دور العقل فی تسدید الحس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
سرّالوجود
جواز سفر لعالم ماوراء الحسالاعجوبة الصناعیة لعصرنا

قلنا: إنّه لدینا الیوم مختبرات فی علم النفس تضم سلسلة من الوسائل والأدوات المادیة لقیاس صفات الإنسان وروحیاته، فبعض الصفات من قبیل الدماثة والتحمل وسرعة الانتقال والدقة و... کل ذلک یقاس بالعقارب والصفحات ذات الاشارات على غرار سرعة سیر السیارة التی تحسب بواسطة مقیاس السرعة.
ولعل الکلام عن وجود مثل هذه المختبرات یبدو غریباً لمن لم یرها لأنّ روح الانسان لیست کالدم لیقاس ضغطه.
لکنّی ککثیر من الناس رأیت ذلک فی بعض المختبرات المجهزة، مثلا إذا اُرید امتحان المثابرة والتحمل لدى شخص، فهناک جهاز له زون معین (لا ثقیل ولا خفیف) ینبغی أن یمسکه الشخص المطلوب اختباره ویرفع یدیه بصورة منتظمة جانبی جسمه لتشکل خطاً أفقیاً مع کتفیه، کما یربط شریطاً خاصاً بیده یکون موصولا بسلک الکترونی، ففی کل مرّة یرفع یده یسجل الجهاز درجة، إلى جانب ذلک فإن رفع الید للحد المطلوب له علامة واضحة فی الجهاز.
طبعاً یتلقى الشخص أوامر منتظمة بحرکة یدیه دون أن یقال له لأی اختبار یخضع، وطبیعی أنّ الأفراد الذین لا یملکون التجلد والمثابرة إنّما یسأمون سریعاً من هذا العمل الرتیب والذی یبدو لاطائل من ورائه فلا یرفعون أیدیهم إلى الموضع المطلوب بعد تحریکها مرتین أو ثلاثاً، فتشیر العقارب إلى التفاصیل على الشاشة الخاصة حیث تعکس عدم التحمل الطبیعی لهذا الشخص، وبالعکس  فإنّ الفرد المثابر والمتحمل یرفع یدیه على الدوام وبصورة منتظمة إلى المستوى المطلوب فتتضح درجة تحمله لیعلم مثلا أن هذا الفرد یصلح للأعمال الرتیبة والمتعبة التی تتطلب تحملا کبیراً.
وهکذا توجد أجهزة أخرى تختبر الدقّة وسرعة الإیعازات السمعیة والبصریة، والاستعداد للقیام بأعمال معینة ومدى الحب والرغبة بالعمل وما إلى ذلک.
من جانبی لما رأیت هذه الأجهزة فکرت مع نفسی أنّ جمیع الأشیاء فی عصرنا الراهن قد اتخذت صبغة حسیة، ولعله یأتی الیوم الذی یقاس فیه مدى نفرتنا من الشخص الفلانی أو الشیء الفلانی ومقدار الکبر والحسد والبغض لدى هذا وذاک، بنفس الدقّة التی یسجل فیها المحرار درجات الحرارة.
ولعل الأعم الأغلب سمع عن جهاز معرفة الکذب حیث تشیر عقاربه على الشاشة الخاصة لصدق کلام الإنسان من کذبه، والجهاز المذکور لیس من قبیل الأجهزة السحریة والمشبوهة المعقدة کما یظن البعض ذلک، وأساسه هو تأثیر الصدق والکذب فی الإیعازات العصبیة ومن ثم فی الدورة الدمویة وضغط الدم ونبض القلب.
لکن ورغم کل ذلک فهناک حقیقة لایمکن انکارها، وهی عدم جدوى الحس مالم یخضع لسلطة العقل; حیث یمکن الإشارة إلى فلسفة هذه السلطة على صعید (الإصلاح والتجرید والتعمیم والعلیة والتقنین) وإلیک تفصیل کل واحد منها:
أمّا «الإصلاح» فکما قلنا إنّ حواسنا ترتکب مئات الأخطاء،  ولدینا عدّة أبحاث فی کتب علوم النفس بشأن أخطاء الحواس، وهنا نتساءل: من هذا الذی یقف ویرصد أخطاء الحس؟
لا شک إنّه سلطة العقل والنتائج التی یحصل علیها من خلال مقارنة الحوادث، مثلا یحکم العقل والمنطق باستحالة اجتماع الضدین فی آن واحد ومحل واحد، وعلیه فالماء لا یمکن أن یکون فی لحظة واحدة حاراً وبارداً.
فإن کانت یدنا الیمنى سابقاً فی ماء حار والیسرى فی ماء بارد، وغمرناهما فی ماء شبه حار فإن أخبرتنا الید الیمنى ببرودته والیسرى بحرارته فهما کاذبتان، لأنّ الماء الواحد یستحیل أن یتصف بحالتین متضادتین فی آن واحد، ویعزى هذا الخطأ إلى حاستنا اللامسة التی تأثرت بالحالة السابقة،
وهنا یتضح دور العقل والذهن فی إصلاح أخطاء الحواس.
وأمّا بشأن «التجرید والتعمیم والتقنین» فدور العقل أوضح.
فقد تقذف زجاجة نافذة باب غرفتنا بحجر فتکسر، فهذه حادثة حین یراها الإنسان لأول مرّة فی حیاته لا یمکنه أن یقف على قانون کلی وأساسی لهذه الحادثة، فلعل کسر الزجاجة کان بسبب ذات الزجاجة أو ذلک الحجر أو ذلک المکان أو تلک اللحظة وما إلى ذلک.
مرّة أخرى یقذف حجر آخر على زجاجة فی مکان وزمان آخر فتکسر، فالحسّ من جانبه وکالمرة الأولى یدرک الحادثة، حیث نسمع بأذننا صوت تکسر الزجاجة، ونرى بعیننا تساقط قطعاتها على الأرض، أمّا من حیث الحس فإنّ أی منهما لیس بقانون، بل حادثتان،  (وعدّة حوادث مشابهة أخرى) مع بعضهما ویخضعهما للتحلیل.
بادىء ذی بدء یحذف قیود الزمان والمکان وجنس الزجاجة ومقدار الحجر و... ثم یعمم بالتجرید هذه الحادثة على سائر الموارد، وبعد القیام بهذه المطالعات یخلص إلى قانون فیقول «الحجر یکسر الزجاجة».
فهذا قانون عقلی حاصل من عدّة نتائج وأفعال رتبه الذهن على أساس الحوادث الحسیة، ففی هذا القانون «حجر وزجاج وکسر» معنى واسع شامل ینسحب على عدّة موارد لم یرها الإنسان قط، ویمکن لکل فرد فی ظلّه أن یتکهن بالحوادث المشابهة لهذه الحادثة فی حیاته.
فالبحث الذی أوردناه بشأن هذا المثال البسیط یصدق على أهم وأدّق الاختبارات العلمیة، یعنی لولا تدخل سلطة العقل سوف لن یکون هناک أی قانون علمی (علیک بالدقّة).
النقطة الأخرى التی تواجه انکار أتباع مدرسة (الأفکار ما وراء الحس) هی أنّ أوثق العلوم الیوم هی العلوم الریاضیة، فالنتائج المتحصلة من القضایا الریاضیة المعقدة ومختلف المعادلات هی أوثق حتى من المسائل الحسیة، ولولا اسعاف الریاضیات للعلوم التجریبیة لما استطاع الإنسان قط شق طریقه إلى الفضاء ولا تمکن من النزول على سطح القمر.
فلابدّ أن تعد العقول الالکترونیة وعلماء الریاضیات مسبقاً کافّة الحسابات اللازمة لهذا العمل وتوفر جمیع الإمکانات الضروریة له.  
وبالرغم من کل ذلک فإنّ المسائل الریاضیة هی مسائل ذهنیة حسیّة، وهی تدور حول مجموعة من المخلوقات الذهنیة التی یصطلح علیها بالعدد وما شابه ذلک.
وعلى هذا الأساس فکیف نقتصر على مرحلة الحس ونلغی ما ورائه؟
تمکنا لحد الآن من تمهید السبیل أمام المطالعة فی حقائق الوجود وإن کانت خارجة عن دائرة الحس المحدودة والصغیرة، وقد تسلمنا جواز السفر نحو العالم ماوراء الحس، ومن هنا نؤکد لأولئک الذین یخشون مطالعة ماوراء المحسوسات، أن لا سبیل أمامهم سوى سلوک هذا الطریق.

 

جواز سفر لعالم ماوراء الحسالاعجوبة الصناعیة لعصرنا
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma