بنو إسرائیل فی بوتقة الاختبار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الدخان / الآیة 30 ـ 33 سورة الدخان / الآیة 34 ـ 36

کان الکلام فی الآیات السابقة عن غرق الفراعنة وهلاکهم، وانکسار شوکتهم وانتهاء حکومتهم، وانتقالها إلى الآخرین، وتتحدّث هذه الآیات فی النقطة المقابلة لذلک أی نجاة بنی إسرائیل وخلاصهم، فتقول: (ولقد نجیّنا بنی إسرائیل من العذاب المهین) من العذاب الجسمی والروحی الشاق، والذی نفذ إلى أعماق أرواحهم.. من ذبح الأطفال الذکور، واستحیاء البنات للخدمة وقضاء المآرب، من السخرة والأعمال الشاقة جدّاً، وأمثال ذلک.

فکم هو مؤلم أن یکون مصیر اُمة بید هکذا عدوّ دموی شیطانی، وأن تبتلى بهکذا ظلمة لا یعرفون الرحمة ولا الإنسانیة؟

نعم، لقد نجّى الله سبحانه هذه الأمّة المظلومة من قبضة هؤلاء الظالمین، أعظم سفاکی الدماء فی التاریخ، فی ظل ثورة موسى بن عمران(علیه السلام) الرّبانیة، لذلک تضیف الآیة (من فرعون إنّه کان عالیاً من المسرفین).

لیس المراد من «عالیاً» هنا علو المنزلة، بل هو إشارة إلى استشعاره العلو، وإنّما علوه فی الإسراف والتعدی، کما جاء ذلک أیضاً فی الآیة 4 من سورة القصص (إنّ فرعون علا فی الأرض) حتى أنّه ادعى الألوهیة، وسمى نفسه الرب الأعلى.

و«المسرف» من مادة «إسراف»، أی کلّ تجاوز للحدود، سواء فی الأقوال أم الأفعال، ولذلک استعملت کلمة المسرف فی آیات القرآن المختلفة فی شأن المجرمین الذین یتعدون

الحدود فی ظلمهم وفسادهم، وکذلک أطلقت على العصاة المسرفین، کما نقرأ ذلک فی الآیة 53 من سورة الزمر (قل یا عبادى الذین أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله).

وتشیر الآیة التالیة إلى نعمة اُخرى من نعم الله سبحانه على بنی إسرائیل، فتقول: (ولقد اخترناهم على علم على العالمین)إلاّ أنّهم لم یعرفوا قدر هذه النعمة، فکفروا وعوقبوا.

وعلى هذا فإنّهم کانوا الأمة المختارة فی عصرهم، لأنّ المراد من العالمین البشر فی ذلک العصر والزمان لا فی کلّ القرون والأعصار، لأنّ القرآن یخاطب الأمة الإسلامیة بصراحة فی الآیة 110 من سورة آل عمران ویقول: (کنتم خیر أمّة أخرجت للناس).

وکذلک الحال بالنسبة إلى الأراضی التی ورثها بنو إسرائیل، إذ یقول القرآن الکریم فی الآیة 137 من سورة الأعراف (وأورثنا القوم الذین کانوا یستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التی بارکنا فیه) فی حین أنّ بنی إسرائیل لم یرثوا کلّ الأرض، والمراد شرق منطقتهم وغربها.

ویعتقد بعض المفسّرین أنّه کان لبنی إسرائیل بعض المیزات التی کانت منحصرة فیهم على مرّ التأریخ، ومن جملتها کثرة الأنبیاء، إذ لم یظهر فی أی قوم هذا العدد من الأنبیاء.

إلاّ أنّ هذا الکلام، إضافة إلى أنّه لا یثبت مزیتهم المطلقة هذه، فإنّه یدل على أنّها لیست مزیة أساساً، فربَّما کانت کثرة الأنبیاء فیهم دلیلاً على غایة تمرد هؤلاء القوم وقمة عصیانهم، کما بیّنت الحوادث المختلفة بعد ظهور موسى(علیه السلام) أنّهم لم یترکوا شیئاً سیئاً لم یفعلوه ضد هذا النّبی العظیم.

وعلى أیة حال، فإنّ ما ذکرناه أعلاه فی تفسیر الآیة، هو المقبول من قبل کثیر من المفسّرین فی شأن أهلیة بنی إسرائیل النسبیة.

غیر أنّ هؤلاء القوم المعاندین کانوا یؤذون أنبیاءهم دائماً ـ حسب ما یذکره القرآن ـ وکانوا یقفون أمام أحکام الله سبحانه بکلّ تصلب وعناد، بل إنّهم بمجرّد أن نجوا من النیل وأهواله طلبوا من موسى أن یجعل لهم آلهة یعبدونها! وهذا یدلنا على إمکانیة أن یکون الهدف من الآیة لیس بیان خصیصة لبنی إسرائیل، بل بیان حقیقة اُخرى، وعلیه یصبح معنى الآیة: مع أنّنا نعلم أنّ هؤلاء سیسیئون استغلال نعم الله ومواهبه، فقد منحناهم التفوق لنختبرهم.

کما یستفاد من الآیة التالیة ـ أیضاً ـ أنّ الله سبحانه قد منحهم مواهب اُخرى لیبلوهم.

ولذا فإنّ هذا الاختبار الإلهی لا یدل على کونه مزیة لهؤلاء، ولیس هذا وحسب، بل هو ذم ضمنی أیضاً، لأنّهم لم یشکروا هذه النعمة، ولم یؤدّوا حقها، ولم ینجحوا فی الامتحان.

وتشیر آخر آیة من هذه الآیات إلى بعض المواهب الاُخرى التی منحهم الله إیّاها، فتقول: (وآتیناهم من الآیات ما فیه بلاء مبین) فمرة ظللنا علیهم الغمام فی صحراء سیناء، وفی وادی التیه واُخرى أنزلنا علیهم مائدة خاصة من المن والسلوى، وثالثة أجرینا لهم العیون من الصخور الصماء، ومنحناهم أحیاناً نعماً مادیة ومعنویة اُخرى، إلاّ أنّ کلّ ذلک کان لغرض الابتلاء والامتحان، لأنّ الله سبحانه یختبر قوماً بالمصیبة، وآخرین بالنعمة، کما نقرأ ذلک فی الآیة 168 من سورة الأعراف: (وبلوناهم بالحسنات والسّیّئات لعلهم یرجعون).

وربّما کان الهدف من ذکر قصة بنی إسرائیل للمسلمین الأوائل، هو أن لا یخافوا من کثرة الأعداء وتعاظم قوّتهم، ولیطمئنوا بأنّ الله الذی أهلک الفراعنة ودمرهم، وأورث بنی إسرائیل ملکهم وحکومتهم، سیمنّ علیهم فی القریب العاجل بمثل هذا النصر، وکما اختبر اُولئک بهذه المواهب، فإنّکم ستوضعون أیضاً فی بوتقة الامتحان والاختبار، لیتّضح ماذا ستفعلون بعد الإنتصار وتقلد الحکم؟

وهذا تحذیر لکلّ الاُمم والأقوام فیما یتعلق بالإنتصارات والمواهب التی یحصلون علیها بفضل الله ولطفه، فإنّ الامتحان عندئذ عسیر.

سورة الدخان / الآیة 30 ـ 33 سورة الدخان / الآیة 34 ـ 36
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma