وقف القتال «الإجباری»:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 36 ـ 37 1ـ فلسفة الأشهر الحُرُمِ!

لما کانت هذه السورة تتناول أبحاثاً مفصلةً حول قتال المشرکین، فالآیتان ـ محل البحث ـ تشیران إلى أحد مقرّرات الحرب والجهاد فی الإسلام، وهو إحترام الأشهر الحُرم.

فتقول الاُولى: (إنّ عدّة الشهور عندالله اثنا عشر شهراً فی کتاب الله یوم خلق السماوات والأرض ).

والتعبیر بـ «کتاب الله» یمکن أن یکون إشارة إلى القرآن المجید أو سائر الکتب السماویة، إلاّ أنّه بملاحظة جملة (یوم خلق السماوات والأرض ) یبدو أنّ المعنى الأکثر مناسبة هو کتاب الخلق وعالم الوجود.

وعلى کل حال، فمنذ ذلک الیوم الذی استقرت علیه المجموعة الشمسیة بنظامها الخاص حدثت السنین والأشهر، فالسنة عبارة عن دوران الأرض حول الشمس دورة کاملة والشهر دوران القمر حول الأرض دورة کاملة.

وهذا فی الحقیقة تقویم طبیعی قیّم غیر قابل للتغییر حیث یمنح حیاة الناس جمیعاً نظاماً

طبیعیاً، وینظّم على وجه الدقة حسابهم التاریخی، وتلک نعمة عظمى من نعم الله للبشر کما بیّنا تفصیل ذلک فی ذیل الآیة 189 من سورة البقرة: (یسألونک عن الأهلّة قل هی مواقیت للناس والحج ).

ثمّ تضیف الآیة ـ آنفة الذکر ـ معقبّةً: (منها أربعة حرم ).

یرى بعض المفسّرین أنّ تحریم القتال فی هذه الأشهر الأربعة کان من عهد «إبراهیم الخلیل (علیه السلام)»، وکان نافذ حتى فی زمان الجاهلیة على أنّه سنة متّبعة إلاّ أنّ عرب الجاهلیة کانوا یغیرون هذه الأشهر أحیاناً تبعاً لمیولهم وأهوائهم، إلاّ أنّ الإسلام أقرّ حرمتها على حالها ولم یغیّرها، وثلاثة من الأشهر متوالیة وتسمى بالأشهر السَرد وهی: ذوالقعدة، وذو الحجة، والمحرم. وشهر منها منفصل عنها، وهو رجب ویسمى بالشهر الفرد.

وینبغی التنویه على أنّ تحریم هذه الأشهر إنّما یکون نافذ المفعول إذا لم یبدأ العدو بقتال المسلمین فیها، أمّا لو فعل فلا شک فی وجوب قتاله على المسلمین لأنّ إحترام الشهر الحرام لم یُنتقض من قبلهم، بل انتقض من قبل العدوّ «وقد بیّنا تفصیل ذلک ذیل الآیة 194 من سورة البقرة».

ثمّ تضیف الآیة مؤکّدة: (ذلک الدین القیّم ).

ویستفاد من بعض الرّوایات (1) أنّ تحریم القتال فی هذه الأشهر الحرم، کان مشرّعاً فی الدیانة الیهودیة والمسیحیة وسائر الشرائع السماویة، إضافة إلى شریعة إبراهیم الخلیل (علیه السلام). ولعلّ التعبیر بـ (ذلک الدّین القیّم ) إشارة إلى هذه اللّطیفة، أی إنّ هذا التحریم کان فی أوّل الأمر على شکل قانون ثابت:

ثمّ تقول الآیة: (فلا تظلموا فیهنّ أنفسکم ).

إلاّ أنّه لمّا کان تحریم هذه الأشهر قد یتخذ ذریعة من قبل العدو لمهاجمة المسلمین فیها، فقد عقبت الآیة بالقول: (وقاتلوا المشرکین کافّة کما یقاتلونکم کافّة ) فبالرغم من أنّ هؤلاء مشرکین، والشرک أساس التشتت والتفرقة، إلاّ أنّهم یقاتلونکم فی صف واحد، «کافّة» فینبغی علیکم أن تقاتلوهم کافة، فذلک منکم أجدر لأنّکم موحّدون فلابدّ من توحید کلمتکم أمام عدوکم ولتکونوا کالبنیان المرصوص.

وتختتم الآیة بالقول: (واعلموا أنّ الله مع المتّقین ).

وفی «الآیة الثّانیة» ـ من الآیتین محل البحث ـ إشارة إلى إحدى السُنن الخاطئة فی الجاهلیة، وهی سنة النسیء «تغییر الأشهر الحرم» إذ تقول الآیة: (إنّما النسیء زیادة فی الکفر یُضلّ به الذین کفروا ) ففی أحد الاعوام یقرّرون حلیّة الشهر الحرام ویحرمون أحد الأشهر الحلال للمحافظة على العدد أربعة (یحلّونه عاماً ویحرّمونه عاماً لیواطئوا عدّة ما حرّم الله فیحلّوا ما حرّم اللّه )!

فهؤلاء یضیعون بتصرفهم هذا فلسفة تحریم الأشهر، ویتلاعبون بحکم الله بحسب ما تملیه علیهم أهوائهم، والعجیب أنّهم یرضون عن عملهم، وفعلهم هذا کما تقول الآیة: (زیّن لهم سوء أعمالهم ).

فهم یغیرون الأشهر الحرم ویبدلونها، ویعدّون ذلک تدبیراً لحیاتهم ومعاشهم، أو یتصوّرون أنّ طول فترة إیقاف القتال یقلل من حماس المقاتلین فلابدّ من إثارة الحرب.

فالله سبحانه إذا علم أن فی عباده من لیس أهلا للهدایة والتوفیق، خلاه ونفسه: (والله لا یهدی القوم الظالمین ).


1. تفسیر البرهان، ج 2، ص 122.
سورة التّوبة / الآیة 36 ـ 37 1ـ فلسفة الأشهر الحُرُمِ!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma