بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
تأثیر آیات القرآن المتباین على القلوب: سورة التّوبة / الآیة 126 ـ 127

وهنا بحوث ینبغی التنبه لها:

إنّ القرآن الکریم یؤکّد من خلال هاتین الآیتین على حقیقة، وهی أنّ وجود البرامج والقوانین الحیاتیة لا تکفی بمفردها لسعادة فرد أو جماعة، بل یجب أن یؤخذ بنظر الاعتبار وجود الأرضیة المهیئة والإستعداد للتلقی کشرط أساسی.

إنّ آیات القرآن کقطرات المطر تصیب الحدیقة الغناء والأرض السبخة، فالذین ینظرون إلى الحقائق بروح التسلیم والإیمان والعشق، یتعلمون من کل سورة ـ بل من کل آیة ـ درساً یزید فی إیمانهم، ویفعّل سمات الإنسانیة لدیهم.

أمّا الذین ینظرون إلى هذه الآیات من خلف حجب العناد والکبر والنفاق، فإنّهم لایستفیدون منها، بل وتزید فی کفرهم ورجسهم. وبتعبیر آخر فإنّهم یعصون کل أمر فیها لیرتکبوا بذلک معصیة جدیدة تضاف إلى معاصیهم، ویواجهون کل قانون بالتمرد علیه، ویصرون على رفض کل حقیقة، وهذا هو سبب تراکم المعاصی والآثام فی وجودهم، وبالتالی تتجذّر هذه الصفات الرذیلة فی کیانهم، وفی النهایة اغلاق کل طرق الرجوع بوجوههم وموتهم على الکفر.

وبتعبیر آخر فإنّ (فاعلیة الفاعل) فی کل برنامج تربوی لا تکفی لوحدها، بل إنّ روح التقبل و(قابلیة القابل) شرط اساسی أیضاً.

«الرجس» فی اللغة بمعنى الخبیث النجس السیء، وعلى قول الراغب فی کتاب المفردات، فإنّ هذا الخبث والتلوث أربعة أنواع: فتارةً یُنظر إلیه من جهة الغریزة والطبع، واُخرى من جهة الفکر والعقل، وثالثة من جهة الشرع، ورابعة من کل الجهات.

ولاشک أنّ السوء والخبث الناشىء من النفاق واللجاجة والتعنّت أمام الحق سیولّد نوعاً من الشر والخبث الباطنی والمعنوی بحیث یبدو أثره بوضوح فی النهایة على الإنسان وکلامه وسلوکه.

إنّ جملة (وهم یستبشرون ) مع ملاحظة أنّ أصل کلمة (بشارة) تعنی السرور والفرح الذی تظهر آثاره على وجه الإنسان، تبیّن مدى تأثیر الآیات القرآنیة التربوی فی المؤمنین، ووضوح هذا التأثیر بحیث تبدو علاماته فوراً على وجوههم.

لقد اعتبرت هذه الآیات «المرض القلبی» نتیجة حتمیة وملازمة للنفاق والصفات

القبیحة، وکما قلنا سابقاً فإنّ القلب فی مثل هذه الموارد یعنی الروح والعقل، ومرض القلب فی هذه المواضع بمعنى الرذائل الأخلاقیة والانحرافات النفسیة، وهذا التعبیر یوضح أنّ الإنسان إذا کان یتمتع بروح سالمة وطاهرة فلا أثر فی وجوده لهذه الصفات الذمیمة، ومثل هذه الأخلاق السیئة کالمرض الجسمی خلاف طبیعة الإنسان، وعلى هذا فإنّ التلوّث بهذه الصفات دلیل على الانحراف عن المسیر الأصلی والطبیعی، ودلیل على المرض الروحی والنفسی (1) .

إنّ هذه الآیات تعطی درساً کبیراً لکل المسلمین، لأنّها تبیّن هذه الحقیقة، وهی أنّ المسلمین الأوائل کانوا یشعرون بروح جدیدة مع نزول کل سورة من القرآن، ویتربّون تربیة جدیدة تصل إلى درجة بحیث تبدو آثارها بسرعة على محیاهم، بینما نرى الیوم أشخاصاً، ظاهرهم أنّهم مسلمون، لا تؤثر فیهم السورة إذا قرأوها، بل إنّ ختم القرآن کلّه لا یترک أدنى أثر علیهم!

هل أنّ سور القرآن فقدت تأثیرها، أم أن تسمّم الأفکار، ومرض القلوب، ووجود الحجب المتراکمة من أعمالنا السیئة هی التی أدّت إلى خلق حالة عدم الاهتمام، وجعلت على القلوب أکنة لایمکن اختراقها؟

یجب علینا أن نلتجىء إلى الله من حالنا هذا، ونسأله أن یمنّ علینا بقلوب کقلوب المسلمین الأوائل.


1. کان لنا بحث آخر عن مرض القلب ومفهومه فی القرآن، راجع الآیة 10 من سورة البقرة.
تأثیر آیات القرآن المتباین على القلوب: سورة التّوبة / الآیة 126 ـ 127
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma