الصلح المذل!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
 سورة محمّد / الآیة 35 سورة محمّد / الآیة 36 ـ 38

متابعة للآیات السابقة التی کانت تتحدّث حول مسألة الجهاد، تشیر هذه الآیة إلى أحد الاُمور الهامة فی مسألة الجهاد، وهو أنّ ضعفاء الإیمان یطرحون غالباً مسألة الصلح للفرار من مسؤولیة الجهاد، ومصاعب میدان الحرب.

من المسلّم أنّ الصلح خیر وحسن جدّاً، لکن فی محله، إذ یکون حینها صلحاً یحقق الأهداف الإسلامیة السامیة، ویحفظ ماء وجه المسلمین وحیثیتهم وهیبتهم وعظمتهم، أمّا الصلح الذی یؤدّی إلى ذلّتهم وانکسار شوکتهم فلا، ولذلک تقول الآیة الشریفة: الآن وقد سمعتم الأوامر الإلهیة فی الجهاد (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون)(1).

أی: الآن وقد لاحت علائم انتصارکم وتفوّقکم، کیف تذلّون أنفسکم وترضون بالمهانة باقتراح الصلح الذی لا یعنی إلاّ التراجع والهزیمة؟ فلیس هذا صلحاً فی الواقع، بل هو استسلام وخضوع ینبع من الضعف والإنهیار، وهو نوع من طلب الراحة والعافیة، ویقبح بکم أن تتحملوا عواقبه الألیمة الخطرة.

ومن أجل رفع معنویات المسلمین المجاهدین تضیف الآیة: (والله معکم ولن یترکم أعمالکم) فإنّ من کان الله معه تکون کلّ عوامل الإنتصار مسخّرة له،  فلا یحس بالوحشة أبداً، ولا یدع للضعف والإنهزام سبیلاً إلى نفسه، ولا یستسلم للعدو باسم الصلح ولن یدع نتائج دماء الشهداء ومکاسبها تذهب سدى فی اللحظات الحسّاسة.

(لن یترکم) من مادة «الوتر»، وهو المنفرد، ولذلک یقال لمن قتل قریبه، وبقی وحیداً: وِتْر. وجاء أیضاً بمعنى النقصان.

وفی الآیة ـ مورد البحث ـ کنایة جمیلة عن هذا المطلب، بأنّ الله سبحانه لن یترککم وحدکم، بل سیقرنکم بثواب أعمالکم، خاصّةً وأنّکم تعلمون أنّکم لن تخطوا خطوةً إلاّ کتبت لکم، فلم یکن الله لینقص من أجرکم شیئاً، بل سیضاعفه ویزید علیه من فضله وکرمه.

اتضح ممّا قلناه أنّ الآیة مورد البحث لا تنافی مطلقاً الآیة 61 من سورة الأنفال حیث تقول: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوکّل على الله إنّه هو السمیع العلیم) لنجعل إحداهما ناسخة للاُخرى، بل إنّ کلاً منها ناظرة إلى مورد خاص، فإحداهما تنظر إلى الصلح المعقول، والاُخرى إلى الصلح الذی لیس فی محله فإنّ أحدهما صلح یحفظ مصالح المسلمین، والآخر صلح یطرحه ضعفاء المسلمین وهم على أبواب النصر، ولذلک فإنّ تتمة آیة سورة الأنفال تقول: (وإن یریدوا أن یخدعوک فإنّ حسبک الله).

وقد أشار أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) إلى کلا الصلحین فی عهده لمالک الأشتر، حیث یقول: «ولا تدفعنّ صلحاً دعاک إلیه عدوّک ولله فیه رضى»(2).

إنّ طرح قضیة الصلح من ناحیة العدو من جهة، وکونه مقترناً برضى الله سبحانه من جهة اُخرى، یبیّن انقسام الصلح إلى القسمین اللذین أشرنا إلیهما فیما قلناه.

وعلى أیة حال، فإنّ أمراء المسلمین وأولیاء اُمورهم یجب أن یکونوا فی غایة الحذر فی تشخیص موارد الصلح والحرب، والتی هی من أعقد المسائل وأدقّها، لأنّ أدنى اشتباه فی المحاسبة سیستتبع عواقب وخیمة فی هذا المجال.


1. «تدعوا» مجزوم، وهو معطوف على (لا تهنو)، والمعنى: لا تهنوا ولا تدعوا إلى السلم.
2. نهج البلاغة، الکتاب 53.
 سورة محمّد / الآیة 35 سورة محمّد / الآیة 36 ـ 38
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma