ثالثاً: آیات الآفاق والأنفس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
ثانیاً: حقیقة إحاطة الله بکل شیءنظرة عامة فی محتوى السورة

لو اُتیح للإنسان أن ینکر کلّ ما یستطیع، فهو لا یستطیع أن ینکر وجود نظام دقیق قائم یعم بنسقه عالم الوجود، فأحیاناً یقضی عالم معیّن کلّ عمره بالدرس والمطالعة حول ترکیب العین وأسرارها أو المخ أو القلب، ویقرأ الکتب الکثیرة ممّا کتب حول الموضوع، إلاّ أنّه أخیراً یعترف بأنّ هناک أسراراً کثیرة حول موضوعه لا تزال مجهولة.

وهنا یجب أن لا یغیب عن بالنا أنّ علوم علماء الیوم، لیست هی سوى نتیجة متراکمة لجهود ودراسات آلاف العلماء عبر تاریخ البشر.

إنّ عالم الوجود ینطق فی کلّ جزء من أجزائه بوجود قدرة أزلیة تکمن وراءه، فکل شیء یدل على الصانع المدبِّر، وأىّ نبات ینبت على الأرض یهتف «وحده لا شریک له».

نستطیع هنا أن نترک الحدیث عن القضایا العلمیة المعقدة، ونتّجه إلى ظواهر عادیة ممّا ینتشر حولنا، لنتلمّس فیها أدلة واضحة على إثبات الصانع العظیم.

ولا بأس هنا من ذکر هذین المثالین:

المثال الأوّل: الجمیع یعرف أنّ هناک تقوّس فی أخمص قدم کلّ إنسان بحیث لا یبدو الأمر ملفتاً للنظر مطلقاً، ولکنَّا نسمع فی معاملات الفحص الطبی الخاص بأداء الخدمة العسکریة، أنّ الشاب الذی یفتقد مثل هذا التقوّس یعفى من الخدمة العسکریة أو یحال إلى الأعمال المکتبیة الإداریة.

إنّ الإنسان الذی یفتقد مثل هذا التقوّس یتعب بسرعة، ولا یملک الإستعداد الکافی لأداء الخدمة العسکریة التی تستدعی المشی الطویل.

وهکذا کلّ شیء فی هذا العالم وفی وجود الإنسان مخلوق بدقّة ونظم، حتى التقوّس البسیط فی أخمص قدم الإنسان!

المثال الثّانی: فی داخل فم الإنسان وعینه منابع فوّارة منتظمة ودقیقة الإفراز، یخرج من فتحتها الصغیرة على مدى حیاة الإنسان سائلان مختلفان تماماً، لولاهما لما استطاع الإنسان أن یکون قادراً على الرؤیة أو التحدّث أو مضغ الطعام وبلعه.

بعبارة اُخرى: إنّ الحیاة مستحیلة بدون هذین السائلین العادیین ظاهراً!

فبدون أن یکون سطح العین رطباً بشکل دائم یستحیل دوران الحدقة التی ستصاب بآلام کثیرة والأذى بمجرّد ملامستها لأجسام صغیرة، بل ستمنعها هذه الأجسام عن الحرکة.

کذلک إذا لم یکن فم الإنسان وبلعومه رطباً، فإنّ الکلام یصبح أمراً مستحیلا بالنسبة له، وکذلک مضغ الطعام وبلعه. بل وحتى التنفس إذا کان الفم جافاً.

وکذلک ینبغی أن تکون التجاویف الأنفیة رطبة دائماً حتى یسهل دخول الهواء ومروره باستمرار.

والدقیق هنا أنّ ماء العین ینزل عبر قنوات خاصة من العین إلى الأنف للمحافظة على رطوبته، وإذا قدِّر لهذا المجرى أن یغلق لیوم واحداً فقط ـ کما نشاهد ذلک فی حال بعض

المرضى ـ فإنّ الدموع ستسیل على الوجه بشکل دائم وسیکون لها منظر مزعج مؤذ.

ونفس الکلام یقال بالنسبة للغدد اللعابیة فی الفم، فقلّة إفرازاتها تزید من جفاف اللسان والفم والبلعوم، وکثرته تعوق التحدّث وتجعل اللعاب یسیل من الفم إلى الخارج.

ثم إنَّ المذاق الملحی للغدد الدمعیة یؤدّی إلى حفظ أنسجة العین ضدَّ الأجسام الغریبة بمجرّد دخولها إلى العین.

بینما یفتقد اللعاب لأىّ طعم، کی یستطیع الإنسان أن یشعر بالمذاق الخاص للأطعمة، بینما تساعد الأملاح الموجودة فیه على هضم الطعام.

وإذا تدبّرنا فی طبیعة التکوین الکیمیاوی والفیزیائی لسوائل هذه الغدد وأنظمتها الدقیقة ومنافعها، یتبیّن عندها أنَّ وجودها لا یمکن أن یکون مجرّد صدفة عمیاء لا تعقل ولا تعی، بل هی من آیات الله الأنفسیة ومصداق لقول الحق جلَّ وعلا: (سنریهم آیاتنا فی الآفاق وفی أنفسهم حتّى یتبیّن لهم أنّه الحق).

وفی إشارة عابرة لکنّها کبیرة الدلالة والمعنى، یتحدّث الإمام الصادق فی الحدیث المعروف بتوحید المفضَّل، الذی هو غنی جدّاً فی الإشارة إلى الآیات الآفاقیة والأنفسیة لله فی الوجود، یقول(علیه السلام): «أی مفضل! تأمّل الریق وما فیه من المنفعة، فإنّه جعل یجری جریاناً دائماً إلى الفم، لیبل الحلق واللهوات فلا یجف، فإنّ هذه المواضع لو جعلت کذلک کان فیه هلاک الإنسان، ثمّ کان لا یستطیع أن یسیغ طعاماً إذا لم یکن فی الفم بلة تنفذه، تشهد بذلک المشاهدة»(1).

فإذا تجاوزنا جسم الإنسان فإنّ روحه بؤرة للعجائب بحیث حیّرت جمیع العلماء، وثمّة آلاف الآلاف من هذه الآیات البینات التی تشهد جمیعاً«أنّهُ الحق».

وهنا یلتقی صوتنا ـ بدون إرادة منّاـ مع صوت الحسین(علیه السلام)، ونقول: «عمیت عین لا تراک»!!

نهایة سورة فصّلت


1. بحار الأنوار، ج 3، ص 77.
ثانیاً: حقیقة إحاطة الله بکل شیءنظرة عامة فی محتوى السورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma