صفات المؤمنین الحقیقیین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 71 ـ 72 سورة التّوبة / الآیة 73

مرّ فی الآیات السابقة، ذکر بعض الصفات المشترکة بین المنافقین، الرجال منهم والنساء، وتلخصت فی خمس صفات: الأمر بالمنکر، والنهی عن المعروف، والبخل وعدم الإنفاق، ونسیان الله سبحانه وتعالى، ومخالفة وعصیان أوامر الله.

وتذکر هذه الآیات صفات وعلامات المؤمنین والمؤمنات، وتتلخص فی خمس صفات أیضاً، فتقابل کل صفة منها صفة من صفات المنافقین، واحدة بواحدة، لکنّها فی الإتجاه المعاکس.

وتشرع الآیة بذکر صفات المؤمنین والمؤمنات، وتبدأ ببیان أنّ بعضهم لبعض ولی وصدیق (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولیاء بعض ).

إنّ أوّل ما یلفت النظر أنّ کلمة (أولیاء) لم تُذکر أثناء الکلام عن المنافقین، بل ورد (بعضهم من بعض) التی توحی بوحدة الأهداف والصفات والأعمال، ولکنّها تشیر ضمناً إلى أنّ هؤلاء المنافقین وإن کانوا فی صف واحد ظاهراً ویشترکون فی البرامج والصفات، إلاّ أنّهم یفتقدون روح المودة والولایة لبعضهم البعض، بل إنّهم إذا شعروا فی أی وقت بأنّ

منافعهم ومصالحهم الشخصیة قد تعرضت للخطر فلا مانع لدیهم من خیانة حتى أصدقائهم فضلا عن الغرباء، وإلى هذه الحالة تشیر الآیة 14 من سورة الحشر: (تحسبهم جمیعاً وقلوبهم شتّى ).

وبعد بیان هذه القاعدة الکلیة، تشرع ببیان الصفات الجزئیة للمؤمنین:

ففی البدایة تبیّن أنّ هؤلاء قوم یدعون الناس إلى الخیرات (یأمرون بالمعروف ).

إنّهم ینهون الناس عن الرذائل والمنکرات (وینهون عن المنکر ).

إنّهم بعکس المنافقین الذین کانوا قد نسوا الله، فإنّهم یقیمون الصلاة، ویذکرون الله فتحیا قلوبهم وتشرف عقولهم (ویقیمون الصلاة ).

إنّهم ـ على عکس المنافقین والذین کانوا یبخلون بأموالهم ـ ینفقون أموالهم فی سبیل الله وفی مساعدة عباد الله وبناء المجتمع وإصلاح شؤونه، ویؤدون زکاة أموالهم (ویؤتون الزکاة ).

إنّ المنافقین فسّاق ومتمردون، وخارجون من دائرة الطاعة لأوامر الله، أمّا المؤمنون فهم على عکسهم تماماً، إذ (ویطیعون الله ورسوله ).

أمّا ختام الآیة فإنّه یتحدث عن إمتیازات المؤمنین، والمکافأة والثواب الذی ینتظرهم، وأوّل ما تعرضت لبیانه هو الرحمة الإلهیّة التی تنتظرهم فـ (اُولئک سیرحمهم الله ).

إنّ کلمة (الرحمة) التی ذکرت هنا لها مفهوم واسع، ویدخل ضمنه کل خیر وبرکة وسعادة، سواء فی هذه الحیاة أو فی العالم الآخر، وهذه الجملة فی الواقع جاءت مقابلة لحال المنافقین الذین لعنهم الله وأبعدهم عن رحمته.

ولا شک أنّ وعد الله للمؤمنین قطعی ویقینی لأنّ الله قادر وحکیم، ولا یمکن للحکیم أن یعد بدون سبب، ولیس الله القادر بعاجز عن الوفاء بوعده حین وعد (إنّ الله عزیز حکیم ).

الآیة الثّانیة شرحت جانباً من هذه الرحمة الإلهیّة الواسعة التی تعم المؤمنین فی بُعدیها المادی والمعنوی. فهی أوّلاً تقول: (وعد الله المؤمنین والمؤمنات جنّات تجری من تحتها الأنهار )، ومن خصائص هذه النعمة الکبیرة أنّها لا زوال لها ولا فناء، بل الخلود الأبدی، لذا فإن المؤمنین والمؤمنات سیکونون (خالدین فیها ).

ومن المواهب الإلهیّة الاُخرى التی سوف ینعمون بها هی المساکن الجمیلة، والمنازل المرفهة التی أعدها الله لهم وسط الجنان (ومساکن طیّبة فی جنّات عدن ).

(عدن) فی اللغة تعنی الإقامة والبقاء فی مکان ما، ولهذا یطلق على المکان الذی توجد فیه مواد خاصّة اصطلاح (معدن)، وعلى هذا المعنى فإنّ هناک شبهاً بین الخلود وعدن، لکن لما أشارت الجملة السابقة إلى مسألة الخلود، یفهم من هذه الجملة أنّ جنات عدن محل خاص فی الجنّة یمتاز على سائر حدائق الجنّة.

لقد وردت هذه الموهبة الإلهیّة بأشکال وتفسیرات مختلفة فی الرّوایات وکلمات المفسّرین، فنطالع فی حدیث عن النّبی (صلى الله علیه وآله): «عدن دار الله التی لم ترها عین، ولم یخطر على قلب بشر، لا یسکنها غیر ثلاثة: النّبیین، والصّدیقین، والشّهداء» (1).

وفی کتاب الخصال نُقل عن النّبی (صلى الله علیه وآله) قوله: «من سرّه أن یحیا حیاتی، ویموت مماتی، ویسکن جنتی التی واعدنی الله ربّی، جنات عدن... فلیوال علی بن أبی طالب (علیه السلام) وذریته (علیهم السلام)من بعده». (2) ویتّضح من هذا الحدیث أنّ جنات عدن حدائق خاصّة فی الجنّة سیستقر فیها النّبی (صلى الله علیه وآله) وجماعة من خلّص أصحابه وأتباعه، وهذا المضمون قد ورد فی حدیث آخر عن علی (علیه السلام)، ویدل على أنّ جنات عدن مقر إقامة نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله).

بعد ذلک تشیر الآیة إلى الجزاء المعنوی المعد لهؤلاء، وهو رضى الله تعالى عنهم المختص بالمؤمنین الحقیقیین، وهو أهم وأعظم جزاء، ویفوق کل النعم والعطایا الاُخرى (ورضوان من الله أکبر ).

إنّ اللذة المعنویة والإحساس الروحی الذی یحس ویلتذ به الإنسان عند شعوره برضى الله سبحانه وتعالى عنه لا یمکن أن یصفه أی بشر، وعلى قول بعض المفسّرین فإنّ نسمة ولحظة من هذه اللذة الروحیة تفوق نعم الجنّة کلها ومواهبها المختلفة والمتنوعة واللامتناهیة.

من الطبیعی أنّنا لا نستطیع أن نجسم ونرسم صورة فی أفکارنا عن أی نعمة من نعم الحیاة الاُخرى ونحن فی قفص الحیاة الدنیا وحیاتها المحدودة، فکیف سنصل إلى إدراک هذه النعمة المعنویة والروحیة الکبرى؟!

نعم، یمکن إیجاد تصور ضعیف عن الاختلافات المادیة والمعنویة التی نعیشها فی هذه الدنیا، فمثلا یمکن إدراک الاختلاف فی اللذة بین اللقاء بصدیق عزیز جداً بعد فراق طویل ولذّة الإحساس الروحی الخاص الذی یعتری الإنسان عند إدراکه أو حلّه لمسألة علمیة معقدة صرف فی تحصیلها والوصول إلى دقائقها الشهور، بل السنین، أو الإنشداد الروحی الذی یبعث على النشاط والجد فی لحظات خلوص العبادة، أو النشوة عند توجه القلب وحضوره فی مناجاة تمتزج بهذا الحضور، وبین اللذة التی نحس بها من تناول طعام لذیذ وأمثالها من اللذائذ، ومن الطبیعی أن هذه اللذائذ المادیة لا یمکن مقارنتها باللذائذ المعنویة، ولا یمکن أن تصل إلى مصافها.

من هنا یتّضح التصور الخاطیء لمن یقول بأنّ القرآن الکریم عندما یتحدث عن الجزاء والعطاء الإلهی الذی سیناله المؤمنون الصالحون یؤکّد على النعم المادیة، ولا یتطرق إلى النواحی المعنویة، لأنّ الجملة أعلاه ـ أی: رضوان من الله أکبر ـ ذکرت أن رضوان الله أکبر من کل النعم، خاصّة وأنّها وردت بصیعة النکرة، وهی تدل على أنّ قسماً من رضوان الله أفضل من کل النعم المادیة الموجودة فی الجنّة، وهذا یبیّن القیمة السامیة لهذا العطاء المعنوی.

إنّ الدلیل على أفضلیة الجزاء المعنوی واضح أیضاً، لأنّ الروح فی الواقع بمثابة (الجوهر) والجسم بمکان (الصدف)، فالروح کالآمر والقائد، والجسم کالجندی المطیع والمنفذ، فالتکامل الروحی هو الهدف، والجسم وسیلة ولهذا السبب فإنّ إشعاعات الروح وآفاقها أوسع من الجسم واللذائذ الروحیة لا یمکن قیاسها ومقارنتها باللذائذ المادیة والجسمیة، کما أنّ الآلام الروحیة أشدّ ألماً من الآلام الجسمیة.

وفی النهایة أشارت الآیة إلى جمیع هذه النّعم المادیة والمعنویة، وعبرت عنها بأنّ (ذلک هو الفوز العظیم ).


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; بحارالانوار، ج 8، ص 171.
2. کتاب الخصال، على ما نقل فی تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 241.
سورة التّوبة / الآیة 71 ـ 72 سورة التّوبة / الآیة 73
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma