هو الشاهد فی کل مکان!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة یونس / الآیة 59 ـ 61 بحوث

کان الحدیث فی الآیات السابقة عن القرآن، والموعظة الإلهیّة والهدایة والرحمة فی هذا الکتاب السماوی، وتتحدث هذه الآیات عن قوانین المشرکین المبتدعة والخرافیة وأحکامهم الکاذبة، لأنّ الذی یؤمن بالله ویعلم أنّ کل المواهب والأرزاق منه، یجب أن یقبل هذه الحقیقة أیضاً، وهی أنّ بیان حکم هذه المواهب من حیث الحلیة والحرمة بیده، وإنّ التدخل فی هذا العمل بدون إذنه عمل غیر صحیح.

الآیة الاُولى وجهت الخطاب إلى النّبی (صلى الله علیه وآله) وقالت: (قل أرأیتم ما أنزل الله لکم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالا ) إذ أنّهم طبقاً لسننهم الخرافیة حرموا قسماً من الدواب باسم «السائبة» و«البحیرة» و«الوصیلة (1) »، وکذلک حرّموا جزءاً من محاصیلهم الزراعیة، وحرموا أنفسهم من هذه النعم الطاهرة المحلّلة، إضافةً إلى ذلک فإنّ کون الشیء حراماً أو حلالا لیس مرتبطاً بکم، بل هو مختص بأمر الله خالق تلک الموجودات.

ثمّ تقول: (قل آلله أذن لکم أم على الله تفترون )، أی إنّ لهذا العمل صورتین لا ثالث لهما: فإمّا أن یکون بإذن الله، أو أنّه تهمة وافتراء، ولما کان الاحتمال الأوّل منتفیاً، فلم یبق إلاّ الثّانی.

الآن وقد أصبح من المسلم أنّ هؤلاء بهذه الأحکام الخرافیة المبتدعة، إضافةً إلى أنّهم حُرموا من النعم الإلهیّة، فإنّهم قد افتروا على الساحة الإلهیّة المقدّسة، ولذلک تضیف الآیة: (وما ظنّ الّذین یفترون على الله الکذب یوم القیامة إنّ الله لذو فضل على الناس ) ولذلک فإنّه لسعة رحمته لا یعاقب هؤلاء فوراً على أعمالهم القبیحة.

إلاّ أنّ هؤلاء بدل أن یستغلوا هذه الفرصة الإلهیّة ویشکروا اللّه على ذلک وینیبوا إلیه، فإنّ أکثرهم غافلون: (ولکن أکثرهم لایشکرون ).

ویحتمل فی تفسیر هذه الآیة أیضاً، أن کون کل هذه المواهب والأرزاق ـ عدا الأشیاء المضرة والخبیثة المستثناة ـ محللة هو بنفسه نعمة إلهیّة کبرى، وإنّ کثیراً من الناس بدل أن یؤدّوا شکر هذه النعمة، فإنّهم یکفرون بها، ویحرمون أنفسهم من هذه النعمة بأحکامهم الخرافیة وممنوعاتها.

وحتى لایتصور أحد أنّ هذه المهلة الإلهیّة دلیل على عدم إحاطة علم الله سبحانه بکل أعمال هؤلاء، فإنّ آخر آیة من آیات البحث تبیّن هذه الحقیقة بأبلغ عبارة وتوضح أنّ الله مطّلع على کل ذرات الموجودات فی خفایا السماء والأرض، ومطّلع على دقائق أعمال العباد، فتقول: (وماتکون فی شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلاّ کنّا علیکم شهوداً إذ تفیضون فیه ) (2) .

«الشهود» جمع شاهد، وهو فی الأصل بمعنى الحضور المقترن بالمشاهدة بالعین أو القلب أو الفکر، والتعبیر بالجمع إشارة إلى أنّ الله سبحانه لیس وحده المراقب لأعمال البشر، بل إنّ الملائکة المطیعین لأمره مطّلعون أیضاً على کل هذه الأعمال وناظرون إلیها.

وکما أشرنا سابقاً، فإنّ التعبیر بصیغة الجمع فی حق الله سبحانه مع أنّ ذاته المقدّسة أوحدیة من جمیع الجهات، إشارة إلى عظمة مقامه، وأنّ له دائماً مأمورین مطیعین مستعدین لتنفیذ أمره والواقع فإن الکلام لیس عن الله وحده، بل عنه وعن کل هؤلاء المأمورین المطیعین.

ثمّ تعقب الآیة على مسألة اطلاع الله على کل شیء بتأکید أکبر، فتقول: (وما یعزب عن ربّک من مثقال ذرّة فی الأرض ولا فی السماء ولا أصغر من ذلک ولا أکبر إلاّ فی کتاب مبین ).

«یعزب» مأخوذة من العزوب، وهو فی الأصل بمعنى الإبتعاد عن البیت والأهل فی سبیل إیجاد وتهیئة المراتع للأغنام والحیوانات، ثمّ استعملت بمعنى الغیبة والإختفاء بصورة مطلقة.

«والذّرة» بمعنى الجسم الصغیر جدّاً، ولذلک یقال للنمل الصغیر: ذرة، ولمزید التوضیح راجع تفسیر الآیة 40 من سورة النساء.

«الکتاب المبین» إشارة إلى علم الله الواسع، والذی یعبر عنه أحیاناً باللوح المحفوظ، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع فی تفسیر الآیة 59 من سورة الأنعام.


1. «البحیرة» هی الحیوان الذی یلد عدّة مرّات، و «السائبة» هو البعیر الذی أنتج عشرة أو اثنی عشر ولداً، و «الوصیلة» کانت تطلق على الغنم إذا ولدت سبعة بطون. ولمزید التوضیح راجع تفسیر الآیة 103 من سورة المائدة.
2. لقد أرجع البعض ضمیر «منه» إلى «الله»، أی (إنّ الآیات التی تتلوها من الله)، إلاّ أنّ الضمیر یرجع إلى الشأن أو القرآن ظاهراً، کما قاله کثیر من المفسّرین، أی الآیات التی تتلوها فی کل عمل مهم، أو الآیات التی تتلوها من القرآن.
سورة یونس / الآیة 59 ـ 61 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma