لا دلیل لهم سوى تقلید الآباء الجاهلین!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الزّخرف / الآیة 20 ـ 22 سورة الزّخرف / الآیة 23 ـ 25

أعطت الآیات السابقة أوّل جواب منطقی على عقیدة عبدة الأوثان الخرافیّة، حیث کانوا یظنون أنّ الملائکة بنات الله، والجواب هو: إنّ الرؤیة والحضور فی موقف ما ضروری قبل کل شیء لإثبات ادّعاء ما، فی حین لا یقوى أی عابد وثن أن یدّعی أنّه کان حاضراً حین خلق الملائکة، وأنّه رأى کیفیّة ذلک الخلق بعینه.

وتتابع هذه الآیات نفس الموضوع، وتسلک مسالک اُخرى لإبطال هذه الخرافة القبیحة، فتتعرض أوّلاً ـ وبصورة مختصرة ـ لأحد الأدلة الواهیة لهؤلاء ثمّ تجیب علیه، فتقول: (وقالوا لو شاء الرّحمـن ما عبدناهم).

إنّ هذا التعبیر قد یکون إشارة إلى أنّ هؤلاء کانوا یعتقدون بالجبر، وأن کل ما یصدر منا فهو بإرادة الله، وکل ما نفعله فهو برضاه أو أنّه لو لم یکن راضیاً عن أعمالنا وعقائدنا لوجب أن ینهانا عنها، ولما لم ینهنا عنها فإنّ ذلک دلیل على رضاه.

الحقیقة، أنّ هؤلاء اختلقوا خرافات جدیدة من أجل توجیه عقائدهم الخرافیة الفاسدة الأولى، وافتروا أکاذیب جدیدة لإثبات أکاذیبهم الأولى، وأیّاً من الاحتمالین ـ أعلاه ـ کان مرادهم، فهو فاسد من الأساس.

صحیح أنّ کل شیء فی عالم الوجود لا یکون إلاّ بإذن الله تعالى، إلاّ أنّ هذا  لا یعنی الجبر، إذ یجب أن لا ننسى أنّ الله سبحانه هو الذی أراد لنا أن نکون مختارین وأحراراً فی اختیارنا وتصرفنا، لیختبرنا ویربینا.

وصحیح أیضاً أنّه یجب أن ینهى الله سبحانه عباده عن الباطل ، لکن لا یمکن إنکار أنّ جمیع الأنبیاء قد تصدّوا لردع الناس عن کل نوع من أنواع الشرک والإزدواجیّة فی العبادة.

إضافة إلى ذلک، فإنّ عقل الإنسان السلیم ینکر هذه الخرافات أیضاً ألیس العقل ـ هو رسول الله الداخلی ـ فی أعماق الإنسان؟!

وتجیب الآیة فی النهایة بجملة قصیرة على هذا الاستدلال الواهی لعبدة الأصنام، فتقول: (مالهم بذلک من علم إن هم إلاّ یخرصون).

إنّ هؤلاء لا علم ولا إیمان لهم حتى بمسألة الجبر أو رضى الله سبحانه عن أعمالهم، بل هم ـ ککثیر من متبعی الهوى والمجرمین الآخرین ـ یتخذون مسألة الجبر ذریعة لهم من أجل تبرئة أنفسهم من الذنب والفساد، فیقولون: إنّ ید القضاء والقدر هی التی جرتنا إلى هذا الطریق وحتمته علینا! مع علمهم بأنّهم یکذبون، وأن هذه ذریعة لیس إلاّ، ولذلک فإن أحداً لو اغتصبهم حقّاً فإنّهم غیر مستعدین أبداً لغض النظر عن معاقبته مطلقاً، ولا یقولون: إنّه کان مجبراً على عمله هذا!

«یخرصون» من الخرص، وهو فی الأصل بمعنى التخمین، وأطلقت هذه الکلمة أوّلاً على تخمین مقدار الفاکهة، ثمّ أطلقت على الحدس والتخمین، ولما کان الحدس والتخمین یخطیء أحیاناً ولا یطابق الواقع، فقد استعملت هذه الکلمة بمعنى الکذب أیضاً، و«یخرصون» فی هذه الآیة من هذا القبیل.

وعلى أیّة حال، فیظهر من آیات قرآنیة عدیدة بأن عبدة الأوثان کانوا یستدلون ـ مراراً ـ بمسألة المشیئة الإلهیّة من أجل توجیه خرافاتهم، ومن جملة ذلک أنّهم کانوا قد حرّموا على أنفسهم أشیاء وأحلّوا اُخرى، ونسبوا ذلک إلى الله سبحانه، کما جاء ذلک فی الآیة 148 من سورة الأنعام: (سیقول الّذین أشرکوا لو شاء الله ما أشرکنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شیء).

وتکرر هذا المعنى فی الآیة 35 من سورة النحل أیضاً: (وقال الّذین أشرکوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شیء نحن ولا آباؤنا ولا حرّمنا من دونه من شیء).

وقد کذّبهم القرآن الکریم فی ذیل آیة سورة الأنعام، حیث یقول: (کذلک کذّب الّذین من قبلهم حتّى ذاقوا بأسن) ویصرح فی ذیل آیة سورة النحل: (فهل على الرّسل إلاّ البلاغ)؟!

وفی ذیل الآیة مورد البحث ینسبهم إلى التخمین والکذب کما رأینا، وکلها ترجع فی الحقیقة إلى أساس ومصدر واحد.

وتشیر الآیة التالیة إلى دلیل آخر یمکن أن یکونوا قد استدلوا به، فتقول: (أم آتیناهم کتاباً من قبله فهم به مستمسکون)(1)؟ أی یجب على هؤلاء أن یتمسّکوا بدلیل العقل لإثبات هذا الإدّعاء، أو بدلیل النقل، فی حین لم یکن لهؤلاء دلیل  لا من العقل ولا من النقل، فإنّ کل الأدلّة العقلیة تدعو إلى التوحید، وکذلک دعا کل الأنبیاء والکتب السماویة إلى التوحید.

وأشارت آخر آیة ـ من هذه الآیات ـ إلى ذریعتهم الأصلیة، وهی فی الواقع خرافة لا أکثر، أصبحت أساساً لخرافة اُخرى، فتقول: (بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على اُمّة وإنّا على آثارهم مهتدون).

لم یکن لهؤلاء دلیل إلاّ التقلید الأعمى للآباء والأجداد، والعجیب أنّهم کانوا یظنون أنّهم مهتدون بهذا التقلید، فی حین لا یستطیع أی إنسان عاقل حر أن یستند إلى التقلید فی المسائل العقائدیة والأساسیة التی یقوم علیها بناؤه الفکری، خاصة إذا کان التقلید تقلید «جاهل لجاهل»، لأنا نعلم أنّ آباء اُولئک المشرکین لم یکن لهم أدنى حظ من العلم، وکانت أدمغتهم ملیئة بالخرافات والأوهام، وکان الجهل حاکماً على أفکارهم ومجتمعاتهم، کما توضح ذلک الآیة 170 من سورة البقرة: (أو لو کان آباؤهم لا یعقلون شیئاً ولا یهتدون

التقلید یصحّ فی المسائل الفرعیة وغیر الأساسیة فقط، وأیضاً یجب أن یکون تقلیداً لعالم، أی رجوع الجاهل إلى العالم، کما یرجع المریض إلى الطبیب، وغیر المتخصصین إلى أصحاب الإختصاص، وبناء على هذا فإنّ تقلید هؤلاء کان باطلاً بدلیلین.

لفظة «الاُمّة» تطلق ـ کما یقول الراغب فی المفردات ـ على الجماعة التی تربط بعضها مع البعض الآخر روابط، إمّا من جهة الدین، أو وحدة المکان، أو الزمان، سواء کانت حلقة الإتصال تلک اختیاریة أم إجباریّة. ومن هنا استعملت هذه الکلمة أحیاناً بمعنى المذهب، کما هو الحال فی الآیة مورد البحث، إلاّ أن معناها الأصلی هو الجماعة والقوم، وإطلاق هذه الکلمة على الدین یحتاج إلى قرینة(2).


1. «أم» هنا متصلة، وهی معطوفة على (اشهدوا خلقهم)، والضمیر فی (من قبله) یعود إلى القرآن. وما احتمله البعض من أن (أم) هنا منقطعة، أو أنّ الضمیر یرجع إلى الرّسول، لا یتناسب کثیراً مع القرائن التی فی الآیة.
2. فی جملة (إنّا على آثارهم مهتدون) مهتدون خبر (إنّ) و«على آثارهم»متعلق به، وأمّا ما احتمله البعض من أن «على آثارهم» خبر أوّل، و(مهتدون) خبر ثان، فیبدو بعیداً عن الصواب.
سورة الزّخرف / الآیة 20 ـ 22 سورة الزّخرف / الآیة 23 ـ 25
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma