الاعجوبة الصناعیة لعصرنا

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
سرّالوجود
دور العقل فی تسدید الحسغرفة ذات أسرار

الشعور الذی ساورنی حین رأیت لأول مرة العقل الألکترونی المجهز

 
نشعر الآن باستعدادنا لابتداء السفر إلى ماوراء الحس، لکن من البدیهی أن تکون انطلاقتنا من عالم الحس، تعالوا نبدأ سفرنا من داخل أنفسنا، ونرکز بادىء الأمر على الدماغ الذی نفکر به، وأرانی مضطراً قبل ذلک لأن أصحبکم لمشاهدة الدماغ الألکترونی لکی یتضح لدینا سبیل البحث.
—–
 
کنت أتصور کسائر الأفراد أنّ العقل الألکترونی کما یبدو من اسمه أعجوبة حیث یقوم فی مدّة قصیرة بما یؤدّیه مئات العقول والأدمغة البشریة، وفی الحقیقة فقد حطم جدار «استحالة زیادة الفرع على الأصل» لیتحول إلى جهاز ینبغی لنفس الإنسان أن یلتمسه ویرجوه لحل مشاکله. مهد الأصدقاء الفرصة أمامنا لمشاهدة هذه الأعجوبة الصناعیة والتی کانت مستخدمة فی إحدى المؤسسات الصناعیة الکبرى، کان جهاز بحجم آلة طابعة کبیرة (بضعة أمتار مکعبة مع عجلة ولوالب وصامولات وما کنة معقدة على غرار أغلب المکائن).
حکى الأصدقاء بعض القصص والحکایات عن فنیة هذا الجهاز فقالوا، لو کتب اسم السفینة الفلانیة على بطاقة مخصوصة (طبعاً لیس المراد الکتابة بالقلم، بل باللسان الذی یتعامل به ذلک الجهاز من  خلال الثقوب المختلفة التی کانوا یعملونها على البطاقة) ووضعت فی الجهاز لتطبع خلال مدّة قصیرة کافة تفاصیل تلک السفینة ومدّة الشحن والسفّان وسائر الأمور ولقدّمها لنا بالخط اللاتینی الواضح دون أی أخطاء.
کما قالوا: لو أمرت هذا الجهاز (العقل الألکترونی) بأن یرسم خارطة الجزیرة الفلانیة، لقام فوراً برسم خارطة رائعة جمیلة لتلک الجزیرة بکافة تفاصیلها ولسلمها لک بعدّة نسخ بما یجعلک تعیش الدهشة والحیرة، والأهم من کل ذلک لو طرحت بعض المطالب على شکل أسئلة بحیث یجب أن تستفید من عدّة بطاقات بأرقام متسلسلة وحشرت بعضها خطأ، فان الجهاز یتوقف بمجرد وصوله إلى البطاقة الخاطئة فتدور عتلة بسرعة فائقة لیطالعک خط واضح بأنّک وضعت البطاقة بصورة مخطوءة، وما ینبغی لک أن تقوم به لإصلاح ذلک.
ولما کان هذا العمل یدعو ـ أکثر من غیره ـ للذهول والدهشة فقد تقرر أن یعملوا ذلک ویجربوه لنا عملیاً، فقد اختاروا عشرة بطاقات للسؤال کتبت علیها بعض المطالب، وکان من المقرر ترتیبها مع بعضها ووضعها فی الجهاز لیتلقوا الاجابات السریعة علیها، وهنا عمد المهندس المسؤول إلى ارتکاب خطأ، مثلا جعل البطاقة رقم «5» بدل البطاقة رقم «6» ثم ضغط زر الجهاز، فقام سریعاً بدراسة ومطالعة بطاقات الأسئلة، فلم یکد یصل البطاقة رقم «6» حتى توقف، فباشر العمل جهاز کشف الأخطاء ودارت العتلة بسرعة فائقه لتصدر هذه العبارة بالانجلیزیة على سبیل الأمر: «لقد وضعت البطاقة رقم «6» خطأ، استبدلها بالبطالة رقم «5» ولا تکرر ذلک ثانیة...؟».
وهنا بلغ إعجابی ذروته، یاله من «رقیب» و«عتید» عجیب، یقوم بأعمالنا أسرع وأفضل، کما یضبط أخطاءنا ویهدینا إلى إصلاحها وکأنّه أستاذ خبیر ماهر؟ یالها من حافظة؟ یاله من ذکاء؟ یالها من دقة وصراحة منطقیة؟ لقد صنع الإنسان شیئاً فاقه قدرة، بل سیمارس سلطته وسیادته على هذا الإنسان، ومن یدری لعلهم حبسوا فیه بعض الأرواح الرفیعة والشیاطین! یا إلهی!...
طبعاً کان إلى جانب ذلک الجهاز المذهل مخزن کبیر نسبیاً، ولما مد أحد الأصدقاء یده من قریباً منه وإذا به یخرج شریطاً ضخماً وقال: هذه إحدى حافظات عقلنا الألکترونی حیث یتمّ من خلالها تبادل الأسئلة بیننا وبین الجهاز.
أخیراً أدرکنا أنّ هذه الأعجوبة، کأغلب الأفراد فی زماننا، لها ظاهر وباطن! لا یمکن لهذا الجهاز العجیب أن یجیب على کل سؤال، بل یقتصر على الأسئلة التی أعدت أجاباتها مسبقاً مثل الشریط وقد أودعت فی حافظته، فإن رسم خارطة جغرافیة، فسابقاً أودعوا حافظته مثلاً خارطة الجزیرة الفلانیة، فإن أمرته برسمها، فإنّ هذا السؤال یحرک نقطة معینة فی الحافظة ویشرع الشریط بالعمل ویسلمک الخارطة التی أودعها العالم الفلانی حافظته مسبقاً، وعلیه فإن أودعت حافظته مائة فرع علمی، ثم سألوه عن الفرع مائة وواحد لما أجاب...!
الواقع إنّ هذا الجهاز بمثابة ببغاء ضخم وسریع وخفیف ذی عدّة  أسرار یقول کل ما أودع وقیل له قل، والجهاز وإن فاق الإنسان کسائر المکائن والآلات فی سرعة العمل، إلاّ أنّه ورغم هذه القدرة الظاهریة والخلابة لیس له أدنى قدرة على الإبداع والإبتکار، فهو لیس إلاّ حافظة، وعلى العکس من دماغ الإنسان الذی یسعه بیان عالم من الإبداع بما یتناسب والحوادث التی تقع.
وهنا اتّضح أنّ هذه الأعجوبة الصناعیة ومهما کانت سعتها فهی محدودة بما یودع فیها... لا أکثر من ذلک، والحال دماغ الإنسان لیس بمحدود وله القدرة على التفکیر بالأسئلة المستجدة غیر المطروحة والإجابة علیها.
فلو فرض أن اجتمع کافة علماء وخبراء العالم واتفقوا، بدلاً من التنافس الخاطىء والتسابق من أجل إنتاج وصنع الأسلحة الفتاکة، على صنع عقل ألکترونی بحجم مدینة کبیرة، بل بقدر جبل عظیم وجعلوا له أشرطه حفظ کثیرة بحیث لا تسعها أعظم مخازن ومستودعات العالم، وتغذى بکافة المسائل العلمیة، فإذا برزت أیّة مشکلة فی المباحث الأدبیة والطبیة والصناعیة والفلسفیة والریاضیة والاقتصادیة و... توجهوا بالسؤال لأعجوبة الدهر هذه فیحصلوا على الجواب المناسب بأقصى سرعة، کما یقوم آلاف المهندسین بالاشراف على ذلک الجهاز وصیانته.
والسؤال المطروح: هل سیکون لهذا الدماغ العظیم والضخم الألکترونی وبجمیع هذه المفردات قیمة دماغ الإنسان الذی لایزن أکثر من کیلو غرام ونصف؟ لابدّ من القول صراحة: لا، کلا، أبداً!...
وذلک لأنّ قدرته ونشاطه محدود بما أودع به من حافظات، وهو عاجز إزاء المسائل الجدیدة غیر المتکهن بها، لیس له من إبداع أبداً، وعمله ملزم بالتعلق بالماضی، لا بالمستقبل حیث تبقى مثل هذه المسائل مستعصیة علیه، والحال لایعرف دماغ الإنسان من معنى للماضی والحاضر والمستقبل، وما یستجد بعد آلاف السنین، فله أن یفکر فی کل المسائل ویجیب علیها حسب قدرته.
—–
 
کانت مشاهدة ذلک العقل الألکترونی تمثل بالنسبة لی درساً عظیماً فی التوحید، الدرس الذی لم أسمعه قبل ذلک أبداً، حیث فتحت لی هذه المشاهدة نافذة على عالم ماوراء الطبیعة، کما بعثت شعاعاً جدیداً من الإیمان فی قلبی، فکرت مع نفسی لو قال أحدهم: لقد صنع ذلک الجهاز الالکترونی الجبار بتلک العتلة الکاشفة للأخطاء وسرعة العمل الهائلة الفریدة، وتلک المثابرة والمطالعة الدقیقة من قبل عامل أمی لیس له أیّة معلومات فنیة أو من قبیل الصدفة، فهل کان هناک من یصدق هذا الکلام؟ ألا یضحک الجمیع علیه بسبب هذا الزعم الأجوف، بل لو زعمت الدنیا برمتها ذلک لما وسعنی إلاّ القول بأنّها على ضلال، وأنا مستعد لنعتهم بالمجانین، بدلیل أنّهم یقولون ما لا ینبغی أن یتفوه به عاقل!
فهل والحال کذلک أستطیع التصدیق بأنّ دماغ الإنسان الذی لا یزن أکثر من کیلو ونصف، وهو ما علیه من الإبداع والنشاط الذی لا  یعرف الحدود، وتفوق قدرته ذلک العقل الألکترونی الذی له حجم مدینة کبیرة، أنّه من قبیل الصدفة دون أن یکون هناک من برامج وخطط بهذا الشأن؟ لیس لعاقل أن یصدق ذلک أبداً.
ولهذه الحقیقة الجلیّة أن تلفت اهتمام عامة علماء العلوم الطبیعیة نحو القدرة التامة والعقل الکل والحکمة المطلقة لما وراء الطبیعة، وقد التفت إلى ذلک الکثیر من العلماء من قبیل أنشتاین وداروین وفلاماریون و... لیصرحوا بأنّه الله.
بینما اکتشف البعض الاخر حقیقته فقط حیث سلکوا طرقاً أخرى فی تسمیته، وخلافاً لما یتصوره الأعم الأغلب فلیس هنالک من خلاف بین العلماء بشأن وجود العقل الکل، والاختلاف على تسمیته حیث یصطلح علیه البعض بالطبیعة بینما یسبغون علیها صفات الله من قبیل العلم والقدرة.

دور العقل فی تسدید الحسغرفة ذات أسرار
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma