ما المراد من الدخان المبین؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
الدّخان القاتلسورة الدخان / الآیة 17 ـ 21

هناک أقوال بین المفسّرین حول المراد من الدخان الذی ذکر فی هذه الآیات کتعبیر عن العذاب الإلهی، وتوجد هنا نظریتان أساسیتان:

إنّه إشارة إلى العقاب والعذاب الذی ابتلی به کفار قریش فی عصر النّبی(صلى الله علیه وآله) لأنّه لعنهم ودعا علیهم قال: «اللهم سنین کسنی یوسف».(1) وبعد ذلک أصاب مکّة قحط شدید، حتى أنّهم کانوا یرون کأن بین السماء والأرض عموداً من الدخان من شدة الجوع والعطش، وعسر الأمر علیهم حتى أکلوا المیتة وعظام الحیوانات المیتة.

فأتوا إلى النّبی(صلى الله علیه وآله) وقالوا: یا محمّد، تأمرنا بصلة الرحم وقد هلک قومک! لئن رفع عنا العذاب لنؤمنن. فدعا النّبی(صلى الله علیه وآله) فارتفع العذاب وعم الخیر والنعمة الوفیرة، لکنّهم لم یعتبروا بذلک، بل عادوا إلى الکفر مرة أخرى.(2)

طبقاً لهذا التّفسیر فقد اعتبرت غزوة بدر هی البطشة الکبرى ـ أی العقوبة الشدیدة ـ لأنّ المشرکین تلقوا من المسلمین فی بدر ضربات مهلکة ماحقة.

وطبقاً لهذا التّفسیر لم یکن للدخان وجود فی الحقیقة، بل إنّ السماء قد بدت للناس العطاشى الجائعین کعمود الدخان، وعلى هذا فذکر الدخان هنا من باب المجاز، وهو یشیر إلى تلک الحالة الصعبة المؤلمة.

وقال البعض: إنّ الدخان یستعمل عادة فی کلام العرب کنایة عن الشر والبلاء الذی یعم ویغلب.(3)

ویعتقد بعض آخر أنّه حین القحط وقلّة المطر تغطی السماء عادة أعمدة الغبار، وقد عُبر هنا عن هذه الحالة بالدخان، لأنّ المطر یُنزل بالغبار إلى الأرض فیصفو الأفق.(4)

ومع کل هذه الصفات، فإنّ استعمال کلمة الدخان هنا مجازاً طبقاً لهذا التّفسیر.

إنّ المراد من «الدخان المبین» هو ذلک الدخان الغلیظ الذی سیغطی السماء فی نهایة العالم، وعلى أعتاب القیامة، فهو علامة لحلول اللحظات الأخیرة لهذه الدنیا، وبدایة عذاب الله الألیم للظالمین والمفسدین.

عند ذلک سینتبه هؤلاء الظالمون من نوم غفلتهم، ویطلبون رفع العذاب والرجوع إلى الحیاة الدنیویة العادیة، لکن أیدیهم ترد فی أفواههم.

وطبقاً لهذا التّفسیر فإنّ الدخان معناه الحقیقی، ویکون مضمون هذه الآیات هو نفس ما ورد فی آیات القرآن الاُخرى، وهو أنّ المجرمین والکافرین یرجون وهم على أعتاب القیامة أو فیها ـ رفع العذاب عنهم، والرجوع إلى الدنیا، لکن ذلک لا یقبل منهم ولا یحقق رجاؤهم.(5)

الإشکال الوحید الذی یرد على هذا التّفسیر أنّه لا ینسجم مع جملة (إنّا کاشفوا العذاب قلیلا إنّکم عائدون) لأنّ العذاب الإلهی لا یخفف عند انتهاء الدنیا أو فی القیامة لیعود الناس إلى حالة الکفر والمعصیة.

أما إذا اعتبرنا هذه الجملة قضیة شرطیة ـ وإن کان ذلک یخالف الظاهر ـ فسیرتفع الإشکال حینئذ، لأنّ معنى الآیة یصبح: کلما کشفنا عنهم قلیلا من العذاب فإنّهم یعودون إلى طریقتهم الأولى، وهذا فی الواقع شبیه بالآیة 28 من سورة الأنعام (ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه).

اضافة إلى أنّ تفسیر «البطشة الکبرى» بأحداث یوم بدر، یبدو بعیداً عن الصواب، لکن تفسیرها بعقوبات القیامة(6) مع الآیة تماماً.

والشاهد الآخر للتفسیر الثّانی هو الروایات الواردة عن النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والتی تفسّر الدخان بالدخان الذی سیملا العالم على أعتاب قیام القیامة، کالروایة التی یرویها حذیفة بن الیمان عن النّبی(صلى الله علیه وآله) بأنّه ذکر أربع علامات لاقتراب القیامة: الأولى ظهور الدجال، والاُخرى نزول عیسى(علیه السلام)، والثالثة النّار التی تظهر من أرض عدن، والدّخان.

فسأل حذیفة: یا رسول الله، وما الدّخان؟ فتلا رسول الله(صلى الله علیه وآله) (فارتقب یوم تأتی السماء بدخان مبین) یملأ ما بین المشرق والمغرب، یمکث أربعین یوماً ولیلة، أمّا المؤمن فیصیبه منه کهیئة الزکمة، وأمّا الکافر فبمنزلة السکران یخرج من منخریه وأذنیه ودبره»(7).

وجاء فی حدیث آخر عن أبی مالک الأشعری عن رسول الله(صلى الله علیه وآله): «إنّ ربّکم أنذرکم ثلاثاً: الدخان یأخذ منه المؤمن کالزکمة، ویأخذ الکافر فینفخ حتى یخرج من کل مسمع منه، والثانیة الدابة، والثالثة الدجال»(8).

وقد قدمنا توضیحاً کافیاً حول دابة الأرض فی ذیل الآیة 82 من سورة النمل.

وروی شبیه هذا المعنى حول الدخان عن أبی سعید الحذری عن النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله).(9)

ویلاحظ نظیر هذه التعبیرات، بصورة أکثر تفصیلا، فی الروایات الواردة عن طرق أهل البیت(علیهم السلام)، ومن جملتها ما نقرأه فی روایة عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام)، أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال: «عشر قبل الساعة لابدّ منها: السفیانی، والدجال، والدخان، والدّابة، وخروج القائم، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عیسى، وخسف بالمشرق، وخسف بجزیرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر».(10)

ومن مجموع ما قیل، نستنتج أنّ التّفسیر الثّانی هو الأنسب.


1. بحارالانوار، ج 18، ص 14; فى موارد کثیرة تکون العبارة هکذا «اللّهمّ اشدد وطأتک على مضر واجعلها علیهم سنین کسنّى یوسف»; بحارالانوار، ج 9، ص 128.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 9، ص 62، ذیل الآیات مورد البحث.
3. یقول الفخر الرازی: إنّ العرب یسمّون الشر الغالب بالدخان; التفسیر الکبیر، ج 27، ص 242.
4. تفسیر روح المعانی، ج 25، ص 107.
5. تراجع الآیات 27 ـ 30، من سورة الأنعام.
6. یقول الراغب فی المفردات، البطش: هو تناول الشیء بصولة، وهو مقدمة العقوبة عادة.
7. تفسیر الدر المنثور، ج 6، ص 29.
8. المصدر السابق.
9. المصدر السابق.
10. بحارالأنوار، ج 52، ص 209.
الدّخان القاتلسورة الدخان / الآیة 17 ـ 21
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma