الذین قالوا سمعنا وهم لا یسمعون!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة الأنفال / الآیة 20 ـ 23 1ـ (ولو علم الله فیهم خیراً لأسمعهم )

تتابع هذه الآیات البحوث السابقة، فتدعو المسلمین إلى الطاعة التامة لأوامر الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) فی السلم أو الحرب أو فی أی أمر آخر، واُسلوب الآیات فیه دلالة على تقصیر بعض المؤمنین فی التنفیذ والطاعة، فتبدأ بالقول: (یا أیّها الذین آمنوا أطیعوا الله ورسوله ).

وتضیف لتؤکّد الأمر من جدید: (ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون ).

لاشک فی أنّ إطاعة أوامر الله تعالى واجبة على الجمیع، المؤمنین وغیر المؤمنین، ولکن بما أنّ المخاطبین والمعنیین بهذا الحدیث التربوی هم المؤمنون فلهذا کان الکلام فی هذه الآیة الشریفة موجهاً إلیهم.

الآیة الثّانیة: تؤکّد هذا المعنى أیضاً فتقول: (ولا تکونوا کالذین قالوا سمعنا وهم لا یسمعون ).

إنّ هذا التعبیر الطریف یُشیر للذین یعلمون ولا یعملون، ویسمعون ولا یتأثرون، وفی ظاهرهم أنّهم من المؤمنین، ولکنّهم لا یطیعون أوامر الرسول (صلى الله علیه وآله)، فهؤلاء لهم آذان سامعة لکل الأحادیث ویَعون مفاهیمها، وبما أنّهم لا یعملون بها ولا یطبقونها فکأنّهم صمُّ لا یسمعون، لأنّ الکلام مقدمة للعمل فلو عدم العمل فلا فائدة من أیة مقدمة.

و لکن من هم هؤلاء الأشخاص الذین یحذّر القرآن المسلمین لکیلا یصیروا مثلهم؟ فیرى بعض أنّهم المنافقون الذین اتخذوا لأنفسهم مواقع فی صفوف المسلمین، وقال آخرون: إنّما تشیر إلى طائفة من الیهود، وذهب بعض بأنّهم المشرکون من العرب، ولا مانع من إنطباق الآیة على هذه الطوائف الثلاث، وکل ذی قول بلا عمل.

ولما کان القول بلا عمل، والإستماع بلا تأثر، أحد الأمراض التی تصّاب بها المجتمعات، وأساس الکثیر من التخلفات، فقد جاءت الآیة الاُخرى لتؤکّد على هذه المسألة باُسلوب آخر، فقالت: (إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الصمّ البکم الذین لا یعقلون ) (1) .

ولمّا کان القرآن کتاب عمل فإنّه ینظر إلى النتائج دائماً، فیعتبر کل موجود لا فائده فیه کالمعدوم، وکل حی عدیم الحرکة والتأثیر کالمیت، وکل حاسّة من حواس الانسان مفقوده إذا لم تؤثر فیه تأثیراً ایجابیاً فی مسیرة الهدایة والسعادة، وهذه الآیة اعتبرت الذین لهم آذن سالمة لکنّهم لا یستمعون لآیات الله ودعوة الحق ونداء السعادة، کمن لا أذن له ولا سمع لدیه، والذین لهم ألسنة سالمة لکنّها ساکتة عن الدعوة إلى الحق ومکافحة الظلم والفساد، فلا یأمرون بمعروف ولا ینهون عن منکر، بل یضیّعون هذه النعمة فی التملق والتذلل أمام الطواغیت أو تحریف الحق وتقویة الباطل، فهؤلاء کمن هو أبکم لا یقدر على الکلام، وکذلک الذین یتمتعون بنعمة الفکر والعقل ولکنّهم لا یصححون تفکیرهم، فهؤلاء فی عداد المجانین.

وتقول الآیة بعدها إنّ الله لایمتنع من دعوة هؤلاء إن کانوا صادقین فی طلبهم وعلى استعداد لتقبل الحق: (ولو علم الله فیهم خیراً لأسمعهم ).

وقد ورد فی الرّوایات أنّ بعض عبدة الأصنام جاءوا النّبی (صلى الله علیه وآله) وقالوا: إذا أخرجت لنا جدنا الأکبر (قصی بن کلاب) حیّاً من قبره، وشهد لک بالنبوّة، فسوف نسلم جمیعاً! فنزلت الآیة لتقول: إنّه لو کان حدیثهم صادقاً لفعل الله ذلک لهم بواسطة المعجزة، لکنّهم یکذبون ویأتون بأعذار واهیة، بهدف التخلص من الإذعان لدعوة الحق... .

ویقول تعالى: (ولو أسمعهم لتولّوا وهو معرضون ).

فالذین سمعوا دعوة الحق کثیراً، وبلغت آذانهم آیات القرآن، وفهموا مضامینها العالیة،

لکنّهم أنکروها بسبب عتوهم وعصبیّتهم، فهم غیر مؤهلین للهدایة لما اقترفت أیدیهم، ولا شأن بعدئذ لله ورسوله بهم، فهم فی ظلام دامس وضلال بهیم.

کما أنّ هذه الآیة تعد جواباً قاطعاً للقائلین بمدرسة الجبر، لأنّها تقرر بأنّ الخیر یکمن فی الإنسان نفسه وأنّ الله یعامل الناس بما یبدونه من أنفسهم من استعداد وقابلیة فی طریق الهدایة.


1. «صم» جمع «الأصم» وهو الذی لا یسمع و «البکم» جمع «الأبکم» وهو فاقد النطق.
سورة الأنفال / الآیة 20 ـ 23 1ـ (ولو علم الله فیهم خیراً لأسمعهم )
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma