وهنا بحوث ینبغی الإنتباه لها:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
جانب من آیات عظمة الله: سورة یونس / الآیة 7 ـ 10

هناک نقاش طویل بین المفسّرین فی الفرق بین کلمتی الضیاء والنور، فالبعض منهم اعتبرهما مترادفتین وأنّ معناهما واحداً، والبعض الأخر قالوا: إنّ الضیاء استعمل فی ضوء الشمس فالمراد به النور القوی، أمّا کلمة النور التی استعملت فی ضوء القمر فإنّها تدل على النور الأضعف.

الرأی الثّالث فی هذا الموضوع هو أنّ الضیاء بمعنى النور الذاتی، أمّا النور فإنّه أعم من الضیاء ویشمل الذاتی والعرضی، وعلى هذا فإنّ اختلاف تعبیر الآیة یشیر إلى هذه النقطة. وهی أنّ الله سبحانه قد جعل الشمس منبعاً فوّاراً للنور، فی الوقت الذی جعل للقمر صفة الإکتساب، فهو یکتسب نوره من الشمس.

والذی یبدو أنّ هذا التفاوت مع ملاحظة آیات القرآن، هو الأصح، لأنا نقرأ فی الآیة 16 من سورة نوح: (وجعل القمر فیهنّ نوراً وجعل الشمس سراجاً ) وفی الآیة 61 من سورة الفرقان، (وجعل فیها سراجاً وقمراً منیراً ) فإذا لاحظنا أنّ نور السراج ینبع من ذاته، وهو منبع وعین للنور، وأنّ الشمس قد شُبهت فی الآیتین بالسراج، سیتّضح أنّ هذا التفاوت مناسب جداً فی الآیات مورد البحث.

هناک اختلاف بین أهل الکتاب وکتّاب اللغة فی أن (ضیاء) جمع أم مفرد، فالبعض، کصاحب کتاب «القاموس»، اعتبرها مفرداً، إلاّ أنّ البعض الآخر کالزجّاج اعتبر الضیاء جمعاً للضوء، وقد قبل هذا المعنى صاحبا تفسیر «المنار» وتفسیر «القرطبی»، وخاصّة صاحب المنار، حیث استفاد على أساس هذا المعنى استفادة خاصّة من الآیة، فهو یقول: إنّ ذکر الضیاء بصیغة الجمع فی شأن نور الشمس إشارة إلى الشیء الذی أثبته العلم الیوم بعد قرون، وهو أنّ نور الشمس مکون من سبعة أنوار، وبتعبیر آخر سبعة ألوان، هی الألوان التی تظهر فی قوس قزح، وتلاحظ عند مرور النور عبر المناشیر البلوریة. (1)

ولکن یبقى هنا سؤال، وهو: هل أنّ نور القمر، رغم أنّه أضعف، غیر متکون من الألوان المختلفة؟

هناک بحث ونقاش بین المفسّرین فی أنّ ضمیر (قدّره منازل ) یعود إلى القمر فقط، أم یرجع إلى الشمس والقمر؟ فالبعض یعتقد أن الضمیر وإن کان مفرداً، إلاّ أنّه یعود إلى الإثنین معاً، ونظیر ذلک فی الأدب العربی غیر قلیل.

اختیار هذا الرأی من أجل أن القمر لیس الوحید الذی له منازل، بل إنّ للشمس أیضاً منازل، ففی کل وقت تکون فی برج خاص، والاختلاف فی الأبراج هذا هو مبدأ التاریخ والأشهر الشمسیة.

والحق أنّ ظاهر الآیة یوحی بأنّ هذا الضمیر المفرد یعود للقمر فقط، لقربه منه، وهذا بنفسه یحتوی على نکتة، ذلک:

أوّلا: إنّ الأشهر التی عرفت فی الإسلام والقرآن رسمیاً هی الأشهر القمریة.

ثانیاً: إنّ القمر کرة متحرکة ولها منازل، أمّا الشمس فإنّها تقع فی وسط المنظومة الشمسیة، ولیس لها حرکة ضمن مجموع هذه المنظومة، وإنّ اختلاف الأبراج ومسیر الشمس فی المدار الفلکی ذی الإثنی عشر برجاً، والذی یبدأ من الحمل وینتهی بالحوت، لیس بسبب حرکة الشمس، بل بسبب حرکة الأرض حول الشمس، ودوران الأرض هذا هو السبب فی أن نرى الشمس تقابل کل شهر واحداً من البروج الفلکیة الإثنی عشر، وعلى هذا فلیس للشمس منازل مختلفة خلافاً للقمر. (دققوا جیداً).

إنّ هذه الآیة فی الحقیقة تشیر إلى إحدى المسائل العلمیة المرتبطة بالأجرام السماویة کانت خافیة على البشر فی ذلک الزمان حیث ما یدرکوا هذا الفرق بین حرکة الشمس والقمر.

لقد عدت الآیات أعلاه اختلاف اللیل والنهار من آیات الله سبحانه، وذلک لأنّ نور الشمس إذا استمر فی إشعاعه على الأرض، فإنّ من المسلّم أن درجة الحرارة سترتفع إلى الحد الذی تستحیل معه الحیاة على وجه الأرض.

وکذلک اللیل إذا استمر فإنّ کل شیء سینجمد لشدّة البرودة.

إلاّ أنّ الله سبحانه قد جعل هذین الکوکبین یتبع أحدهما الآخر لتهیئة أسباب الحیاة والمعیشة على وجه الکرة الأرضیة (2) .

إنّ أثر العدد والحساب والتأریخ والسنة والشهر فی نظام حیاة البشر والروابط الاجتماعیة والمکاسب والأعمال لا یخفى على أحد.

إنّ مسألة العدد والحساب التی أشیر إلیها فی الآیات أعلاه، هی فی الواقع واحدة من أهم مسائل حیاة البشر فی جمیع النواحی والمجالات.

نعلم إنّ أهمیة أیة نعمة تتّضح أکثر عندما نلاحظ الحیاة بدون تلک النعمة، وعلى هذا فلو أن حساب التاریخ وامتیاز الأیّام والأشهر والسنین رفع من حیاة البشر، مثلا لا توجد أیام واضحة ومحددة للأسبوع، ولا أیّام الشهر، ولا عدد الشهور والسنین، ففی هذه الحالة ستتعرض کل المسائل التجاریة والاقتصادیة والسیاسیة وکل الاتفاقیات والبرامج الزمنیة المعدة للخلل وعندها سوف لا یثبت حجر على حجر وستنفرط عقدة النظم فی الاعمال، وحتى وضع الزراعة وتربیة الحیوانات والصناعات الإنتاجیة ستعمها الفوضى والاضطراب.

لکن لما کان الله سبحانه قد خلق الإنسان لیحیا حیاة سعیدة مقرونة بالنظام، فإنّه قد وضع وسائلها تحت تصرفه.

صحیح أن الإنسان یمکنه تنظیم أعماله إلى حدّ ما بالاُمور الاعتباریة، إلاّ أنّه إذا لم یستند إلى المیزان الطبیعی فإنّ مقیاسه الجعلی لا یکون عاماً وشاملا، ولیس قابلا للإعتماد.

إنّ دوران الشمس والقمر ـ وبتعبیر أصح دوران الأرض حول الشمس ـ والمنازل التی لهما، یشکل تقویماً طبیعیاً واضح الأساس ویستفید منه الجمیع فی کل مکان، ویعتمدون علیه، فکما أن مقدار الیوم واللیلة یعتبر مقیاساً زمنیاً صغیراً ینشأ نتیجة عالم طبیعی، أی حرکة الأرض حول نفسها، فإنّ الشهر والسنة یجب أن تستند إلى دوران طبیعی، وعلى هذا المنوال فإنّ حرکة القمر حول الأرض یشکل مقیاساً أکبر، فإنّ الشهر یساوی ثلاثین یوماً تقریباً، وحرکة الأرض حول الشمس ینتج منها مقیاس أعظم، وهو السنة.

قلنا: إنّ التقویم الإسلامی یستند إلى التقویم القمری ودوران القمر، ورغم أنّ دوران الشمس فی الأبراج الإثنی عشر طریقة جیدة لتعیین الأشهر الشمسیة، أنّ هذا التقویم مع أنّه طبیعی، إلاّ أنّه لا ینفع الجمیع، وإنّما یستطیع علماء النجوم فقط عبر رصد النجوم من تحدید کون الشمس فی البرج الفلانی، ولهذا السبب فإنّ الآخرین مجبورون على مراجعة التقاویم التی نظمت من قبل هؤلاء المنجمین، بینما یعطی دوران القمر المنتظم حول الأرض تقویماً واضحاً یستطیع قراءة خطوطه وخرائطه حتى الأمیون وسکّان البوادی.

وتوضیح ذلک إن هیئة القمر تختلف فی کل لیلة فی السماء عن اللیلة السابقة واللاحقة، بحیث لا توجد لیلتان فی طول الشهر تتحد فیها هیئة القمر فی السماء، وإذا دققنا قلیلا فی وضع القمر کل لیلة فإنّنا سنعتاد رویداً رویداً على تعیین تلک اللیلة من لیالی الشهر.

وقد یتصور البعض أنّ صورة القمر فی النصف الثانی من الشهر تتکرر فی صور النصف

الأوّل بعینها، وأنّ صورة القمر فی لیلة الإحدى والعشرین مثلا هی بعینها صورته فی اللیلة السابقة، إلاّ أنّ هذا اشتباه کبیر، لأنّ جانب النقص فی القمر فی النصف الأوّل هو الطرف الأعلى، فی حین أنّ جانب نقصه فی النصف الثّانی من الطرف الأسفل، وبتعبیر آخر فإنّ أطراف الهلال الدقیقة تکون إلى الشرق فی البدایة، بینما هی فی الجانب الغربی عند أواخر الشهر، إضافةً إلى أنّ القمر یرى فی الغرب أوائل الشهر، أمّا فی أواخره فإنّه یرى فی الشرق، ویتأخر کثیراً فی طلوعه. وعلى هذا فإنّه یمکن الإستفادة من شکل القمر مع تغییراته التدریجیة کعداد یومی، ولتحدید أیّام الشهر بدقة من خلال شکل القمر.

على کل حال، فإنّنا فی هذه الموهبة التی نسمیها «النظام التأریخی»، مدینون لهذا الخلق الإلهی، ولولا حرکات القمر والشمس (والأرض) لکان لنا وضع مضطرب وفوضوی فی الحیاة لم یکن فی الحسبان تصوره.

إنّ السجناء فی الزنزانات الإنفرادیة المظلمة، والذین أضاعوا الزمان والأوقات ولم یهتدوا إلیها، قد أحسوا بهذه الحیرة وعدم الهدفیة والتکلیف.

یقول أحد السجناء فی عصرنا الحاضر الذی قضى شهراً فی زنزانة إنفرادیة مظلمة لعملاء الظالمین: لم تکن لی أیّة وسیلة أو طریقة لتحدید أوقات الصلاة، إلاّ أنّهم عندما کانوا یأتوننی بالغداء کنت أصلی الظهر والعصر، وإذا ما أتوا بالعشاء أصلی المغرب والعشاء، وصلاة الصبح عادة مع الفطور! ولکی أحسب الأیّام فإنّی کنت آخذ وجبات الطعام بنظر الاعتبار، فکل ثلاث وجبات أعدها یوماً، غیر أنی لا أعلم ماذا حدث عندما خرجت من السجن، فقد رأیت اختلافاً بین حسابی وحساب الناس!.


1. تفسیر المنار، ذیل الآیة مورد البحث.
2. لقد أوردنا توضیحات اُخرى حول هذا الموضوع فی ذیل الآیة 164 من البقرة وذیل الآیة 190 من سورة آل عمران.
جانب من آیات عظمة الله: سورة یونس / الآیة 7 ـ 10
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma