العذاب الإلهی واختیارات الرّسول:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة یونس / الآیة 48 ـ 52 بحوث

بعد التهدیدات التی ذکرت فی الآیات السابقة المتعلقة بعذاب وعقاب منکری الحق، فإنّ هذه الآیات تنقل أوّلا استهزاء هؤلاء بالعذاب الإلهی وسخریتهم وانکارهم. فتقول: (ویقولون متى هذا الوعد إن کنتم صادقین ).

هذا الکلام کان کلام مشرکی عصر النّبی(صلى الله علیه وآله) حتماً، لأنّ الآیات التالیة التی تتضمن جواب النّبی(صلى الله علیه وآله) شاهدة على هذا المطلب.

على کل حال، فإنّ هؤلاء أرادوا بهذه الکلمات أن یظهروا عدم اهتمامهم بتهدیدات النّبی(صلى الله علیه وآله) من جهة، وتقویة قلوب الذین خافوا من هذه التهدیدات وتهدئة خواطرهم لیرجعوا إلى صفوفهم.

وفی مقابل هذا السؤال، فإنّ الله سبحانه أمر نبیّه(صلى الله علیه وآله) أن یجیبهم بعدّة طرق:

فیقول أوّلا: (قل لا أملک لنفسی ضرّاً ولا نفعاً إلاّ ماشاء الله ) فإنّی لست إلاّ رسوله ونبیّه، وإنّ تعیین موعد نزول العذاب بیده فقط، وإذا کنت لا أملک لنفسی نفعاً ولا ضراً، فمن باب الاُولى أن لا أملکهما لکم.

إنّ هذه الجملة فی الحقیقة إشارة إلى توحید الأفعال حیث یرتبط کل شیء فی هذا العالم بالله سبحانه، وکل الحرکات والأفعال معلولة لإرادته ومشیئته، فهو الذی ینصر المؤمنین بحکمته، وهو الذی یجازی المنحرفین بعدالته.

من البدیهی أنّ ذلک لا ینافی أنّ الله قد أعطانا قوى وطاقات نملک بواسطتها جلب النفع ودفع الضرر، ونستطیع أن نختار ما یتعلق بمصیرنا، وبتعبیر آخر فإنّ هذه الآیة تنفی الملکیة بالذات لا بالغیر، وجملة (إلاّ ما شاء الله ) قرینة واضحة على هذا الموضوع.

ومن هنا یُعلم أنّ استدلال بعض المتعصبین ـ ککاتب تفسیر المنار ـ بهذه الآیة على نفی جواز التوسل بالنّبی(صلى الله علیه وآله) ضعیف جدّاً، لأنّه إذا کان المقصود من التوسل أن نعتبر النّبی(صلى الله علیه وآله)ذا قدرة ذاتیة ومالکاً للنفع والضر، فإنّ هذا شرک قطعاً، ولا یمکن أن یؤمن بهذا أی مسلم، أمّا إذا کانت هذه الملکیة من الله سبحانه وهی داخلة تحت عنوان: إلاّ ما شاء الله، فما المانع من ذلک؟ وهذا هو عین الإیمان والتوحید، إلاّ أنّه نتیجة الغفلة عن هذه النکتة أتلف وقته ووقت قُرّاء تفسیره بالبحوث الطویلة، وهو مع الأسف (رغم کل الامتیازات الموجودة فی تفسیره) قد ارتکب کثیراً من هذه الأخطاء، والتی یمکن اعتبار التعصب منبعها جمیعاً!

ثمّ یتطرق القرآن إلى جواب آخر ویقول: (لکلّ اُمّة أجل إذا جاء أجلهم فلا یستأخرون ساعة ولا یستقدمون ) وبتعبیر آخر فإنّ أی اُمّة إذا انحرفت عن مسیر الحق، فسوف لا تکون مصونة من العذاب الإلهی الذی هو نتیجة أعمالها، فعندما ینحرف الناس عن قوانین الخلقة والطبیعة فسیبددون طاقاتهم وملکاتهم فی فراغ ویسقطوا فی النهایة فی هاویة الانحطاط ویحتفظ تاریخ العالم فی ذاکرته بنماذج کثیرة من ذلک.

فی الواقع إنّ القرآن الکریم یحذر المشرکین الذین کانوا یتعجلون العذاب الإلهی بأن لا یعجلوا، فعندما یحل موعدهم فإنّ هذا العذاب سوف لن یتأخر أو یتقدم لحظة.

ویجب الإلتفات إلى أنّ الساعة قد تعنی أحیاناً لحظة، وأحیاناً المقدار القلیل من الزمن، بالرغم من أنّ معناها المعروف الیوم هو الأربع والعشرون ساعة التی تشکل اللیل والنهار.

وتطرح الآیة الاُخرى الجواب الثّالث، فتقول: (قل أرأیتم إن أتاکم عذابه بیاتاً أو نهاراً )فهل تستطیعون أن تدفعوا عن أنفسکم هذا العذاب المفاجىء غیر المرتقب؟ وإذا کان الحال کذلک فـ (ماذا یستعجل منه المجرمون

وبتعبیر آخر، فإنّ هؤلاء المجرمین الجریئین إن لم یتیقّنوا نزول العذاب فلیحتملوا على

الأقل أن یأتیهم فجأة، فما الذی یضمن لهؤلاء أنّ تهدیدات النّبی(صلى الله علیه وآله) سوف لن تقع أبداً؟ إنّ الإنسان العاقل یجب أن یراعی الاحتیاط على الأقل فی مقابل مثل هذا الضرر المحتمل ویکون منه على حذر.

وورد نظیر هذا المعنى فی آیات اُخرى من القرآن، وبتعبیرات اُخرى، مثل: (أفأمنتم أن یخسف بکم جانب البرّ أو یرسل علیکم حاصباً ثمّ لا تجدوا لکم وکیلا )سورة الإسراء، الآیة 68 وهذا هو الذی یعبر عنه فی علم الکلام والاُصول بقاعدة «لزوم دفع الضرر المحتمل» (1) .

وفی الآیة التالیة ورد جواب رابع لهؤلاء، فهی تقول: إذا کنتم تفکرون أن تؤمنوا حین نزول العذاب، وأنّ إیمانکم سیقبل منکم، فإنّ ظنّکم هذا باطل لا صحّة له: (أثمّ إذا ماوقع آمنتم به )، لأنّ أبواب التوبة ستغلق بوجوهکم بعد نزول العذاب، ولیس للإیمان حینئذ أدنى أثر، بل یقال لکم: (آلآن وقد کنتم به تستعجلون ).

هذا بالنسبة لعقاب هؤلاء الدنیوی، وفی الآخرة: (ثمّ قیل للّذین ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلاّ بما کنتم تکسبون )، فإنّ أعمالکم فی الواقع هی التی أخذت بأطرافکم، وهی التی تتجسد أمامکم وتؤذیکم على الدوام.


1. یتّضح ممّا قلناه أعلاه، أنّ الآیة المذکورة تشتمل على قضیة شرطیة، ذکر شرطها، إلاّ أنّ جزاءها مقدر، وجملة: ( ماذا یستعجل منه المجرمون ) جملة مستقلة، وتقدیر الآیة هکذا: (أرأیتم إن أتاکم عذابه بیاتاً أو نهاراً کنتم تقدرون على دفعه أو تعدونه أمراً محالا فإذا کان الأمر کذلک ماذا یستعجل منه المجرمون). وما احتمله البعض من أنّ جملة: (ماذا یستعجل...) هی جزاء الشرط بعیداً جداً. دققوا ذلک.
سورة یونس / الآیة 48 ـ 52 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma