لقد تضمّنت الآیات الأربع ـ أعلاه ـ أربعة بحوث بالنسبة إلى کیفیة الدعوة إلى الله تعالى. والخطوات الأربع هی:

1ـ البناء الذاتی للدعاة من حیث الإیمان والعمل الصالح.

2ـ الاستفادة من اُسلوب «دفع السیئة بالحسنة».

3ـ تهیئة الأرضیة الأخلاقیة لإنجاز هذا الاُسلوب والعمل به.

4ـ رفع الموانع من الطریق ومحاربة الوساوس الشیطانیة.

لقد قدّم لنا رسول الله(صلى الله علیه وآله) والأئمّة من أهل بیته(علیهم السلام) خیر اُسوة وقدوة فی تنفیذ هذا البرنامج والالتزام به، والالتزام بهذا البرنامج یعتبر أحد الأسباب التی أدّت بالاسلام فی ذلک العصر المظلم الى الإتساع والانتشار.

والیوم یشهدعلم النفس العدید من البحوث والدراسات حول وسائل التأثیر على الآخرین، إلاّ أنّها تعتبر شیئاً تافهاً فی مقابل عظمة الآیات أعلاه، خصوصاً وأنّ البحوث هذه عادة ما تتعامل مع ظواهر الإنسان وتستهدف الکسب السریع العاجل ولو من خلال التمویه والخداع، لکن البرنامج القرآنی یخوض فی أعماق النفس البشریة ویؤسس قواعد تأثیره على مضمون الإیمان والتقوى.

والیوم; ما أحلى أن یلتزم المسلمون ببرنامج دینهم، ویعمدون إلى نشر الإسلام فی عالم متلهف إلى قیم السماء.

أخیراً نُنهی هذه الفقرة بإضاءة نبویة نقتبسهاعن تفسیر «علی بن إبراهیم» الذی ورد فیه: «أدّب الله نبیّه فقال: (ولا تستوی الحسنة ولا السیئة ادفع بالتی هی أحسن)، قال: ادفع سیئة من أساء إلیک بحسنتک، حتى یکون( الذی بینک وبینهُ عداوة کأنّه ولی حمیم)»(1).

1. تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 549.