عدم وجودهم أفضل:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 46 ـ 48 سورة التّوبة / الآیة 49

فی الآیة الاُولى ـ من الآیات أعلاه ـ بیان لعلامة اُخرى من علائم کذبهم، وهی فی الحقیقة تکمل البحث الوارد فی الآیات المتقدمة آنفاً، إذ جاء فیها (والله یعلم إنّهم لکاذبون ) فالآیة محل البحث تقول: (ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّة )، ولم ینتظروا الإذن لهم: (ولکن کره الله انبعاثهم فثبّطهم (1) وقیل اقعدوا مع القاعدین ).

وهناک کلام بین المفسّرین فی المراد بـ «قیل اقعدوا» فمن هو القائل؟! أهو الله سبحانه، أم النّبی، أم باطنهم؟!

الظاهر أنّه أمر تکوینی نهض من باطنهم المظلم، وإنّه مقتضى عقیدتهم الفاسدة وأعمالهم القبیحة، وکثیراً ما یُرى أن مقتضى الحال یظهرونه فی هیئة الأمر أو النهی، ویستفاد من الآیة محل البحث أنّ لکلّ عمل ونیّة اقتضاءً یُبتلى به الإنسان شاء أم أبى، ولیس لکلّ أحد قابلیة السیر فی سبیل الله وتحمّل الأعباء الکبرى، بل هو توفیق من قِبَل الله یولیه من یجد فیه طهارة النیّة والإستعداد والإخلاص.

وفی الآیة التالیة إشارة إلى هذه الحقیقة، وهی أنّ عدم مساهمة مثل هؤلاء الأفراد فی ساحة الجهاد لیس مدعاة للتأثر والأسف فحسب، بل لعله مدعاة للسرور، لأنّهم لا ینفعونکم فحسب، بل سیکونون بنفاقهم ومعنویاتهم المتزلزلة وانحرافهم الأخلاقی مصدراً لمشاکل اُخرى جدیدة.

والآیة فی الحقیقة تعطی درساً للمسلمین أن لا یکترثوا بکثرة المقاتلین أو قلّتهم وکمیتهم وعددهم، بل علیهم أن یفکروا فی اختیار المخلصین المؤمنین وإن کانوا قِلّة، فهذا درس لمسلمی الماضی والحاضر والمستقبل.

وتقول الآیة: (لو خرجوا فیکم ) أی إلى تبوک للقتال (ما زادوکم إلاّ خبالا ).

«الخبَال» بمعنى الإضطراب والتردد.

والخَبَل على زنة «الأجَل» معناه الجنون.

والخَبْلُ على زنة «الطَبْل» معناه فساد الأعضاء.

فبناءً على ذلک فإنّ حضورهم بتلک الروحیّة الفاسدة المقرونة بالتردد والنفاق لا أثر له سوى إیجاد الشک والتردد وتثبیط العزائم بین جنود الإسلام.

وتضیف الآیة قائلة: (ولأ وضعوا خلالکم یبغونکم الفتنة ) (2)

ثمّ تنذر المسلمین مِن المتأثرین بهم فی صفوف المسلمین (وفیکم سمّاعون لهم ).

«السمّاع» تطلق على من یسمع کثیراً دون تروٍّ أو تدقیق، فیصدِّق کل کلام یسمعه.

فبناءً على ذلک فإنّ وظیفة المسلمین الراسخین فی الإیمان مراقبت مثل هؤلاء الضعفاء لئلا یقعوا فریسة المنافقین الذئاب. کما یَرِدُ هذا الاحتمال، وهو أنّ المراد من السمّاع فی الآیة هو الجاسوس الذی یتجسّس بین المسلمین ویجمع الأخبار للمنافقین.

وتُختتم الآیة بالقول: (والله علیم بالظالمین ).

وفی آخر آیة من الآیات محل البحث إنذار للنّبیّ (صلى الله علیه وآله) بأنّ هؤلاء المنافقین لم یبادروا لأوّل مرّة إلى التخریب والتفرقة وبذر السموم، بل ینبغی أن تتذکر ـ یا رسول الله ـ أنّ هؤلاء إرتکبوا من قبل مثل هذه الاُمور وهم یتربصون الفرص الآن لینالوا مُناهم (لقد ابتغوا الفتنة من قبل ).

وهذه الآیة تشیر إلى ما جرى فی معرکة اُحد حیث رجع عبدالله بن أبی وأصحابه وانسحبوا وهم فی منتصف الطریق، أو أنّها تشیر إلى مؤامرات المنافقین عامّة التی کانوا یکیدونها للنّبی (صلى الله علیه وآله) أو للمسلمین، ولم یغفل التاریخ أن یسجلها على صفحاته!

(وقلّبوا لک الاُمور ) وخطّطوا للإیقاع بالمسلمین، أو لمنعهم من الجهاد بین یدیک، إلاّ أنّ کل تلک المؤامرات لم تفلح، وإنما رَقَموا على الماء ورشقوا سهامهم على الحجر (حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم کارهون ).

غیر أن مشیئة العباد وإرادتهم لا أثر لها إزاء مشیئة الله وإرادته، فقد شاء الله أن ینصرک وأن یُبلغَ رسالتک إلى أصقاع المعمورة، ویزیل العراقیل والموانع عن منهاجک، وقد فعل.

إلاّ أنّ ما یهمنا هنا أن نعرف أنّ مدلول الآیات آنفة الذکر لا یختص بعصر النّبی (صلى الله علیه وآله)وزمانه، ففی کل جیل وکل عصر جماعة من المنافقین تحاول أن تنثر سموم التفرقة فی اللحظات الحسّاسة والمصیریة، لیحبطوا روح الوحدة ویثیروا الشکوک والتردد فی أفکار الناس، غیر أنّ المجتمع إذا کان واعیاً فهو منتصر بأمر الله ووعده الذی وعد أولیاءه، وهو ـ سبحانه ـ الذی یذر ما یرقم المنافقون ومخططاتهم سُدىً، شریطة أن یجاهد أولیاؤه فی سبیله مخلصین، وأن یراقبوا بحذر أعداءهم المتوغلین بینهم.


1. «ثبّطهم» مشتق من «التثبیط» ویعنی الوقوف بوجه العمل المزمع إجراؤه بوجه من الوجوه.
2.«أوضعوا» من مادة «الإیضاع» ومعناه، الإسراع فی الحرکة، ومعناه هنا الإسراع فی النفوذ بین صفوف المقاتلین، والفتنة هنا بمعنى التفرقة واختلاف الکلمة.
سورة التّوبة / الآیة 46 ـ 48 سورة التّوبة / الآیة 49
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma