شجرة الزقوم!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الدخان / الآیة 43 ـ 50العقوبات الجسمیة والروحیة

تصف هذه الآیات أنواعاً من عذاب الجحیم وصفاً مرعباً یهز الأعماق، وهی تکمل البحث الذی مرّ فی الآیات السابقة حول یوم الفصل والقیامة، فتقول: (إن شجرت الزقوم طعام الأثیم) فهؤلاء المجرمون هم الذین یأکلون هذا النبات المر القاتل، والخبیث الطعام النتن الرائحة.

«الزّقوم» کما قلنا فی تفسیر الآیة 62 من سورة الصافات ـ على قول المفسّرین وأهل اللغة، اسم شجرة لها أوراق صغیرة وثمرة مرّة خشنة اللمس منتنة الرائحة، تنبت فی أرض تهامة من جزیرة العرب، کان المشرکون یعرفونها، وهی شجرة عصیرها مرّ، وإذا أصابت البدن تورّم(1).

ویعتقد البعض أنّ الزقوم فی الأصل یعنی الإبتلاع(2)، ویقول البعض: إنّها کلّ طعام خبیث فی النّار(3).

وجاء فی حدیث أنّ هذه الکلمة لما نزلت فی القرآن قال کفار قریش: ما نعرف هذه الشجرة، فأیّکم یعرف معنى الزقوم؟ وکان هناک رجل من أفریقیة قال: هی عندنا التمر والزبد ـ وربَّما قال ذلک استهزاء ـ فلما سمع أبو جهل ذلک قال مستهزئاً: یا جاریة زقمینا، فأتته الجاریة بتمر وزبد، فقال لأصحابه: تزقموا بهذا الذی یخوفکم به محمّد(4).

وینبغی الالتفات إلى أنّ «الشجرة» تأتی فی لغة العرب والاستعمالات القرآنیة بمعنى الشجرة أحیاناً، وبمعنى مطلق النبات أحیاناً.

و«الأثیم» من مادة «إثم»، وهو المقیم على الذنب، والمراد هنا الکفار المعاندون المعتدون، المصرون على الذنوب والمعاصی المکثرون منها.

ثمّ تضیف الآیة: (کالمهل یغلی فی البطون * کغلی الحمیم).

«المهل» ـ على قول کثیر من المفسّرین وأرباب اللغة ـ الفلز المذاب، وعلى قول آخرین ـ کالراغب فی المفردات ـ هو دُرْدِیُّ الزیت، وهو ما یترسب فی الإناء، وهو شیء مرغوب فیه جداً، لکن یبدو أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب.

«والحمیم» هو الماء الحار المغلی، وتطلق أحیاناً على الصدیق الوثیق العلاقة والصداقة، والمراد هنا هو المعنى الأول.

على أی حال، فعندما یدخل الزقوم بطون هؤلاء، فإنّه یولد حرارة عالیة  لا تطاق، ویغلی کما یغلی الماء، وبدل أن یمنحهم هذا الغذاء القوة والطاقة فإنّه یهبهم الشقاء والعذاب والألم والمشقة.

ثمّ یخاطب سبحانه خزنة النّار، فیقول: (خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحیم).

«فاعتلوه» من مادة «العَتْل»، وهی الأخذ والسحب والإلقاء. وهو ما یفعله حماة القانون والشرطة مع المجرمین المتمردین، الذی لا یخضعون لأی قانون ولا یطبقونه.

«سواء» بمعنى الوسط، لأنّ المسافة إلى جمیع الأطراف متساویة، وأخذ أمثال هؤلاء الأشخاص وإلقاؤهم فی وسط جهنم باعتبار أنّ الحرارة أقوى ما تکون فی الوسط، والنّار تحیط بهم من کلّ جانب.

ثمّ تشیر الآیة التالیة إلى نوع آخر من أنواع العقاب الألیم الذی یناله هؤلاء، فتقول:

(ثمّ صبّوا فوق رأسه من عذاب الحمیم)(5) وبهذا فإنّهم یحترقون من الداخل، وتحیط النّار بکلّ وجودهم من الخارج، وإضافة إلى ذلک یصب على رؤوسهم الماء المغلی فی وسط الجحیم.

وقد ورد نظیر هذا المعنى فی الآیة 19 من سورة الحج حیث تقول: (یصب من فوق رؤوسهم الحمیم).

وبعد کلّ أنواع العذاب الجسمی هذه، تبدأ العقوبات الروحیة والنفسیة، فیقال لهذا المجرم المتمرد العاصی الکافر: (ذق إنّک أنت العزیز الکریم) فأنت الذی کنت قد قیدت البؤساء فباتوا فی قبضتک تظلمهم کیف شئت، وتعذبهم حسبما تشتهی، وکنت تظن أنّک قوی لا تقهر، وعزیز لا یمکن أنّ تُهان ویجب على الجمیع احترامک وتقدیرک.

نعم، أنت الذی رکبک الغرور فلم تدع ذنباً لم ترتکبه، ولا موبقة لم تأتها، فذق الآن نتیجة أعمالک التی تجسدت أمامک، وکما أحرقت أجسام الناس وآلمت أرواحهم، فلیحترق الآن داخلک وخارجک بنار غضب الله والماء المغلی الذی یصهر ما فی بطونهم والجلود.

وجاء فی حدیث أنّ النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أخذ یوماً بید أبی جهل وقال: «أولى لک فأولى» فغضب أبو جهل وجرَّ یده وقال: بأی شیء تهددنی؟ ما تستطیع أنت وصاحبک أن تفعلا بی شیئاً، إنّی لمن أعز هذا الوادی وأکرمه.

والآیة ناظرة إلى هذا المعنى، فتقول: عندما یلقونه فی جهنم یقولون له: ذق یا عزیز مکّة وکریمه(6).

ویضیف القرآن الکریم فی آخر آیة ـ من الآیات مورد البحث ـ مخاطباً إیّاهم: (إن هذا ما کنتم به تمترون) فکم ذکّرناکم بحقّانیة هذا الیوم وحقیقته فی مختلف آیات القرآن وبمختلف الأدلة؟!

ألم نقل لکم: (کذلک الخروج)؟(7).

ألم نقل: (کذلک النشور)؟(8).

ألم نقل: (وذلک على الله یسیر)؟(9).

ألم نقل: (أفعیینا بالخلق الأول)؟(10).

وخلاصة القول: قد قلنا لکم الحقیقة وأوضحناها بطرق مختلفة، لکن لم تکن لکم آذان تسمعون بها.


1. تفسیر مجمع البیان، وتفسیر روح البیان، وتفسیر روح المعانی.
2. لسان العرب مادة «زقم».
3. مفردات الراغب مادة «زقم».
4. تفسیر القرطبی، ج 8، ص 5529، ذیل الآیة 62 من سورة الصافات.
5. (عذاب الحمیم) من قبیل الإضافة البیانیة، أی إنّ هذا الماء المحرق عذاب یصب على هؤلاء.
6. تفسیر المراغی، ج 25، ص 135، ذیل الآیات مورد البحث، وتفسیر روح المعانی، والتّفسیر الکبیر.
7. ق، 11.
8. فاطر، 9.
9. التغابن، 7.
10. ق، 15.
سورة الدخان / الآیة 43 ـ 50العقوبات الجسمیة والروحیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma