الأشخاص الذین یتقدّمون على غیرهم بالإیمان والعمل الصالح فهم ذوو وعی وشجاعة وإیثار وتضحیة أکثر من الآخرین بلا شکّ، ولذا فإنّ درجات المؤمنین غیر متساویة عند الله، والآیة الکریمة اعتمدت هذا المفهوم ومیّزت بین الأشخاص الذین أنفقوا قبل الفتح: (سواء کان فتح مکّة أو الحدیبیة أو مطلق الفتوحات الإسلامیة) وجاهدوا أیضاً، وبین الذین أنفقوا وقاتلوا من بعد.
نقل فی حدیث عن (أبی سعید الخدری) أنّه قال: «خرجنا مع رسول الله فی عام الحدیبیة (السنة السادسة للهجرة) حتى إذا کان بعسفان ـ مکان قریب من مکّة ـ قال رسول الله: «یوشک أن یأتی قوم تحقّرون أعمالکم مع أعمالهم» قلنا: من یارسول الله؟ أقریش؟ قال: «لا، ولکنّهم أهل الیمن، هم أرقّ أفئدة وألین قلوباً» قلنا: أهم خیر منّا یارسول الله؟ قال: «لو کان لأحدهم جبل ذهب فأنفقه ما أدرک مُدّ(1) أحدکم ولا نصفیه، ألا إنّ هذا فصل ما بیننا وبین الناس لا یستوی منکم من أنفق من قبل الفتح وقاتل»(2).
والنقطة التالیة جدیرة بالملاحظة أیضاً وهی: إنّ الإقراض لله تعالى هو کلّ إنفاق فی سبیله، وأحد مصادیقه المهمّة الدعم الذی یقدّم للرسول(صلى الله علیه وآله) وأئمّة المسلمین من بعده، کی یستعمل فی الموارد اللازمة لإدارة الحکومة الإسلامیة.
لذا نقل فی الکافی روایة عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «إنّ الله لم یسأل خلقه ممّا فی أیدیهم قرضاً من حاجة به إلى ذلک، وما کان لله من حقّ فإنّما هو لولیّه»(3).
وجاء فی حدیث آخر عن الإمام الکاظم (علیه السلام) حول نهایة الآیة مورد البحث: (من ذا الّذی یقرض الله قرضاً حسناً...) أنّه قال: «نزلت فی صلة الإمام»(4).