سورة «فصلت» من السور المکّیة، وهی بذلک لا تخرج فی مضامینها الأساسیة عن مثیلاتها، بل تعکس فی محتواها کامل خصائص السور المکّیة، من التأکید على المعارف الإسلامیة التی تتصل بالعقیدة وبالحساب والجزاء، والوعید والإنذار، وبالبشرى للذین آمنوا.
لکن کون السورة مکّیة لا یعنی عدم اختصاصها بمواضیع معیّنة قد لا نجدها فیما سواهامن السور القرآنیة الاُخرى.
بشکل عام یمکن الحدیث عن محتویات السورة من خلال الخطوط العریضة التالیة:
أوّلا: الترکیز على موضوع القرآن وما یتصل به من بحوث، کالإشارة الصریحة إلى حاکمیة القرآن فی جمیع الأدوار والعصور، وصیانته من أیّ تحریف، وقوّة منطقه وتماسکه بحیث رأینا أعداء الله یخشون حتى من الإستماع إلى آیاته، بل ویمنعون الناس من مجرّد الإنصات إلیه.
الآیتان 41 و42 من السورة تتحدّثان عن هذه النقطة بوضوح کامل، إذ یقول تعالى: (وإنّه لکتاب عزیز لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه).
ثانیاً: إثارة قضیة خلق السماء والأرض، خاصّة ما یتعلّق ببدایة العالم الذی خلق من مادّة (الدخان) ثمّ مراحل نشوء الکرة الأرضیة والجبال والنباتات والحیوانات.
ثالثاً: ثمّة فی السورة إشارات إلى عاقبة الأقوام المغرورین الأشقیاء من الاُمم السابقة، مثل قوم عاد وثمود، وهناک إشارة قصیرة إلى قصة موسى(علیه السلام).
رابعاً: تتضمّن السورة تهدید المشرکین وإنذار الکافرین، مع ذکر آیات القیامة وما یتعلّق بشهادة أعضاء جسم الإنسان علیه، وتوبیخ الله تبارک وتعالى لأمثال هؤلاء.
خامساً: تتناول السورة قسماً من أدلة البعث والقیامة وخصوصیاتهما.
سادساً: المواعظ والنصائح المختلفة التی تبعث فی الروح الحیاة من خلال الدعوة إلى الاستقامة فی طریق الحق، وتوجیه المؤمن نحو اُسلوب التعامل المنطقی مع الأعداء وکیفیة هدایتهم نحو الله.
سابعاً: تنتهی السورة ببحث لطیف قصیر عن آیات الآفاق والأنفس، وتعود کرّةً اُخرى إلى قضیة المعاد.
