أرید أن أطّلع إلى إله موسى!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة غافر (المؤمن) / الآیة 36 ـ 37 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 38 ـ 40

بالرغم من النجاح الذی أحرزه مؤمن آل فرعون فی إثناء عزم فرعون عن قتل الکلیم(علیه السلام)، إلاّ أنّه لم یستطع أن یثنیه عن غروره وتکبره وتعالیه إزاء الحق، لأنّ فرعون لم یکن لیملک مثل هذا الإستعداد أو اللیاقة الکافیة للهدایة، لذلک نراه یواصل السیر فی نهجه الشریر، إذ یأمر وزیره هامان ببناء برج للصعود إلى  السماء (!!) کی یجمع المعلومات عن إله موسى، یقول تعالى فی وصف هذا الموقف: (وقال فرعون یا هامان ابن لی صرحاً لعلىّ أبلغ الأسباب). أی لعلی أحصل على وسائل وتجهیزات توصلنی إلى السماوات.

(أسباب السّماوات فاطّلع إلى إله موسى وإنّی لأظنّه کاذب).

ولکن ماذا کانت النتیجة؟! (کذلک زیّن لفرعون سوء عمله وصدّ عن السّبیل وما کید فرعون إلاّ فی تباب).

«الصرح» فی الأصل تعنی الوضوح، و«التصریح» بمعنى التوضیح، ثمّ عُمّمَ معنى الکلمة على الأبنیة المرتفعة والقصور الجمیلة العالیة، وذلک لأنّها واضحة وممیّزة بشکل کامل، وقد ذکر هذا المعنى العدید من المفسّرین واللغویین.

«تباب» تعنی الخسارة والهلاک.

إنّ أوّل ما یطالعنا هنا هو السؤال عن الهدف الذی کان فرعون یرغب بتحقیقه من خلال عمله هذا.

هل کان فرعون بهذا المقدار من الغباء والحماقة والسذاجة بحیث یعتقد أنّ إله موسى موجود فعلا فی مکان ما من السماء؟ وإذا کان موجوداً فی السماء، فهل یستطیع الوصول إلیه بواسطة إقامة بناء مرتفع یعتبر ارتفاعه تافهاً إزاء جبال الکرة الأرضیة؟

إنّ هذا الاحتمال ضعیف للغایة، ذلک لأنّ فرعون بالرغم من غروره وتکبّره، فقد کان یمتاز بالذکاء والقدرة السیاسیة التی أهّلته للسیطرة على شعب کبیر لسنین مدیدة من خلال أسالیب القهر والقوّة والخداع.

لذلک کلّه نرى الموقف یدعونا إلى تحلیل هذا التصرّف الفرعونی لمعرفة دواعیه وأهدافه الشیطانیة.

فمن خلال عملیة التأمّل والتمحیص، یمکن أن تنتهی إلى ثلاثة أهداف کانت تکمن وراء هذا التصرّف. والأهداف هذه هی:

أوّلا: أراد فرعون أن یختلق وضعاً یعمد من خلاله إلى إلهاء الناس وصرف أذهانهم عن قضیة نبوّة موسى(علیه السلام) وثورة بنی إسرائیل، وقضیة بناء مثل هذا الصرح المرتفع یمکن أن تحوز على اهتمام الناس، وتهیمن على اهتماماتهم الفکریة، وبالتالی إلى صرفهم عن القضیة الأساسیة.

وفی هذا الإطار یلاحظ بعض المفسّرین أنّ فرعون خصص لبناء صرحه مساحة واسعة من الأراضی، ووظّف فی إقامته خمسین ألفاً من العمّال والبنّائین المهرة، بالإضافة إلى من انشغل بتهیئة وسائل العمل والتمهید لتنفیذ المشروع، وکلّما کان البناء یرتفع أکثر کلّما إزداد تأثیره فی الناس، وأخذ یجلب إلیه الإهتمام والأنظار أکثر، إذ أصبح الصرح حدیث المجالس، والخبر الأوّل الذی یتناقله الناس، وفی مقابل ذلک یتناسون قضیة انتصار موسى(علیه السلام) على السحرة ـ ولو مؤقتاًـ خصوصاً مع الأخذ بنظر الاعتبار ذلک الإهتزاز العنیف الذی لَحق بجهاز فرعون واعتباره فی أوساط الناس.

ثانیاً: استهدف فرعون من خلال تنفیذ مشروع الصرح اشتغال أکبر قطّاع من الناس، وعلى الأخص العاطلین منهم، لکی یجد هؤلاء فی هذا الشغل عزاءً ـ ولو مؤقتاًـ عن مظالم فرعون وینسون جرائمه وظلمه، ومن ناحیة ثانیة فإنّ اشتغال مثل هذا العدد الکثیر یؤدّی إلى إرتباطهم بخزانة فرعون وأمواله، وبالتالی إرتباطهم بنظامه وسیاساته!

ثالثاً: لقد کان من خطة فرعون بعد انتهاء بناء الصرح، أن یصعد إلى أعلى نقطة فیه،

ویرمق السماء ببصره، أو یرمی سهماً نحو السماء، ویرجع إلى الناس فیقول لهم: لقد انتهى کلّ شیء بالنسبة لإله موسى، والآن انصرفوا إلى أعمالکم براحة بال!!

أمّا بالنسبة إلى فرعون نفسه، فقد کان یعلم أنّه حتى لو ارتقى الجبال الشامخات التی تتطاول فی علوّها على صرحه، فإنّه سوف لن یشاهد أىّ شیء آخر یفترق عمّا یشاهده وهو یقف على الأرض المستویة یتطلع نحو السماء!

والطریف فی الأمر هنا أنّ فرعون بعد قوله: (فاطلع إلى إله موسى) رجع خطوة إلى الوراء فنزل عن یقینه إلى الشک، حیث قال بعد ذلک: (وإنّی لأظنّه کاذب) إذ استخدم تعبیر «أظن»!

والجدیر بالإشارة هنا أنّ القرآن الکریم من خلال قوله تعالى: (کذلک زیّن لفرعون سوء عمله وصدّ عن السّبیل وما کید فرعون إلاّ فی تباب) ذکر ثلاث قضایا ذات محتوى کبیر بجمل قصیرة، حیث قال أوّلا: إنّ السبب الرئیسی فی انحراف فرعون عن جادة الصواب یعود إلى تزیین عمله القبیح فی نظره بسبب غروره وتکبره.

ثم تناول بعد ذلک نتیجة ذلک متمثلةً بالضلال عن طریق الحق والهدى والنور.

وفی الجملة الثّالثة لخّصت الآیة مآل مخططات فرعون، هذا المآل الذی تمثّل بالفشل الذریع والتباب والخسران.

طبعاً، یمکن للخطط السیاسیة والمواقف المضلّلة أن تخدع الناس شطراً من الزمان، وتؤثّر فیهم لفترة من الوقت، إلاّ أنّها تنتهی بالفشل على المدى البعید.

فقد ورد فی بعض الرّوایات أنّ «هامان» قد زاد فی ارتفاع الصرح الفرعونی إلى الدرجة التی باتت الریاح الشدیدة مانعاً عن الإستمرار بالعمل وعندها اعتذر هامان لفرعون عن الاستمرار بالبناء.

ولکن لم تمض فترة وجیزة من الزمن حتى حطمت الریاح الشدیدة ذلک البناء(1).

واتضح أنّ قوّة فرعون متعلّقة فی ثباتها بالریاح.


1. یمکن ملاحظة ذلک فی بحار الأنوار، ج 13، ص 125، نقلا عن تفسیر علی بن إبراهیم.
سورة غافر (المؤمن) / الآیة 36 ـ 37 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 38 ـ 40
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma