ذکر المفسّرون والمحدّثون أنّ الآیة ـ محل البحث ـ تشیر إلى الحوادث التی أدّت إلى هجرة الرسول (صلى الله علیه وآله) من مکّة إلى المدینة.
هذه الحوادث وإن رویت بعبارات مختلفة إلاّ أنّها تتفق جمیعاً على حقیقة أنّ الله عزّ وجلّ قد أنقذ نبیّه الکریم عن طریق الإعجاز من خطر محدق به، ونروی هذه الحادثة وفقاً لمّا ورت فی الدّر المنثور ومجمع البیان ذیل الآیة آنفاً.
قال المفسّرون: إنّها نزلت فی شأن «دار النّدوة» وذلک أنّ نفراً من قریش اجتمعوا فیها وهی دار قصیّ بن کلاب، وتآمروا فی أمر النّبی (صلى الله علیه وآله) فقال عروة بن هشام: نتربص به ریب المنون، وقال أبو البختری: أخرجوه عنکم تستریحوا من أذاه، وقال أبوجهل: ما هذا برأی، ولکن اُقتلوه بأن یجتمع علیه من کل بطن رجل فیضربوه بأسیافهم ضربة رجل واحد فیرضى بنو هاشم حینئذ بالدیّة، فصوّب إبلیس هذا الرأی، وکان قد جاءهم فی صورة شیخ کبیر من أهل نجد، وخطّأ الأوّلین.
فاتفقوا على هذا الرأی وأعدّو الرجال والسلاح وجاء جبرئیل (علیه السلام) فأخبر النّبی (صلى الله علیه وآله)فخرج إلى الغار وأمَر علیّاً فبات على فراشه، فلمّا أصبحوا وفتشوا عن الفراش، وجدوا علیّ (علیه السلام) وقد ردّ الله مکرهم فقالوا: أین محمّد؟ فقال: لا أدری، فاقتصّوا أثره وأرسلوا فی طلبه، فلمّا بلغوا الجبل ومرّوا بالغار رأوا على بابه نسجَ العنکبوت، فقالوا: لو کان ها هنا لم یکن نسج العنکبوت على بابه فمکث فیه ثلاثاً ثمّ قدم المدینة» (1) .
1. تفسیر درّالمنثور، ج 3، ص 179. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
