یوم التلاقی!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 16 ـ 17 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 18 ـ 20

هذه الآیات والتی تلیها، هی توضیح وتفسیر (لیوم التلاق) وهو اسم لیوم القیامة.

فی هاتین الآیتین تمّ ذکر بعض خصوصیات القیامة وکلّ واحدة أکثر إثارة من الاُخرى.

یبیّن تعالى أنّ یوم التلاقی، هو: (یوم هم بارزون) إنّه الیوم الذی تزول فیه جمیع الحجب والأستار، وکتوطئة له ستزول الموانع المادیة کالجبال الراسیات مثلا، وتصبح الأرض (قاعاً صفصف) کما یصفها القرآن فی الآیة 106 من سورة «طه».

ومن جانب آخر سیخرج الناس من قبورهم، ثمّ تنکشف الأسرار الباطنیة والمخفیة: (یوم تبلى السّرائر)(1).

ویوم تخرج الأرض ما تطویه فی بطونها: (وأخرجت الأرض أثقاله)(2).

ویوم تنشر صحف الأعمال وینکشف محتواها: (وإذا الصّحف نشرت)(3).

فی یوم التلاق تتجسّد الأعمال التی اقترفها الإنسان وتبدو حاضرة أمامه: (یوم ینظر المرء ما قدّمت یداه)(4).

وفی ذلک الیوم تنکشف الأسرار التی کان یطویها الإنسان بداخله ویتکتم علیها: (بل بدا لهم ما کانوا یخفون من قبل)(5).

وفی ذلک الیوم المهول ستشهد الأعضاء على أعمال الإنسان، وستشهد ـ أیضاًـ الأرض وتکشف ما ارتکب علیها: (یومئذ تحدّث أخباره)(6).

فی ذلک الیوم سیطوى الکون، وسیظهر الإنسان بکل وجوده، ویبرز الکون وما علیه، ولا تبقى من خافیة: (وبرزوا لله جمیع)(7).

إنّهُ منظر مهول ومشهد موحش!!

وَیکفینا لتصور هول ذلک الیوم أن نتخیّل... وَ لو للحظة واحدة... منظر هَذِهِ الدنیا وقد حلّت بها شرائط القیامة! لنرى أیّ فزع سینتاب البشریة وتحل بها؟ وکیف تتقطع العلائق والروابط فی ذلک الیوم؟! لذلک على الإنسان أن یستعد، وأن یعیش بشکل لا یخشى فیه انکشاف المستور من أوضاعه، وأن تکون أعماله وأفعاله بحیث لا یقلق منها لو ظهرت وانکشفت أمام الملأ.

الوصف الثّانی لذلک الیوم المهول، هوانکشاف أمر الناس بحیث لا یخفى شیء منها على الله تعالى: (لا یخفى على الله منهم شیء).

بالطبع... فی هذه الحیاة لا یخفى من أمر الإنسان شیء على الله العالم المطلق، إذ یتساوى لدى ذاته المطلقة غیر المتناهیة، المخفی والظاهر، والشاهد والغائب. فلماذاـ إذاًـ ذکر القرآن الجملة أعلاه على أنّهاتفسیر لجملة (یوم هم بارزون

إنّ سبب ذلک یعود إلى أنّ «البروز» فی ذلک الیوم یکون مؤکّداً أکثر، بحیث إنّ الآخرین سیطّلعون على أسرار بعضهم البعض. أمّا بالنسبة لله فالمسألة  لا تحتاج إلى بحث أو کلام.

الخصوصیة الثّالثة لیوم التلاقی هو انبساط الحاکمیة المطلقة لله تعالى، ویظهر ذلک من خلال نفس الآیة التی تسأل عن الحکم والملک فی ذلک الیوم: (لمن الملک الیوم

یأتی الجواب: (لله الواحد القهّار).

مَن الذی یطرح السؤال، وَ مَن الذی یجیب علیه؟

الآیة لا تتحدّث عن ذلک، والتفاسیر مختلفة فی هذا الصدد.

ذهب البعض الى أنّ السؤال یطرح من قبل الله جلّ وعلا، أمّا الجواب فیأتی من الجمیع، مؤمنین وکافرین(8).

وذهب آخرون إلى أنّ السؤال والجواب کلاهما من قبل الخالق عزّوجلّ(9).

قسم ثالث یعتقد أنّ «المنادی الإلهی» هو الذی یطرح السؤال، وهو الذی یجیب علیه.

ولکن یبدو حسب الظاهر أنّ هذا السؤال وجوابه لا یطرحان من قبل فرد معیّن، بل هو سؤال یطرحه الخالق والمخلوق، الملائکة والإنسان، المؤمن والکافر، تطرحه جمیع ذرّات الوجود، وکلّهم یجیبون علیه بلسان حالهم، بمعنى أنّک أینما تنظر تشاهد آثار حاکمیته، وأینما تدقق ترى علائم قاهریته واضحة.

فلو أصخت السمع إلى أىّ ذرّة من ذرّات الوجود، لسمعتها تقول: (لمن الملک) وفی الجواب تسمعها تقول: (لله الواحد القهّار).

وقد نرى فی هذه الدنیا نموذجاً مصغّراً لذلک، فعندما ندخل إلى بیت أو مدینة أو بلد معیّن، فإنّنا نحس بقدرة شخص معیّن، وبانبساط حاکمیته، وکأنّ الجمیع یقولون ـ کلّ بلسان حاله ـ: إنّ المالک أو الحاکم هو فلان، وتشهد على ذلک حتى الجدران!!

وبالطبع، فی هذا الیوم أیضاً تطغى الحاکمیة الإلهیّة على کلّ شیء، وتبسط قدرتها فی کلّ الأرجاء، لکن فی یوم القیامة سیکون لها ظهور وبروز من نوع جدید، فهناک لا یوجد کلام عن حکومة الجبارین، ولا نسمع ضجیج الطواغیت السکارى، ولا نرى أثراً لإبلیس وجنوده وجیوشه من الإنس والجن.

الخصوصیة الرابعة لذلک الیوم، هو کونه یوم جزاء: (الیوم تجزى کلّ نفس بماکسبت). أجل، إنّ ظهور وبروز الاحاطة العلمیة لله تعالى وحاکمیته ومالکیته وقهاریته کلها أدلة واضحة على هذه الحقیقة العظیمة المخیفة من جهة، والمفرحة من جهة اُخرى.

أمّا الخصوصیة الخامسة لذلک الیوم، فهی ما یختصره قوله تعالى: (لا ظلم الیوم).

وکیف یمکن أن یحصل الظلم، فی حین أنّ الظلم إمّا أن یکون عن جهل، والله عزوجل قد أحاط بکل شیء علماً.

وإمّا أن یکون عن عجز، والله عزوجل هو القاهر والمالک والحاکم على کل شیء، لذا لا مجال لظلم أحد فی محضر القدس الإلهی وفی ساحة القضاء الإلهی العادل.

الصفة السادسة والأخیرة لیوم التلاقی، هی سرعة الحساب لأعمال العباد، کما نقرأ ذلک فی قوله تعالى: (إنّ الله سریع الحساب).

وسرعة الحساب بالنسبة لله تعالى تجری کلمح البصر، وهی بدرجة بحیث نقرأ عنها فی حدیث: «إنّ الله تعالى یحاسب الخلائق کلّهم فی مقدار لمح البصر»(10).

وأساساً فإنّه مع القبول بمسألة تجسّم الأعمال وبقاء آثار الخیر والشر، فإنّ مسألة الحساب مسألة محلولة؟ فهل أنّ الأجهزة المتطوّرة فی هذه الدنیا التی تحسب مقدار العمل فی اثناء العمل بحاجة إلى زمان؟!

وقد یکون الغرض من تکرار (سریع الحساب) فی مواضع مختلفة من القرآن الکریم هو عدم انخداع الناس العادیین بوساوس الشیطان وإغواءاته، ومن یتبعه من الذین یثیرون الشکوک بإمکانیة محاسبة الخلائق على أعمالهم التی قاموا بها خلال آلاف سحیقة من غابر التاریخ.

إضافة إلى أنّ هذا التعبیر یستبطن معنى التحذیر لجمیع الناس بأنّ ذلک الیوم لا مجال فیه للمجرمین والظالمین والقتلة، ولا تعطى لهم الفرصة کما یحصل فی هذه الدنیا، حیث یترک ملف الظلمة والقتلة لشهور وسنین.


1. الطارق، 9.
2. الزلزلة، 2.
3. التکویر، 10.
4. النبأ، 40.
5. الأنعام، 28.
6. الزلزلة، 4.
7. إبراهیم، 21.
8. تفسیر مجمع البیان، ج 8، ص 85، ذیل الآیة مورد البحث.
9. تفسیر المیزان، ج 17، ص 319، وتفسیر مجمع البیان، ج 8، ص 805، ذیل الآیة مورد البحث.
10. تفسیر مجمع البیان، ج 2، ص 531، ذیل الآیة 202 من سورة البقرة.
 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 16 ـ 17 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 18 ـ 20
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma