اعتذار المخلفین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الفتح / الآیة 11 ـ 14 تعلیل الذنب وتوجیهه مرض عامٌ:

ذکرنا ـ فی تفسیر الآیات الآنفة ـ أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) توجّه من المدینة إلى مکّة مع ألف وأربعمائة من صحابته «للعُمرة»!.

وقد اُبلغ عن النّبی جمیع من فی البادیة من القبائل أن یحضروا معه فی سفره هذا، إلاّ أنّ قسماً من ضعیفی الإیمان لووا رؤوسهم عن هذا الأمر وأعرضوا عنه وکان تحلیلهم هو أنّ المسلمین لا یستطیعون الحفاظ على أرواحهم فی هذا السفر فی حین أنّ کفار قریش کانوا فی حالة حرب مع المسلمین وقاتلوهم فی اُحد والأحزاب على مقربة من المدینة، فإذا توجّهت هذه الجماعة القلیلة العزلاء من کلّ سلاح نحو مکّة وعرّضت نفسها إلى العدو المدجّج بالسلاح، فکیف ستعود إلى بیوتها بعدئذ؟!

إلاّ أنّهم حین رأوا المسلمین وقد عادوا إلى المدینة ملاءَ الأیدی وافرین قد حصلوا على إمتیازات تستلفت النظر من صلح الحدیبیّة دون أن تراق من أحدهم قطرة دم، عرفوا

حینئذ خطأهم الکبیر وجاؤوا إلى النّبی(صلى الله علیه وآله) لیعتذروا إلیه، ویبرّروا تخلّفهم عنه ویطلبوا منه أن یستغفر لهم!

غیر أنّ الآیات آنفة الذکر نزلت ففضحتهم وأماطت عنهم اللثام.

وعلى هذا، فالآیات هذه ـ تبیّن حالة المخلّفین ضعاف الإیمان بعد أن بیّنت الآیات السابقة حال المنافقین والمشرکین لتتمّ حلقات البحث ویرتبط بعضها ببعض!

تقول هذه الآیات: (سیقول لک المخلّفون من الأعراب شغلتنا أ موالنا وأهلونا فاستغفر لنا یقولون بألسنتهم ما لیس فی قلوبهم).

إنّهم لم یکونوا صادقین حتى فی توبتهم!

فأبلغهم یا رسول و(قلْ فمن یملک لکم من الله شیئاً إن أراد بکم ضرّاً أو أراد بکم نفع)؟!

فلیس على الله بعزیز ولا عسیر أن یحفکم بأنواع البلاء والمصائب وأنتم فی دار أمنکم وبین أهلیکم وأبنائکم کما لا یعزّ علیه أن یجعلکم فی حصن حصین من بأس الأعداء ولو کنتم فی مرکزهم!

إنّما هو جهلکم الذی دعاکم إلى هذا التصور والاعتقاد!

أجلْ (بل کان الله بما تعملون خبیر).

وأقصى من هذا فهو خبیر بأسرارکم ونیّاتکم وهو یعلم جیداً أنّ هذه الحیل والحجج الواهیة لا صحة لها ولا واقعیّة.. والواقع هو أنّکم متردّدون ضعیفو الإیمان، وهذه الأعذار لا تخفى على الله ولا تحول دون عقابکم أبداً!

الطریف هنا أنّه یستفاد من لحن الآیات ومن التواریخ أیضاً أنّ هذه الآیات نزلت عند عودة النّبی(صلى الله علیه وآله) إلى المدینة، أی أنّها قبل مجیء المخلّفین للإعتذار إلیه ـ أماطت اللثام عنهم وکشفت الستار وفضحتهم!.

ومن أجل أن ینجلی الأمر ویتّضح الواقع أکثر یمیط القرآن جیمع الأستار فیقول: (بل ظننتم أن لن ینقلب الرّسول والمؤمنون إلى أهلیهم أبد).

أجلْ، إنّ السبب فی عدم مشارکتکم النّبی وأصحابه فی هذا السَفَر التاریخی لم یکن هو کما زعمتم ـ انشغالکم بأموالکم وأهلیکم ـ بل العامل الأساس هو سوء ظنّکم بالله، وکنتم تتصوّرون خطأً أنّ هذا السفر هو السفر الأخیر للنّبی وأصحابه وینبغی الاجتناب عنه!

وما ذلک إلاّ ما وسوست به أنفسکم (وزُیّن ذلک فی قلوبکم وظننتم ظنّ السّوء).

لأنّکم تخیّلتم أنّ الله أرسل نبیّه فی هذا السفر وأودعه فی قبضة أعدائه ولن یخلصه ویحمیه عنهم! (وکنتم قوماً بور) ـ أی هالکین ـ فی نهایة الأمر!.

وأی هلاک أشدّ وأسوأ من عدم مشارکتهم فی هذا السفر التاریخی وبیعة الرضوان وحرمانهم من المفاخر الاُخَر.. ثمّ الفضیحة الکبرى.. وبعد هذا کله ینتظرهم العذاب الشدید فی الآخرة، أجل لقد کان لکم قلوب میتة فابتلیتم بمثل هذه العاقبة!.

وحیث إنّ هؤلاء الناس ـ ضعاف الإیمان ـ أو المنافقین هم اُناس جبناء وتائقون الى الدعة والراحة ویفرّون من الحرب والقتال فإنّ ما یحلّلونه إزاء الحوادث لا ینطبق على الواقع أبداً.. ومع هذه الحال فإنّهم یتصوّرون أنّ تحلیلهم صائب جدّاً.

وبهذا الترتیب فإنّ الخوف والجبن وطلب الدعة والفرار من تحمل المسؤولیات یجعل سوء ظنّهم فی الاُمور واقعیاً، فهم یسیئون الظنّ فی کلّ شیء حتى بالنسبة الى الله والنّبی (صلى الله علیه وآله).

ونقرأ فی نهج البلاغة من وصیة للإمام علی(علیه السلام) إلى مالک الأشتر قوله: «إنّ البخل والجبن والحرص غرائز شتى یجمعها سوء الظنّ بالله»(1).

حادثة «الحدیبیّة» والآیات محل البحث، کلّ ذلک هو الظهور العینی لهذا المعنى، ویدلّل کیف أنّ مصدر سوء الظنّ هو من الصفات القبیحة حاله حال البخل والحرص والجبن!.

وحیث أنّ هذه الأخطاء مصدرها عدم الإیمان فإنّ القرآن یصرّح فی الآیة التالیة قائلاً: (ومن لم یؤمن بالله ورسوله فإنّا أعتدنا للکافرین سعیر)(2)... و«السعیر» معناه اللهیب.

وفی آخر آیة من الآیات محل البحث یقول القرآن ومن أجل أن یثبت قدرة الله على معاقبة الکفار والمنافقین: (ولله ملک السّماوات والأرض یغفر لمن یشاء ویعذّب من یشاء وکان الله غفوراً رحیم).

وممّا یسترعی النظر أنّ موضوع المغفرة مقدّم هنا على العذاب، کما أنّ فی آخر الآیة تأکیداً على المغفرة والرحمة أیضاً، وذلک لأنّ الهدف من هذه التهدیدات جمیعاً هو التربیة، وموضوع التربیة یوجب أن یکون طریق العودة مفتوحاً بوجه الآثمین حتى الکفّار، وخاصةً أنّ أساس کثیر من هذه الاُمور السلبیة هو الجهل وعدم الإطلاع ـ فینبغی أن یُبعث فی مثل هؤلاء الأفراد الأمل على المغفرة بمزید من الرجاء، فلعلّهم یؤوبون نحو السبیل!.


1. نهج البلاغة، الرسالة 59.
2. أسلوب الجملة ونظمها کان ینبغی أن یکون: فقل: (إنّا اعتدنا لهم سعیر): إلاّ أنّ القرآن حذف الضمیر خاصة وجعل مکانه الاسم الصریح «الکافرین» لیبیّن أنّ علة هذا المصیر المشؤوم هو الکفر بعینه.
سورة الفتح / الآیة 11 ـ 14 تعلیل الذنب وتوجیهه مرض عامٌ:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma