مشهد من قیامة عبدة الأوثان:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة یونس / الآیة 28 ـ 30 سورة یونس / الآیة 31 ـ 33

تتابع هذه الآیات أیضاً البحوث السابقة حول المبدأ والمعاد ووضع المشرکین، وتجسم حیرة وانقطاع هؤلاء عند حضورهم فی محکمة العدل الإلهی، ووقوفهم بین یدی الله لمحاسبتهم.

فتقول أوّلا: (ویوم نحشرهم جمیعاً ثمّ نقول للّذین أشرکوا مکانکم أنتم وشرکاؤکم ) (1) . واللطیف أنّ الآیة أعلاه قد عبّرت عن الأصنام بشرکائکم، فی حین أنّ المشرکین کانوا قد جعلوا الأصنام شریکة لله، لاشریکة أنفسهم.

إنّ هذا التعبیر فی الحقیقة إشارة لطیفة إلى أن الأصنام لم تکن شریکة لله، وأنّ أوهام وتخیلات عبدة الأوثان هی التی أعطتها هذا المقام، وهذا یشبه تماماً ما لو عیّن المشرف على التعلیم معلماً أو مدیراً غیر صالح لمدرسة ما، صدرت منهما أعمال قبیحة وغیر لائقة. فتقول للمشرف: تعال وانظر، هذا معلمک وهذا مدیرک یرتکبان مثل هذه الاعمال، فی حین أنّه لیس معلمه ولامدیره، بل معلم المدرسة ومدیرها الذی اختارهما.

ثمّ تضیف: أنّنا سوف نعزل هاتین الفئتین ـ أی العابدون والمعبودون ـ عن بعضهم البعض، ونسأل کلا منهما على انفراد، تماماً کما هو المتداول فی کل المحاکم حیث یسأل کل واحد على انفراد، فنسأل العابدین: بأی دلیل جعلتم هذه الأصنام شریکة لله وعبدتموها؟ ونسأل المعبودین: لماذا أصبحتم معبودین؟ أو لماذا رضیتم بهذا العمل؟ (فزیّلنا بینهم ) (2) .

فی هذه الأثناء ینطق الشرکاء الذین صنعتهم أوهام هؤلاء: (وقال شرکاؤهم ما کنتم إیّانا تعبدون ) فأنتم فی الواقع کنتم تعبدون أهواءکم ومیولکم وأوهامکم، لا أنّکم کنتم تعبدوننا، ولو سلمّنا ذلک فإنّ عبادتکم لنا لم تکن بأمرنا ولا برضانا، والعبادة کهذه لیست بعبادة فی الحقیقة.

ثمّ، ومن أجل التأکید الأشد، یقولون: (فکفى بالله شهیداً بیننا وبینکم إن کنّا عن عبادتکم لغافلین ) (3) .

هناک بحث بین المفسّرین فی المراد من الأصنام والشرکاء، أی معبودات هی؟ وکیف أنّها تتکلم بهذا الکلام؟

فالبعض احتمل أن یکون المراد منها المعبودات الإنسانیة والشیطانیة، أو من الملائکة التی لها عقل وشعور وإدراک، إلاّ أنّهم رغم ذلک لا یعلمون بأنّ فئة تعبدهم، إمّا لأنّهم یعبدونهم حال غیابهم، أو بعد موتهم، وعلى هذا فإنّ تکلم هؤلاء سیکون أمراً طبیعیاً جدّاً، وهذه الآیة نظیرة الآیة 41 من سورة سبأ، التی تقول: (ویوم یحشرهم جمیعاً ثمّ یقول للملائکة أهؤلاء إیّاکم کانوا یعبدون ).

والاحتمال الآخر الذی ذکره کثیر من المفسّرین، هو أنّ الله سبحانه یبعث الحیاة والشعور فی الأصنام فی ذلک الیوم بحیث تستطیع إعادة الحقائق وذکرها، والجملة أعلاه للاصنام التی دعاها الله سبحانه للشهادة، وأنّهم کانوا غافلین عن عبادة من یعبدهم، وبذلک تکون أکثر تناسباً مع هذا المعنى، لأنّ الأصنام الحجریة والخشبیة لا تفهم شیئاً أصلا.

ویمکن أن نحتمل فی تفسیر هذه الآیة أنّها تشمل کل المعبودات، غایة ما فی الأمر أنّ المعبودات التی لها عقل وشعور تعید الحقائق وتذکرها بلسانها، أمّا المعبودات التی لا عقل لها ولا شعور فإنّ الکلام عن لسان حالها، وتتحدث عن طریق انعکاس آثار العمل، تماماً کما نقول: إنّ سیماءک تخبر عن سرک، والقرآن الکریم یبیّن أیضاً فی الآیة 21 من سورة فصلت أنّ جلود الإنسان ستنطق یوم القیامة، وکذلک فی سورة الزلزلة یبیّن أنّ الأرض التی کان یسکنها الإنسان ستذکر الحقائق.

إنّ هذه المسألة لیست صعبة التصور فی زماننا الحاضر، فإذا کان شریط أصم یسجل کل کلامنا ویعیده عند الحاجة، فلا عجب أن تعکس الأصنام أیضاً واقع أعمال عابدیها!.

على کل حال، ففی ذلک الیوم وذلک المکان وذلک الحال ـ کما یتحدث القرآن فی آخر آیة من آیات البحث ـ فإنّ کل إنسان سیختبر کل أعماله التی عملها سابقاً ویرى نتیجتها، بل نفس أعماله، سواء العابدون والمعبودون المضلون الذین کانوا یدعون الناس إلى عبادتهم، وسواء المشرکون والمؤمنون، من أی قوم ومن أی قبیل: (هنالک تبلوا کلّ نفس ما أسلفت )وفی ذلک الیوم سیرجع الجمیع إلى الله مولاهم الحقیقی، ومحکمة المحشر تبیّن أن الحکم لایتم إلاّ بأمره (وردّوا إلى الله مولاهم الحقّ ).

وأخیراً فإنّ جمیع هذه الأصنام والمعبودات المختلقة التی جعلها هؤلاء شریکة لله کذباً ستفنى وتمحى: (وضلّ عنهم ماکانوا یفترون ) فإنّ القیامة ساحة ظهور کل الأسرار الخفیة للعباد، ولا تبقى أیة حقیقة إلاّ وتُظهر نفسها، ومن الطبیعی أنّ هناک مواقف ومقامات لا تحتاج إلى سؤال أو جدال وبحث، بل إنّ الحال یحکی عن کل شیء، ولا حاجة للمقال.


1. إنّ «مکانکم» فی الواقع مفعول لفعل مقدر، وکانت فی الأصل: (ألزموا مکانکم أنتم وشرکاؤکم حتى تسألوا) وهذه الجملة فی الحقیقة تشبه الآیة 24 من سورة الصافات، حیث تقول ( وقفوهم إنهم مسؤولون ).
2. «زیلنا» من مادة «التزییل»، بمعنى «التفریق»، قال بعض أرباب اللغة: إنّ مادتها الثلاثیة، زال یزیل، بمعنى الفرقة، لا أنّها من مادة: زال یزول بمعنى الزوال.
3. «إن» فی الجملة أعلاه مخففة من الثقیلة، وهی للتأکید ومعنى الجملة هو: (إنّنا کنّا عن عبادتکم لغافلین).
سورة یونس / الآیة 28 ـ 30 سورة یونس / الآیة 31 ـ 33
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma