أصلاً لیس بموجود، أو لا فرق بین وجوده وعدمه فی میزان فکرنا، وما الضرورة فى التعرف على مُبدىء الوجود من حیث استمرار حیاتنا الفردیة والاجتماعیة، أو لیست بعض الشعوب کالشعب الصینی یعیش الحیاة دون حل هذه المسألة، ولعلهم یعیشون بصورة أفضل من حیاتنا، ولم یکلّفوا أنفسهم عناء المطالعة والاستغراق فی هذه القضیة المعقدة.
وهنا نقول إنّ من یحاول بهذا المنطق التنصل عن التفکیر بشأن هذه الحقیقة فهو ینسى موضوعین:
الأول: إنّه لیس هنالک نتیجة أسمى من إدراک الواقع فی أی بحث ودراسة بشأن مختلف القضایا، وبعبارة أخرى فإننا نرید العلم من أجل العلم، ونبحث الحقائق بهدف فهم واقعیتها، لا فقط لما لها من أثر فی حیاتنا (علیک بالانتباه والدقّة)، فالعلم هو الضالّة العظمى للبشر وإدراک واقعیات عالم الوجود هو آخر أهداف البشریة وتطلعاتها، ومن هنا نشاهد على مدى التاریخ البشری سعة الجهود والمساعی الجبارة التی بذلها الإنسان من أجل إدراک الحقائق، کما نشعر بدورنا بالدافع الباطنی القوی الذی یسوقنا نحو تحقیق هذا الهدف دون أن نرى أنفسنا مسؤولین عن ارتباط العلوم بحیاتنا الیومیة، فهل کل هذه الجهود والمساعی التی تبذل من أجل الوقوف على أسرار المجرات والمنظومات وکیفیة ظهور العوالم البعیدة بسبب الأثر الذی تلعبه فی حیاتنا الیومیة؟ رغم إننا وفی ظل الظروف الراهنة لا نرى أی تأثیر محسوس لها فی حیاتنا، وهکذا الجهود المضنیة التی بذلها العلماء لسنوات مدیدة من أجل التعرف، على أسرار الحیوانات والحشرات والمدنیة العجیبة التی تحکمها، فهل لهذه الأمور من تأثیرات على  حیاتنا المادیة الیومیة؟!
لماذا لا یشعر علماء الفلک والحشرات رغم هذه الجهود بالتعب؟ قطعاً لأنّهم یرون أنّ إدراک أسرار الخلیقة (مهما کانت) تعد أعظم جزاء یتلقونه تجاه زحماتهم وجهودهم، ومن هنا فهم یشعرون بالفخر والاعتزاز بعملهم، فاذا کنّا نفکر بهذا الأسلوب تجاه الموضوعات البسیطة من عالم الوجود، فهل یسعنا التحفظ عن التفکیر بشأن أعظم وأکبر مسألة تتعلق بظهور هذا العالم، أی بشأن المُبدىء الأول لعالم الخلق (على فرض عدم أثره فی حیاتنا ومصیرنا)؟
الثانی: إنّنا نستنتج من الأبحاث السابقة أنّ لهذه المسألة أثراً عمیقاً فی حیاتنا الفردیة والاجتماعیة والمادیة والمعنویة ویرتبط بها مصیرنا إلى حدّ بعید، کما أنّ إصلاح الفوضى القائمة وتجاوز الأزمات التی أفرزتها حیاة المکننة لا یمکن ولا یتمّ إلاّ من خلال الاعتقاد بذلک المبدأ.
کما لا تتحقق طمأنیتنا الروحیة وتجدد قدرتنا المعنویة تجاه مشاکل الحیاة دون الاستناد إلى ذلک المبدأ، وعلیه فکیف یقال لیس هنالک من أثر لحل هذه المسألة فی حیاتنا الیومیة ولابدّ من تنحیتها وعدم إرهاق الفکر بشأنها؟


1. غرر الحکم، ح 2907.

 

 

 

موقعنا فی عالم الوجودلایمکن الاکتفاء بالاعتماد على الحس بمفرده
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma