التحذیر من العاقبة!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 30 ـ 33 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 34 ـ 35

کان الشعب المصری آنذاک یمتاز نسبیاً بمواصفات التمدّن والثقافة، وقد اطّلع على أقوال المؤرخین بشأن الأقوام السابقة، أمثال قوم نوح وعاد وثمود الذین لم تکن أرضهم تبعد عنهم کثیراً، وکانوا على علم بما آل إلیه مصیرهم.

لذلک کلّه فکّر مؤمن آل فرعون بتوجیه أنظار هؤلاء إلى أحداث التاریخ وأخذ یحذّرهم من تکرار العواقب الألیمة التی نزلت بغیرهم، عساهم أن یتیقظوا ویتجنّبوا قتل موسى(علیه السلام)، یقول القرآن الکریم حکایة على لسانه: (وقال الّذی آمن یا قوم إنّی أخاف علیکم مثل یوم الأحزاب).

ثم أوضح مراده من هذا الکلام بأنّنی خائف علیکم عن العادات والتقالید السیئة التی کانت متفشّیة فی الأقوام السالفة. (مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والّذین من بعدهم)(1).

لقد نالت هذه الأقوام جزاء ما کانت علیه من الکفر والطغیان، إذ قتل من قتل منهم بالطوفان العظیم، واُصیب آخرون منهم بالریح الشدیدة، وبعضهم بالصواعق المحرقة، ومجموعة بالزلازل المخرّبة.

والیوم یخاطبهم مؤمن آل فرعون: ألا تخشون أن تصیبکم إحدى هذه البلایا العظیمة بسبب إصرارکم على الکفر والطغیان؟ هل عندکم ضمان بأنّکم لستم مثل أولئک; أو أنّ العقوبات الإلهیّة لا تشملکم ; ترى ماذا عمل اُولئک حتى أصابهم ما أصابهم، لقد اعترضوا على دعوة الأنبیاء الإلهیین، وفی بعض الأحیان عمدوا إلى قتلهم... لذلک کلّه فإنّی أخاف علیکم مثل هذا المصیر المؤلم!؟

ولکن ینبغی أن تعلموا أنّ ما سیصیبکم ویقع بساحتکم هو من عند أنفسکم وبماجنت أیدیکم: (وما الله یرید ظلماً للعباد).

لقد خلق الله الناس بفضله وکرمه، ووهبهم من نعمه ظاهرة وباطنة، وأرسل أنبیاءه لهدایتهم، ولصدّ طغیان العتاة عنهم، لذلک فإنّ طغیان العباد وصدّهم عن السبیل هو السبب فیما ینزل بهم من العذاب الألیم.

ثم تضیف الآیة على لسانه: (ویا قوم إنّی أخاف علیکم یوم التّناد) أی یوم تطلبون العون من بعضکم البعض، إلاّ أصواتکم لا تصل إلى أىّ مکان.

«التناد» مأخوذة أصلا من کلمة «ندا» وتعنی «المناداة» (وهی فی الأصل (التنادی) وحذفت الیاء ووضعت الکسرة فی محلّها) والمشهور بین المفسّرین أنّ (یوم التناد) هو من أسماء یوم القیامة، وقد ذکروا أسباباً لهذه التسمیة، متشابهة تقریباً، فمنهم من یقول: إنّ ذلک یعود إلى مناداة أهل النّار لأهل الجنّة، کما یقول القرآن: (ونادى أصحاب النّار أصحاب الجنّة أن أفیضوا علینا من الماء أو ممّا رزقکم الله) فجاءهم الجواب: (إنّ اللّه حرّمهما على الکافرین)(2) (3). أو أنّ التسمیة تعود إلى مناداة الناس بعضهم لبعض طلباً للعون والمساعدة.

وهناک من قال: إنّ سبب التسمیة یعود إلى أنّ الملائکة تنادیهم للحساب، وهم یطلبون العون من الملائکة.

أو لأنّ منادی المحشر ینادی: (ألا لعنة الله على الظّالمین)(4).

وقال بعضهم: إنّ السبب یعود إلى أنّ المؤمن عندما یشاهد صحیفة أعماله، ینادی برضى وشوق: (هآؤم اقرؤا کتابیه)(5) بینما الکافر من شدّة خوفه وهول ما یحلّ به یصرخ وینادی: (یالیتنی لم أوت کتابیه)(6).

ولکن یمکن تصور معنى أوسع للآیة، بحیث یشمل «یوم التناد» فی هذه الدنیا أیضاً، لأنّ المعنى ـ کما رأیناـ یعنی (یوم مناداة البعض للبعض الآخر) وهذا المعنى یعبّر عن ضعف الإنسان وعجزه عندما تنزل به المحن وتحیطه المصاعب والملمّات، وینقطع عنه العون وأسباب المساعدة، فیبدأ بالصراخ ولکن بغیر نتیجة.

وفی عالمنا هذا ثمّة أمثلة عدیدة على «یوم التناد» مثل الأیّام التی ینزل فیها العذاب الإلهی، أو الأیّام التی یصل فیها المجتمع إلى طریق مسدود لکثرة ما إرتکب من ذنوب وخطایا، وقد نستطیع أن نتصوّر صوراً اُخرى عن یوم التناد فی حیاتنا من خلال الحالات التی یمرّ بها الناس بالمشاکل والصعاب المختلفة حیث یصرخ الجمیع عندها طالبین للحلّ والنجاة!

الآیة التالیة تفسّر یوم التناد بقولها: (یوم تولّون مدبرین مالکم من الله من عاصم).

ومثل هؤلاء حق علیهم القول: (ومن یضلل الله فما له من هاد) إنّ هؤلاء الذین ضلّوا فی الحیاة الدنیا بابتعادهم عن سبل الرشاد والهدایة وتنکّبهم عن الطریق المستقیم، سیظلّون فی الآخرة عن الجنّة والرضوان والنعم الإلهیّة الکبرى. وقد یکون فی التعبیر القرآنی هذا، إیماءة خفیفة إلى قول فرعون: (ما أهدیکم إلاّ سبیل الرّشاد).(7)


1. «دأب» على وزن «ضرب» تعنی فی الأصل الإستمرار فی السیر، و«دائب» تطلق على الکائن الذی یستمر فی سیره ثمّ أصبحت بعد ذلک تستعمل لأىّ عادة مستمرة... والمقصود هنا من (دأب قوم نوح) هو قیامهم واستمرارهم واعتیادهم على الشرک والطغیان والظلم والکفر.
2. الأعراف، 50.
3. ورد هذا المعنى أیضاً فی حدیث للإمام الصادق(علیه السلام) فی کتاب «معانی الأخبار» للصدوق، وتفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 519.
4. هود، 18.
5. الحاقة، 19.
6. الحاقة، 25.
7. المؤمن، 29.
 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 30 ـ 33 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 34 ـ 35
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma