القائلون شططاً:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة الأنفال / الآیة 31 ـ 35 سورة الأنفال / الآیة 36 ـ 37

ذُکر فی الآیة السابقة مثل من منطق المشرکین على مستوى العمل والممارسة، وفی هذه الآیات مثل آخر من منطقهم الفکری، لیتّضح أنّ هؤلاء لم یمتلکوا سلامةً فی الفکر ولا صحة فی العمل، فجمیع أسالیبهم خاویة بغیر أساس.

تقول الآیة الاُولى من الآیات محل البحث: (وإذا تُتلى علیهم آیاتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلاّ أساطیر الأوّلین ).

کانوا یقولون مثل هذا الکلام عند ما یعجزون عن مواجهة القرآن ومعارضته، وکانوا یعرفون جیداً أنّهم غیر قادرین على معارضة القرآن، إلاّ أنّهم ولحقدهم وعصبیتهم، أو لأنّهم یریدون إضلال الناس، کانوا یقولون: إنّ الإتیان بمثل هذه الآیات غیر عسیر ولو نشاء لقلنا مثلها، ولکنّهم لم یستطیعوا أن یأتوا بمثلها أبداً، وما هذا القول منهم سوى ادعاء

فارغ یهدفون بذلک إلى ابقاء کیانهم الاجتماعی ـ کسائر الجبابرة فی التاریخ ـ إلى أمد معدود.

والآیة التّالیة تتحدث عن منطق عجیب آخر فتقول: (وإذ قالوا اللّهمّ إن کان هذا هو الحقّ من عندک فأمطر علینا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب ألیم ).

لقد کانوا یقولون ذلک لشدّة تعصبهم وعنادهم، وکانوا یتصورون أنّ الدین الإسلامی لا أساس له أبداً، وإلاّ فإنّ أحداً یحتمل حقانیة الإسلام کیف یمکنه أن یدعو على نفسه بمثل هذا الدعاء؟

کما ویحتمل أیضاً أنّ شیوخ المشرکین وسادتهم یقولون ذلک الکلام لتضلیل الناس ولیثبتوا لبسطائهم أنّ رسالة النّبی (صلى الله علیه وآله) باطلة تماماً، فی حین أنّهم لا یعتقدون بما یقولون. وکأنّهم ـ أی المشرکین ـ یریدون أن یقولوا للنبیّ (صلى الله علیه وآله): إنّک تتکلم عن الأنبیاء السابقین، وإنّ الله قد أهلک أعداءَهم بحجارة أمطرها علیهم «کما هی الحال فی شأن قوم لوط» فإن کنت صادقاً فیما تقول فأمطر علینا حجارة من السماء!

وقد ورد عن الإمام الصادق (علیه السلام) (فی مجمع البیان) أنّه لما نصب رسول الله (صلى الله علیه وآله) علی (علیه السلام)یوم غدیر خم فقال: من کنت مولاه فعلی مولاه، طار ذلک فی البلاد، فقدم على النّبی (صلى الله علیه وآله)النعمان بن الحارث الفهری، فقال: أمرتنا من الله أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّک رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزکاة فقبلناها، ثمّ لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من کنت مولاه فعلی مولاه، فهذا شیء منک أو أمر من عندالله؟

فقال (صلى الله علیه وآله): «واللّه الذی لا إله إلاّ هو، إن هذا من الله». فولّى النعمان بن الحارث وهو یقول: اللّهم إن کان هذا هو الحق من عندک فأمطر علینا حجارة من السماء، فرماه الله بحجر على رأسه فقتله (1) .

وهذا الحدیث لا ینافی عدم نزول الآیة فی قصّة الغدیر، لأنّ سبب النّزول لم یکن موضوع النعمان، بل إنّ النعمان قد اقتبس من الآیة فی الدعاء على نفسه، وهذا یشبه قولنا فی الدعاء مقتبسین ذلک من القرآن (ربّنا آتنا فی الدنیا حسنة وفی الآخرة حسنة ) (2) «وسیأتی تفصیل هذا الموضوع وما ذکرته کتب أهل السنّة من أسانید کثیرة له فی ذیل الآیة الاُولى من سورة المعارج (سأل سائل بعذاب واقع ) بإذن الله».

لمزید الایضاح راجع الى تفسیر الامثل ذیل الآیة 1 من سورة المعارج.

وفی ماتقدم من الآیات نلاحظ أنّ المشرکین وجّهوا إلى النّبی (صلى الله علیه وآله) اشکالین:

الأوّل منهما: واضح البُطلان، وهو قولهم: لو نشاء لقلنا مثل هذا. فلم یردّ علیه القرآن. بدیهی أنّ هذا الإدعاء أجوف کاذب، لأنّهم لو استطاعوا لما توانوا عنه أبداً ولجاءوا به، فلا حاجة إذن للردّ علیه.

والإشکال الثّانی: لو کانت هذه الآیات نازلة من قبل الله فأنزل علینا العقاب والبلاء، فیرد علیهم القرآن فی الآیة الثّالثة، من الآیات محل البحث، بقوله: (وما کان الله لیعذّبهم وأنت فیهم ).

وفی الحقیقة أنّ وجودک ـ یا رسول الله ـ الذی هو رحمة للعالمین، یمنع من نزول البلاء بسبب هذه الذنوب، فیهلک قومُک کما هلکت الاُمم السابقة جماعات أو متفرقین.

ثمّ تعقب الآیة بالقول: (وما کان الله معذّبهم وهم یستغفرون ).

وللمفسّرین احتمالات متعددة فی تفسیر الجملة آنفة الذکر، منها أنّ بعض المشرکین ندموا على قولهم الذی ذکرته الآیة فقالوا: غفرانک ربّنا، وکان ذلک سبباً لعدم نزول العذاب علیهم حتى بعد خروج النّبی (صلى الله علیه وآله) من مکّة.

وقال بعضهم: إنّ الآیة تشیر إلى من بقی من المؤمنین فی مکّة، لأنّ بعضاً ممن لم یستطع الهجرة بقی فیها بعد خروج النّبی، فوجودهم الذی هو شعاع من وجود النّبی (صلى الله علیه وآله)منع من نزول العذاب.

کما یحتمل أن تکون هذه الجملة التی ذکرتها الآیة تتضمّن مفهوم جملة شرطیة، أی أنّهم لو ندموا على فعلهم وتوجهوا إلى الله واستغفروه فسیرتفع عنهم عقاب الله.

کما لا یبعد ـ فی الوقت ذاته ـ الجمع بین هذه الاحتمالات کلّها فی تفسیر الآیة، أی یمکن أن تکون الآیة إشارة إلى جمیع هذه الاحتمالات.

وعلى أیّة حال، فإنّ مفهوم الآیة لا یختصُّ بمعاصری النّبی (صلى الله علیه وآله) بل هو قانون عام کلیّ یشمل جمیع الناس. لهذا فقد روی فی مصادرنا عن الإمام علی، وفی مصادر أهل السنّة عن تلمیذ الإمام علی «ابن عباس» أنّه قال (علیه السلام): «کان فی الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رفع أحدهما فدونکم الآخر فتمسکوا به. وقرأ هذه الآیة» (3) .

ویتّضح من الآیة ـ محل البحث، والحدیث آنف الذکر ـ أنّ وجود الأنبیاء (علیهم السلام) مدعاة لأمن الناس من عذاب الله وبلائه الشدید، ثمّ الإستغفار والتوبة والتوجه والضراعة نحو الله، إذ یعدُّ الإستغفار والتوبة ممّا یدفع به العذاب.

فإذا انعدم الإستغفار فإنّ المجتمعات البشریة ستفقد الأمن من عذاب اللّه لما اقترفته من الذنوب والمعاصی.

وهذا العذاب أو العقاب قد یأتی فی صورة الحوادث الطبیعیة المؤلمة، کالسیل مثلا، أو الحروب المدمّرة، أو فی صور اُخرى. وقد جاء فی دعاء کمیل بن زیاد عن الإمام على (علیه السلام)قوله «اللهم اغفر لی الذنوب التی تنزل البلاء». (4)

فهذا التّعبیر یدل على أنّه لولا الإستغفار فإنّ کثیراً من الذنوب قد تکون سبباً فی البلاء والکوارث.

وینبغی التذکیر بهذه اللطیفة، وهی أنّ الإستغفار لا یعنی تکرار ألفاظ معینة، کأن یقول المرءُ «اللهم اغفر لی» بل المراد منه روح الإستغفار الذی هو حالة العودة نحو الحق والتهیؤ لتلافی ما مضى من العبد قبال ربّه.

والآیة التّالیة تقول: إنّ هؤلاء جدیرون بعذاب الله (وما لهم ألاّ یعذّبهم الله وهم یصدّون عن المسجد الحرام ).

وهذا التعبیر فی الآیة یشیر إلى یوم کان المسلمون فی مکّة، ولم یکن لهم الحق أن یقیموا صلاة الجماعة بتمام الحریة والإطمئنان عند المسجد الحرام، إذ کانوا یتعرضون للإیذاء والتعذیب.

أو أنّ هذا التعبیر یشیر إلى منع المشرکین المسلمین وصدهم إیّاهم بعد أدائهم مناسک الحج والعمرة، فلم یأذنوا لهم بالتردد إلى المسجد الحرام.

والعجیب أنّ هؤلاء المشرکین کانوا یتصورون أنّ لهم حق التصرف کیفَما شاءوا فی المسجد الحرام، وأنّهم أولیاؤه. إلاّ أنّ القرآن یضیف فی هذه الآیة قائلا: (وما کانوا أولیاءه )وبالرغم من زعمهم أنّهم أولیاؤه فـ (إن أولیاؤه إلاّ المتّقون ولکنّ أکثرهم لا یعلمون ).

ومع أنّ هذا الحکم ورد فی شأن المسجد الحرام، إلاّ أنّه یشمل جمیع المراکز الدینیة والمساجد فإنّ سدنتها ینبغی أن یکونوا من أطهر الناس وأتقاهم وأورعهم وأکثرهم إهتماماً بالمحافظة على مراکز العبادة، لیجعلوها منطلقاً للتعلیم وبثّ الوعی والإیقاظ. إذ لا یصلح لإدارة هذه المراکز حفنةٌ من الحمقى أو باعة الضمائر الملوّثین والمرتبطین بالأجانب، الذین یسعون إلى تحویل المساجد ومراکز العبادة إلى محال تجاریة، أو جعلها مکاناً لتخدیر الأفکار، والإبتعاد عن الحقّ. وفی اعتقادنا أنّ المسلمین لو کانوا ملتزمین بتعالیم القرآن فی شأن المساجد، لکانت المجتمعات الإسلامیة الیوم لها وجه آخر وصورةٌ مشرقةٌ!

والأعجب فی هذا الشأن أنّ المشرکین کانوا یدّعون أنّهم یصلّون ویعبدون الله بما کانوا یقومون به من أعمال قبیحة کالصفیر والتصدیة عند البیت، ولهذا فقد قالت الآیة التالیة عنهم: (وما کان صلاتهم عند البیت إلاّ مکاءاً وتصدیة ).

ونقرأ فی التاریخ أنّ طائفة من الأعراب فی زمان الجاهلیة عندما کانوا یطوفون بالبیت العتیق، کانوا یخلعون ثیابهم ویصفرون ویصفقون ویسمّون أعمالهم هذه عبادة، وورد أیضاً أنّ النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) عند ما کان یقف بجانب الحجر الأسود ویتّجه بوجهه نحو الشمال لیکون فی مقابل الکعبة وبیت المقدس، ویشرع بالصلاة، کان یقف إلى یمینه ویساره رجلان من بنی سهم فیأخذ أحدهم بالصیاح والآخر بالتصفیق لیؤذیاه فی صلاته.

تعقب الآیة على ما تقدم لتقول: إنّ أعمالکم ـ بل حتى صلاتکم ـ مدعاة للخجل والسفاهة ولذلک (فذوقوا العذاب بما کنتم تکفرون ).

إنّ الإنسان حین یقلّب صفحات التاریخ ویتوغّل فیه باحثاً عن جوانب من تاریخ عرب الجاهلیة التی وردت الإشارة إلیها فی القرآن، یرى ـ ویا للعجب العجاب! ـ فی عصرنا الحاضر الذی عُرف بعصر الفضاء والذرة من یُعید تلک الأعمال التی کانت فی زمان الجاهلیة، ویتصوّر نفسه فی عبادة، فیقرؤون الآیات القرآنیة أو الأشعار فی مدح النّبی (صلى الله علیه وآله)والامام علی (علیه السلام) بالألحان الموسیقیة ذات الإیقاع المثیر، وتهتزّ أیدیهم ورؤوسهم بما یشبه حالة الرقص، ویسمّون ذلک ذکراً ومدائح، ویقیمونها فی التکایا وغیرها. مع أنّ الإسلام یبرأ من جمیع هذه الأعمال، وهی مثل آخر من أمثلة أعمال «الجاهلیة».

سؤال: ویبقى هنا سؤال واحد، وهو أنّ الآیة الثّالثة من الآیات محل البحث قد نفت نزول العذاب (بتوفر شرطین طبعاً)، والآیة الرّابعة أثبتت العذاب، تُرىْ ألا یقع التضاد بین الآیتین؟

والجواب: إنّ الآیة السابقة تشیر إلى العقاب الدنیوی، والآیة اللاحقة لعلها إشارة إلى العقاب الاُخروی، أو أنّها إشارة إلى أنّ هؤلاء یستحقون العقاب فی الدنیا وهو محدق بهم، فإذا مضى النّبی (صلى الله علیه وآله) ولم یتوبوا ویستغفروا ربّهم فإنّه سینزل بهم لا محالة.


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث، وتفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 151.
2. البقرة، 201.
3. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 88.
4. اقبال الاعمال لسید بن طاووس، ص 707.
سورة الأنفال / الآیة 31 ـ 35 سورة الأنفال / الآیة 36 ـ 37
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma