اُشیر فی الآیات ـ آنفة الذکر ـ إلى ثلاثة اُصول من الاُصول الإسلامیة، وقد أکّدت علیها الکتب السماویة السابقة وهی:

) کلّ إنسان مسؤول عن ذنبه ووزره.

ب) لیس للإنسان فی آخرته إلاّ سعیه.

ج) یُجزی الله کلّ إنسان على عمله الجزاء الأوفی.

وهکذا فإنّ القرآن یشجب الکثیر من الأوهام والخرافات التی یهتمّ بها عامّة الناس أو السائدة بینهم وکأنّها مذهب عقائدی!

والقرآن لا ینفی ـ عن هذا الطریق ـ عقیدة العرب المشرکین الذین یعتقدون أنّ بإمکان الإنسان أن یتحمّل وزر الآخر فحسب! بل ینفی الاعتقاد الذی کان سائداً ـ ولا یزال ـ بین المسیحیین، وهو أنّ الله أرسل ابنه المسیح لیصلب ویذوق العذاب والألم ویحمل على عاتقه ذنوب المذنبین!.

وکذلک یحکم على جماعة من القسسة والرهبان بقبح عملهم لما کانوا یبیعونه من صکوک الغفران ومنح قطع الأراضی فی الجنّة لمن یشاؤون، والعفو عن المخطئین!! فکلّ هذه الاُمور باطلة.

ومنطق العقل أیضاً یقتضی أنّ کلاّ مسؤول عن عمله، ویعود علیه عمله بالنفع أو الضرر.

وهذا المبدأ الإسلامی یؤدّی إلى أن یسعى الإنسان إلى الخیر وأن یجتهد بدلا من الإلتجاء إلى الخرافات أو أن یتحمّل آثامه غیره! وأن یتجنّب الذنب ویتّقی الله، وإذا ما اتّفق له أن عثرت قدمه فی معصیة، فعلیه أن یبادر إلى التوبة ویجبر ذلک بالاستغفار والعمل الصالح!

وتأثیر هذه العقیدة التربویة فی الناس واضح تماماً ولا یقبل الإنکار، کما أنّ أثر تلک المعتقدات الجاهلیة الفاسدة ـ المخرّب لا یخفى على أحد.

وصحیح أنّ هذه الآیات ناظرة إلى السعی والمثابرة والعمل للآخرة ورؤیة الثواب فی الآخرة! إلاّ أنّ الملاک والمعیار الأصلی له یتجلّى فی الدنیا أیضاً... أی أنّ الأفراد المؤمنین لا ینبغی لهم أن یتوقّعوا من الآخرین أن یعملوا لهم ویحلّوا مشاکلهم الاجتماعیة، بل علیهم أنفسهم أن ینهضوا ویجدّوا ویثابروا أبداً.

ویستفاد من هذه الآیات أصل حقوقی فی المسائل الجزائیة أیضاً، وهو أنّ الجزاء أو العقاب إنّما ینال المذنب الحقیقی، ولیس لأحد أن یجعل إثم غیره فی ذمّته!