دناءة الهمّة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 86 ـ 89 سورة التّوبة / الآیة 90

الکلام فی هذه الآیات یدور کذلک حول المنافقین، إلاّ أنّ هذه الآیات تقارن بین الأعمال القبیحة للمنافقین وأعمال المؤمنین الحقیقیین الحسنة، وتوضح من خلال هذه المقارنة انحراف هؤلاء المنافقین ودناءتهم.

فالآیة الاُولى تتحدث عن حال المنافقین إذا ما دعا الرّسول (صلى الله علیه وآله) الناس إلى الثبات على الإیمان والجهاد فی سبیل الله، فإنّهم ـ أی المنافقون ـ رغم قدرتهم الجسمیة والمالیة سیطلبون العذر والسماح لهم بعدم المشارکة والبقاء مع ذوی الأعذار: (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنک أولوا الطّول منهم وقالوا ذرنا نکن مع القاعدین ).

کلمة «الطول» على وزن فعل ـ جاءت بمعنى القدرة والاستطاعة المالیة، وعلى هذا فإنّ (أولوا الطّول ) بمعنى المستطیعین والقادرین مالیاً وجسمیاً على الحضور فی میدان الحرب، ورغم ذلک فهم یمیلون إلى التخلف مع اُولئک الذین لا قدرة لدیهم ـ مادیاً أو بدنیاً ـ على الحضور والمشارکة فی الجهاد.

وأصل هذه الکلمة مأخوذ من «الطول» ضد العرض، والاشتراک والإرتباط بین هذین المعنیین واضح، لأنّ القدرة المالیة والجسمیة یعطی معنى الاستمراریة والدوام وطول القدرة.

وفی الآیة التی تلیها وبخ القرآن هؤلاء وذمّهم وقبّحهم بأنّهم (رضوا بأن یکونوا مع الخوالف )، وکما أشرنا سابقاً، فإنّ خوالف جمع خالفة، وأصلها من (خلف)، ولذلک یقال للمرأة إذا خرج الرجل من المنزل، وبقیت فی المنزل: إنّها خالفة. والمقصود من الخوالف فی هذه الآیة کل الذین عُذِروا عن المشارکة فی الجهاد بشکل أو آخر، أعم من أن یکونوا نساء أو مسنّین أو مرضى أو صبیان. وقد أشارت بعض الأحادیث الواردة فی تفسیر الآیة إلى هذا الموضوع.

ثمّ أضافت الآیة: بأنّ هؤلاء نتیجة لکثرة الذنوب والنفاق وصلوا إلى مرحلة (وطبع على قلوبهم فهم لا یفقهون ). وقد بحثنا فی بدایة سورة البقرة معنى الطبع على القلب. (1)

ثمّ تحدثت الآیة التی تلیها فی الجانب المقابل عن صفات وروحیات الفئة التی تقابل المنافقین، وهم المؤمنون المخلصون، وعن أعمالهم الحسنة، وبالتالی عاقبة أعمالهم المعاکسة تماماً لعاقبة اُولئک، فهی تقول: (لکن الرّسول والذین آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم )فکانت عاقبتهم أن یتمتعوا بکل الخیرات والسعادة واللذائذ المادیة والمعنویة فی الدنیا والآخرة (واُولئک لهم الخیرات واُولئک هم المفلحون ).

کلمة (الخیرات) صیغة جمع محلّى بالألف واللام، ومن ذلک یستفاد عمومیتها، فهی تعبیر جامع لکل توفیق وخیر ونصر وموهبة، وهی تشمل المادیة منها والمعنویة.

کما أنّ تعبیر هاتین الجملتین ـ حسب القواعد التی قررت فی المعانی والبیان ـ یدل على الحصر، أی أنّ هذا التعبیر یدل على أن (المخلصین) وحدهم یمثلون هذا الجانب المقابل، ویدل على إنّ هؤلاء وحدهم الذین یستحقون کل خیر وسعادة، هؤلاء الذین یجاهدون بکل وجودهم وبکل ما یمتلکون.

ویستفاد بوضوح من هذه الآیة أنّ «الإیمان» و«الجهاد» إذا اتحدا فی شخص، فسیصحبهما کل خیر وبرکة، ولا سبیل إلى الفلاح والإخلاص، أو إلى شیء من الخیرات والبرکات المادیة والمعنویة إلاّ فی ظل هذین العامَلیْن.

وهناک نقطة اُخرى تستحق التنبیه لها، وهی أنّنا نستفید من خلال مقارنة صفات هاتین المجموعتین أنّ المنافقین ـ لفقدانهم الإیمان، وتلوثهم المضاعف بالمعاصی والذنوب ـ أفراد جاهلون، لذلک فهم محرومون من (علو الهمة) التی هی ولیدة الفهم والشعور والوعی، فهم یرضون أن یکونوا مع القاعدین من المرضى والصبیان، ویأبون الحضور فی سوح الجهاد رغم افتخاراته وامتیازاته.

أمّا فی المقابل، فإنّ المؤمنین قد اتضحت لهم الاُمور وأدرکوا عواقبها فعلت همتهم بحیث رأوا أنّ الجهاد هو الطریق الوحید للإنتصار على المشاکل التی تعترضهم، فسعوا إلیه بکل وجودهم وقدراتهم.

إن هذا الدرس الکبیر هو الذی علمنا القرآن إیاه فی کثیر من آیاته، ومع ذلک فنحن غافلون عنه.

وفی آخر آیة من الآیات التی نبحثها إشارة إلى قسم من الجزاء الاُخروی المعد لهؤلاء المؤمنین، فهی تبشرهم بأنّهم قد (أعدّ الله لهم جنّات تجری من تحتها الأنهار ) وتوکّد لهم بأنّ هذه المواهب والنعم سوف لا تفنى ولا تنفد، بل سیبقون (خالدین فیها )، ثمّ تبیّن أنّ (ذلک الفوز العظیم ).

إنّ تعبیر (أعدّ الله ) علامة جلیة على مدى الإحترام الذی أولى الله هؤلاء المؤمنین به، حیث أعد لهم من قبل کل هذه المواهب والنعم.


1. راجع إلى تفسیر الأمثل ذیل آیة 7 من سورة البقرة.
سورة التّوبة / الآیة 86 ـ 89 سورة التّوبة / الآیة 90
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma