هذه الافکار تؤرق الجمیع و لا سیما الشباب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
سرّالوجود
المقدمةکیف نحصل على اطمئنان القلوب

أننا نبحث عن الجدید دائماً، وندین إلیه بالفضل فی نشاطنا وحیویتنا، ولو کانت الحیاة رتیبة، لسئمناها وفارقناها مسرعین.
ولعل ذلک هو السبب فی تجدد أشکال وصور حوادث الحیاة کل یوم، بهدف إلفات نظرنا إلیها وجلب انتباهنا نحوها، کما یمکن أن یعزى سر مضاعفة النشاط لدى الشباب، وأعظم منه لدى الأطفال، إلى ذلک الأمر، حیث یرون أکثر من غیرهم أنّ الدنیا تحمل أکثر من جدید.
أنا أیضا حین أفقت لنفسی آنذاک، وشق فکری سبیل الاستقلال، وهی الفترة التی اصطلح الناس على تسمیتها بالبلوغ، کان کل شیء بالنسبة إلیَّ جدیداً، إلاّ أننی کنت أستغرق أکثر فی «أسرار الوجود»، وکانت هنالک عدّة أسئلة تشغل ذهنی، وکانت تبدو لی تلک الأسئلة بمثابة جبال شماء وخطیرة مرعبة تخترق بقممها الحادة والمرتفعة قلب سماء الفکر البشری وتغوص فی أعماقه، کنت أشعر بالضبط أنّ أفکاری تجاه هذه الأسئلة بمثابة زورق صغیر إضطرب وسط أمواج بحر متلاطم عمیق، فأتمنى أحیاناً أن تغادر روحی هذا القفص المسمى بالجسد فتعیش الحریة وتحلق مع الملائکة التی تجوب السموات لعلی أظفر بضالّتی هناک وهی الاجابة على هذه الاستفسارات.
حقّاً کانت تلک الاسئلة بمثابة حجر ثقیل تربع على صدری وأخذ ینهش روحی، لکن کان عزائی فی الأمل بالتوصل إلى الاجابة فی یوم من الأیّام، نعم کنت أعیش بهذا الأمل.
والآن اسمحوا لی باستعراض تلک الأسئلة التی تثقل کاهل الروح، لأنی عازم على أن أصور لکم الشعور الذی کان ینتابنی آنذاک.
* کنت أتساءل: ما الهدف والغایة من کل هذه الکواکب المضیئة اللامعة وهذه المجرّات والمنظومات والعوالم الضخمة ذات الأسرار العظیمة والتی لا تبدی لنا سوى جانباً من روعة وجودها وتثیر لدینا العدید من الأسئلة والاستفسارات وتحیط قلوبنا بهالة من الوسواس والحیرة؟ بل ما هو الهدف الرئیسی من عملیة الخلق؟
* ما الهدف من وجودنا فی هذا العالم؟
من أین جئنا؟
وأین سنذهب؟
وما النتیجة المترتبة على ذهابنا وإیابنا؟
لم یکن لدینا أی اختیار فی خلقنا، بدلیل إنّنا لم یستشرنا أحد لا فی زمان ولادتنا ولا فی مکانه، ولا فی أی شأن من شؤون وجودنا، وعلیه فما دورنا فی هذا الوسط؟!
* هل من خالق لعالم الوجود وقد أرساه على ضوء خطة وهدف ثم سینتهی به إلى غایة محددة طبق تلک الخطة المرسومة؟ أم أصبح بهذا الشکل صدفة اِثر عوامل غامضة لیست مبرمجة ودونما أی هدف وغایة، وبالتالی فهو یسیر نحو العشوائیة، بدون خطة ولا فکر ولا هدف؟
* مسألة الزمان هی الأخرى من الأمور التی کانت تؤرق فکری، فما هذا الزمان، ومن أین أتى وإلى متى سیکون باقیاً؟ وکیف کان العالم قبل إنبثاق الزمان؟
ولو لم تکن هناک کرة أرضیة وشمس وقمر، وکنّا نعیش حیاة رتیبة فی بقعة من هذا الفضاء اللامتناهی، کیف کنا سنشعر بدوران عجلة الزمان؟ هل کانت هذه الدقائق والساعات تثقل فکرنا فی تلک الحالة؟
* هل حقّاً لدینا مصیر معین مرسوم لنا مسبقاً وعلینا التسلیم له شئنا أم أبینا؟ فإن کان الأمر کذلک، أفلیس من العبث أن نجهد أنفسنا من أجل السعادة والموفقیة، وهل یمکن تغییر المصیر؟!
* اللغز الآخر الذی کان یعکر فکری ویرهق ذهنی هو التفکیر بهذه الروح التی تکاد تکون أقرب إلینا من کل شیء!
هذه نماذج من الاسئلة المزعجة التی لا نهایة لها والتی کانت تدور فی خلدی، أسئلة بشأن أسرار خلق الإنسان، والسرّ الذی ینبعث منه الوجود، وهکذا قضیة المصیر وسائر القضایا من هذا القبیل.
نعم، کانت هذه الاسئلة کالسحب المتراکمة التی غطت جوانب فکری وجعلت تمارس ضغوطها علیه، صحیح أنّی نشأت وسط أسرة دینیة، وکنت کالآخرین أملک إیماناً تقلیدیاً بالبارىء سبحانه، ولکن أنى لی الاکتفاء بهذا القدر المتواضع من الإیمان، والاستسلام لهذه الأجوبة دون قیام أی دلیل منطقی علیها؟
وممّا لاشک فیه هو أنّ بروز هذه الأفکار دلالة على تحرکة الحیاة  وسلوک طریق طویل شاق وخطیر.
فترة البلوغ وثورة التساؤلات
الآن وبعد أن بیّنت لکم نبذة من حیاتی الماضیة، ووقفتم على الأفکار التی کانت تدور فی ذهنی آنذاک، أرى من الضرورة بمکان أن أضیف هذه العبارة وهی أنّ المطالعات اللاحقة دلت على أنّ مثل هذه الأفکار إنّما تحدث لأغلب الأفراد تزامنا مع فترة البلوغ أو تتأخر عنها قلیلاً، حیث تکون تلک الفترة قصیرة وعابرة لدى البعض، وبالعکس قد تکون طویلة ومریرة على البعض الآخر.
لکن أتعلمون أنّ ظهور مثل هذه الأسئلة فی ذهن الإنسان لا یدعو إلى أی قلق واضطراب، بل بالعکس فذلک علامة على الاستقلال الروحی والنضج الفکری ودلیل على تفتح استعداداته وقابلیاته الباطنیة؟!
نعم، هذه علامات تبث الأمل فی بلوغ الإنسان مرحلة جدیدة من حیاته; أی أنّ جمیع الأفراد الذین یتزامن نضجهم الفکری مع بدایة بلوغهم الجسمی والفسلجی، فإنّهم یعومون فی سنی البلوغ فی بحر من هذه الأفکار، بحیث یتشبثون بکل وسیلة من أجل الخلاص منها - أمّا من یتأخر نضجهم الفکری فإنّ المدّة قد تطول لتخترق زوایا أفکارهم مثل هذه الأسئلة.
وبالطبع فإنّ الأفراد الذین یعیشون حالة طفولیة من الناحیة الفکریة والنفسیة، فإنّهم لا یرون قط حالة النضج العقلی، فلیس هنالک مثل هذه الأسئلة التی تؤرقهم، فهم یعیشون على الدوام حالة من الاستقرار الممزوجة بالجهل، فلا یشعرون أبداً بحالة من الاستقلال  الفکری!
على کل حال، ینبغی علیکم ألا تشعروا بالقلق من ظهور مثل هذه الأفکار، فهی دلالة على نضجکم الفکری وأنّکم قد وردتم مرحلة جدیدة فی الحیاة، ألا وهی مرحلة البلوغ الفکری.
فإن راودتکم مثل هذه الأفکار فاعلموا أنّکم تخطیتم مرحلة التقلید والتبعیة ودخلتم مرحلة الاستقلال، فینبغی لکم أن تجدّوا وتجتهدوا وبکل هدوء للظفر بالحلول المنطقیة والمقنعة لهذه الأسئلة والاستفسارات.
طبعاً قضیة مراودة هذه الأفکار وإن کانت تدعو للأمل والتفاؤل، إلاّ أنّها قد تشکل ظاهرة خطیرة إن لم تجد هذه الأسئلة بعض الأجوبة الصحیحة، لأنّ الجهد الممتزج بالأمل فی هذه الحالة یتحول إلى نوع من الخمود والیأس والتشاؤم، لذلک یشاهد العدید من الشباب الذین لم یحصلوا على ردود صحیحة لهذ الأسئلة وبغیة الهرب من شباک مثل هذه الأفکار، قد لجأوا إلى المسلّیات الخاطئة والإشباع الطائش لغرائزهم المستعرة، فی محاولة للحصول على استقرار زائف وکاذب.
على کل حال، فمن الطبیعی عندما یقتحم الإنسان وسطاً جدیداً، فإنّ کل شیء سیکون لدیه مبهماً ومدعاة للتساؤل والاستفسار، فیسعى من خلال ما یملک من فکر لاختراق حجب هذا الابهام والوقوف على الحقیقة، إلاّ أنّ حداثة هذه الأجواء إنّما تبدأ حین یرد الإنسان مرحلة البلوغ، وهنا یرى کل فرد العالم بصورة جدیدة، وبالطبع ترافق ذلک عملیة انبثاق مختلف الأسئلة والاستفسارات، وبناءً على هذا فلا ینبغی لکم أن تشعروا بأی امتعاظ من مخالجة هذه  الأفکار لأذهانکم، بل علیکم أن تنظروا إلیها بکل تفاؤل وسرور.

 

المقدمةکیف نحصل على اطمئنان القلوب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma