الأولاد هبة الرحمن

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الشورى / الآیة 47 ـ 50 سورة الشورى / الآیة 51

بما أنّ الآیات السابقة ذکرت جانباً من العقاب الألیم الموحش للکافرین والظالمین، فإنّ الآیات أعلاه تحذّر جمیع الناس من هذا المصیر المشؤوم، وتدعوهم إلى الإستجابة لدعوة الخالق والعودة إلى طریق الحق.

فأوّل آیة تقول: (استجیبوا لربّکم من قبل أن یأتی یوم لا مردّ له من الله)(1).

وإذا کنتم تتصورون وجود ملجأ آخر سوى لطفه، وأحداً یحمیکم غیر رحمته، فإنّکم على خطأ، لأنّ: (ما لکم من ملجإ یومئذ ومالکم من نکیر).

عبارة (یوم لا مردّ له من الله) تشیر إلى یوم القیامة، ولیس إلى یوم الموت. کما أنّ عبارة (من الله) تشیر إلى أنّ أحداً لا یستطیع أن یتخذ قراراً بالعودة قبال أمر الخالق جلّ وعلا.

وعلى أیّة حال، فجمیع الطرق التی یعتقد أنّها تنقذ الشخص من العذاب الإلهی تکون مغلقة فی ذلک الیوم، وأحدها هوالعودة إلى عالم الدنیا والتکفیر عن الذنوب والخطایا.

أمّا الآخر فهو وجود ملجأ یأمن الإنسان عند اللجوء إلیه.

وأخیراً وجود من یقوم بالدفاع عن الإنسان.

فکل جملة من الجمل الثلاث ـ للآیة أعلاه ـ تنفی واحداً من هذه الطرق.

وقد فسّر بعضهم جملة (ما لکم من نکیر) بمعنى أنّکم لا تستطیعون أن تنکروا ذنوبکم هناک، لأنّ الأدلة والشهود کثیرون بحیث لا مجال للإنکار، إلاّ أنّ المعنى الأوّل أفضل کما یبدو.

الآیة التی بعدها تخاطب الرّسول(صلى الله علیه وآله) وتواسیه قائلة: (فإن أعرضوا فما أرسلناک علیهم حفیظ) فلا تحزن علیهم لأنّک لست مسؤولا عن حفظهم من الانحراف.

(إن علیک إلا البلاغ) سواء قبلوا بذلک أم لم یقبلوا.

یجب علیک أن تقوم بإبلاغ الرسالة الإلهیّة بأفضل وجه، وتُتِم الحجّة علیهم، أمّا القلوب المهیأة فسوف تقبل بذلک بالرغم من أنّ کثیراً من الجاهلین سوف یعرضون عنها، ولکنّک لست مسؤولا عنهم.

وقد ورد ما یشبه هذا المعنى فی بدایة هذه السورة فی قوله تعالى: (وما أنت علیهم بوکیل)(2).

ثمّ ترسم صورة لحال هذه الجماعة غیر المؤمنة والمعرضة عن الحق فتقول: (وإنا إذا أذقنا الإنسان منّا رحمة فرح به) ویغفل عن ذکر الخالق: (وإن تصبهم سیّئة بما قدمت أیدیهم فإن الإنسان کفور).

فلا النعم الإلهیّة وشکر المنعم توقظ هذا الإنسان وتجرّه نحو الشکر والمعرفة والطاعة، ولا العقوبات التی تصیبه بسبب الذنوب توقظه من نوم الغفلة، ولا دعوة الرّسول(صلى الله علیه وآله) تؤثر فیه.

فعوامل الهدایة من حیث «التشریع» هی دعوة رُسُل الخالق، ومن حیث «التکوین» قد تکون النعم وقد تکون المصائب، إلاّ أنّ هؤلاء الجهلة ذوی القلوب المیتة لا تؤثّر فیهم أیّ من هذه العوامل، وهذا بسببهم أنفسهم ولیس بسببک، لأنّک قمت بمسؤولیتک فی الإبلاغ.

وقد تکون عبارة «إذا أذقنا» فی الآیة أعلاه (وهی هنا بخصوص رحمة الخالق، وفی آیات قرآنیة اُخرى بخصوص العذاب الإلهی) إشارة إلى أنّ النعم والمصائب فی هذه الدنیا تعتبر لا شیء بالنسبة إلى نعم ومصائب الآخرة، أو قد تکون بمعنى أنّ هؤلاء الأشخاص یصابون بالغرور والطغیان بمجرّد قلیل من النعمة، والیأس والکفر بقلیل من المصائب.

ومن الضروری الإشارة إلى هذه الملاحظة، وهی أنّ الخالق یوکل النعم إلى نفسه، لأنّ رحمته تقتضی ذلک، بینما یوکل المصائب والإبتلاءات إلیهم، لأنّها نتیجة أعمالهم.

واستخدام کلمة (الإنسان) فی مثل هذه الآیات تشیر إلى طبیعة (الإنسان غیر المهذّب) حیث إنّه ذو تفکیر قصیر ونفسیة ضعیفة، وتکرار ذلک ـ فی الآیة أعلاه ـ یؤکّد على هذا المعنى.

ثمّ لبیان حقیقة أنّ أىّ نعمة ورحمة فی هذا العالم مصدرها الخالق، ولا یملک الأفراد شیئاً من عندهم، أشارت الآیة إلى قضیة عامة ومصداق واضح لهذه الحقیقة، حیث تقول: (لله ملک السّماوات والأرض یخلق ما یشاء).

ولهذا السبب فإنّ الکل یأکل من مائدة نعمه، ویحتاج إلى لطفه ورحمته، فلیس منطقیاً الغرور عند النعمة، ولا الیأس عن المصیبة.

و«نموذج» واضح لهذه الحقیقة وأنّ کلّ ما موجود هو منه، والأفراد لا یملکون شیئاً من عندهم هو أنّه: (یهب لمن یشاء إناثاً ویهب لمن یشاء الذّکور * أو یزوجهم ذکراناً واناثاً ویجعل من یشاء عقیم).

وبهذا الترتیب فإنّ الناس یُقسّمون إلى أربع مجامیع: من عنده الأولاد الذکور ویرید البنات، ومن عنده البنات ویرید الذکور، ومن عنده الذکور والإناث، والمجموعة التی تفتقد الأبناء ویأملون ویرغبون فیهم.

والعجیب أنّ أىّ شخص لا یستطیع الإنتخاب فی هذا المجال سواء فی الماضی أو فی الوقت الحاضر، بالرغم من تقدم وتطور العلوم، ورغم المحاولات العدیدة فإنّ أحداً لم یستطع أن یهب الأبناء للعقیم الحقیقی، أو یعیّن نوع المولود وفقاً لرغبة الإنسان بالرغم من دور بعض الأطعمة أو الأدویة فی زیادة احتمال ولادة الذکر أو الاُنثى، إلاّ أنّ هذا یبقى مجرّد احتمال ولا توجد أیّة نتیجة حتمیة لهذا الأمر.

وهذا نموذج واضح لعجز الإنسان، ودلیل على المالکیة والحاکمیة والخالقیة للباریء جلّ وعلا، وهل هناک مثال أوضح من هذا؟

والطریف فی الأمر أنّ هذه الآیات قدّمت الإناث على الذکور، لکی توضّح الأهمیة التی یعطیها الإسلام لمنزلة المرأة، ومن جانب ثان تقول للذین لهم تصورات خاطئة عن ولادة البنت ـ ویکرهونها ـ أنّ الخالق یعطی الشیء الذی یریده هو ولیس ما تریدونه أنتم، وهذا دلیل على أنّه هو الذی ینتخب.

إنّ استخدام عبارة (یهب) تعتبر دلیلا واضحاً على أنّ الإناث والذکور من هدایا الخالق وهباته، ولیس صحیحاً للمسلم الحقیقی التفریق بین الإثنین.

کما أنّ استخدام عبارة (یزوجهم) لا تعنی التزویج هنا، بل تعنی جمع الهبتین (الإناث والذکور) لبعض الناس وبعبارة اُخرى فإنّ مصطلح (التزویج) یأتی أحیاناً بمعنى الجمع بین الأشیاء المختلفة أو الأنواع المتعددة، لأنّ (زوج) تعنی فی الأصل شیئین أو شخصین متقارنین.

واعتبر بعضهم هذه الآیة بمعنى ولادة الذکور والإناث على الترتیب، والبعض الآخر اعتبرها بمعنى ولادة التوائم، یعنی الذکر والاُنثى.

ولکن العبارة أعلاه لا تدل على أىّ من التفاسیر المذکورة.

إضافة إلى ذلک فإنّها لا تتناسب مع ظاهر الآیة، لأنّ الآیة ترید الکلام عن مجموعة ثالثة رزقها الله البنات والبنین.

وعلى أیّة حال، فإنّ المشیئة الإلهیّة هی التی تتحکم فی کلّ شیء ولیس فی قضیة ولادة الأبناء فحسب، فهو القادر والعلیم والحکیم، حیث یقترن علمه بقدرته، لذا فإنّ الآیة تقول فی نهایتها: (إنّه علیم قدیر).

ومن الضروری أن نشیر إلى أنّ کلمة (عقیم) المأخوذة من کلمة (عقم) ـ على وزن (بخل) وکذلک على وزن (فهم)ـ تعنی فی الأصل الجفاف والتصلب المانع من قبول التأثیر، والنساء العقیمات تطلق على اللواتی تکون أرحامهن غیر مستعدة لتقبّل النطفة ونمو الطفل، کما تسمى بعض الریاح بالریاح العقیمة لعدم قدرتها على ربط الغیوم الممطرة، و«الیوم

العقیم» یطلق على الیوم الذی لیس فیه سرور وفرح، کما یسمى یوم القیامة بالیوم العقیم بسبب عدم وجود یوم بعد ذلک الیوم یمکن فیه التعویض عن الماضی.

وأخیراً فإنّ الغذاء (المعقم) یطلق على الغذاء الذی تم القضاء على جمیع میکروباته، بحیث لا یمکنها النمو فی ذلک المحیط.


1. قد تکون عبارة (من الله) فی الجملة أعلاه بمعنى (من قبل الله) یعنی لا توجد عودة من قبل الخالق، وقد تکون بمعنى (فی مقابل الله) یعنی لا یوجد من یستطیع أن یعیدکم إلى هذه الدنیا ضد إرادة الخالق.
2. الشورى، 6.
سورة الشورى / الآیة 47 ـ 50 سورة الشورى / الآیة 51
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma