والسّماء ذات الحُبک:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الذّاریات / الآیة 7 ـ 14 سورة الذّاریات / الآیة 15 ـ 19

تبدأ هذه الآیات کالآیات المتقدّمة بالقسم وتتحدّث عن إختلاف الکفّار وجدلهم حول یوم الجزاء والقیامة ومسائل اُخر متعدّدة من بینها شخصیة النّبی (محمّد) ومسألة التوحید.

فتقول الآیات فی البدایة: قسماً بالسماء ذات الخطوط والتعرّجات الجمیلة: (والسّماء ذات الحبک).

وفی اللغة معان کثیرة لکلمة «الحبک» على زنة «کتب» وهی جمع «حباک» على وزن ـ کتاب ـ .

من ضمن هذه المعانی الطرق والتعاریج التی تبدو على الرمل نتیجة للریاح أو التی تبدو على صفحة الماء أو على السُحب فی السماء!

کما تطلق الحبُک على الشعر المجعّد.

وقد تُفسّر الحبک بالزینة والجمال!

کذلک تأتی بمعنى الشکل الموزون والرتیب.

والجذر الأصلی لها «حبْک» ومعناه هو الشدّ والإحکام(1)!

ویبدو أنّ جمیع هذه المعانی تعود إلى معنى واحد وهی التجاعید والتعاریج الجمیلة التی تظهر على صفحات الرمل فی الصحراء أو صفحات الماء أو التجاعید فی الشعر أو السُحب فی السماء.

وأمّا تطبیق هذا المعنى على السماء ووصفها بها (والسّماء ذات الحبک) هو إمّا لنجومها ذات المجامیع المختلفة وصورها الفلکیة «تطلق على مجموعات النجوم الثابتة التی لها شکل خاصّ بالصورة الفلکیة»!

وإمّا للأمواج الجمیلة التی ترتسم فی السحب وقد تکون جمیلة إلى درجة بحیث تحدق العین فیها لفترة طویلة!

أو لمجرّاتها العظیمة التی تبدو وکأنّها تجاعید الشعر على صفحة السماء، وخاصّة صورها التی التقطت «بالتلسکوب» إذ تشبه هذه الصور التجاعید فی الشعر تماماً.

فعلى هذا یکون معنى (والسّماء ذات الحبک) أنّ القرآن یقسم بالسماء ومجراتها العظیمة التی لم تکتشفها یومئذ العیون الحادّة ببصرها ولا علم الإنسان یومئذ بها.

ومع ملاحظة أنّ الجمع بین المعانی المتقدّمة ممکن ولا منافاة فیه فیحتمل أن تکون هذه المعانی کلّها مجتمعة فی القسم، ونقرأ فی الآیة 17 من سورة «المؤمنون» أیضاً قوله تعالى: (ولقد خلقنا فوقکم سبع طرائق)(2).

کما یجدر الإلتفات إلى أنّ الجذر الأصلی للحبک یمکن أن یکون إشارة إلى إستحکام السماء وإرتباط الکرات بعضها ببعض کالکواکب السیاره والمجموعة أو المنظومة الشمسیة التی ترتبط بقرص الشمس.

أمّا الآیة التالیة فهی جواب للقسم وبیان لما وقع علیه القسم إذ تقول مؤکّدة: (إنّکم لفی قول مختلف).

فدائماً أنتم تتناقضون فی الکلام، وکأنّ هذا التناقض فی کلامکم دلیل على أنّه لا أساس لکلامکم أبداً.

ففی مسألة المعاد تقولون أحیاناً: لا نصدّق أبداً أن نعود أحیاء بعد أن تصیر عظامنا رمیماً.

وتارةً تقولون نحن نشکّ فی هذه القضیّة ونتردّد!

وتارةً تضیفون أن هاتوا آباءنا وأسلافنا من قبورهم لیشهدوا أنّ بعد الموت قیامةً ونشوراً لنقبل بما تقولون!

وتقولون فی شأن النّبی محمّد(صلى الله علیه وآله) تارةً بأنّه شاعر، أو بأنّه ساحر، وتارةً تقولون أنّه لمجنون، وتارةً تقولون إنّما یعلمه بشر فهو مُعَلَّم!!

کما تقولون فی شأن القرآن بأنّه: أساطیر الأوّلین تارةً، أو تقولون بأنّه شعر، وتارةً تسمّونه سحراً، وحیناً آخر تقولون أنّه کذب إفتراه وأعانه علیه قوم آخرون!... الخ.

فقسماً بحُبکِ السماء وتجاعیدها إنّ کلامکم مختلف وملیء بالتناقض، ولو کان لکلامکم أساس لکنتم على الأقل تقفون عند موضوع خاصّ ومطلب معیّن ولما تحوّلتم منه کلّ یوم إلى موضوع آخر!

وهذا التعبیر فی الحقیقة إنّما هو استدلال على بطلان إدّعاء المخالفین فی شأن التوحید والمعاد والنّبی والقرآن «وإن کان إعتماد هذه الآیات فی الأساس على مسألة المعاد کما تدلّ علیه القرینة فی الآیات التالیة»!.

ونعرف أنّه یُستند دائماً لکشف کذب المدّعین الکذبة سواءً فی المسائل القضائیة أو المسائل الاُخرى على تناقض کلامهم وتضادّه، فکذلک القرآن یعوّل على هذا الموضوع تماماً!

وفی الآیة التالیة یبیّن القرآن علّة الانحراف عن الحقّ فیقول: (یؤفک عنه من اُفِک)أی یؤفک عن الإیمان بالقیامة والبعث کلّ مخالف للحقّ! وإلاّ فإنّ دلائل الحیاة بعد الموت واضحة وجلیّة!

وینبغی الإلتفات إلى أنّ تعبیر الآیة عامّ ومغلق، وترجمتها الحرفیة هی «لیصرف عنه من هو مصروف».

لأنّ «الإفک» فی الأصل یطلق على صرف الشیء، فلذا یطلق على الکذب الذی فیه تأثیر إنحرافی بأنّه إفک، کما یطلق على الریاح المختلفة بأنّها «المؤتفکات».

ولکن مع ملاحظة أنّ الکلام کان فی الآیات المتقدّمة على المعاد والقیامة، فمن المعلوم أنّ المراد الأصلی من الإنحراف والأفک هنا هو الانحراف عن هذه العقیدة... کما أنّه حیث کان الکلام فی الآیة المتقدّمة عن اختلاف کلام الکفّار وتناقضهم فیعلم أنّ المراد هنا من الآیة

هم اُولئک المنحرفون عن الإیمان بالمعاد الذین انحرفوا عن مسیر الدلیل العقلی والمنطق السلیم الباحث عن الحقّ!

وبالطبع لا مانع أن یکون المراد من «الإفک» هنا هو الانحراف عن قبول الحقّ أیّاً کان نوعه، سواءً کان هذا الانحراف عن القرآن أم التوحید أو النبوّة أو المعاد «ومن هذا القبیل مسألة ولایة الأئمّة المعصومین الواردة فی بعض الرّوایات» ولکن مسألة القیامة والمعاد على کلّ حال التی هی الموضوع الأصلی داخلة فیه قطعاً.

وفی الآیة التالیة ذمّ شدید للکاذبین وتهدید لتخرصّاتهم إذ تقول: (قتل الخرّاصون).

و «الخرّاص» من مادّة «خَرْص» ـ على زنة دَرس ـ ومعناه فی الأصل کلّ کلام یقال تخمیناً أو ظنّاً، وحیث إنّ مثل هذا الکلام غالباً ما یکون کذباً فقد استعملت هذه الکلمة فی الکذب أیضاً... فیکون المعنى من «الخراصون» هو: اُولئک الذین یطلقون کلمات عاریة من الصحّة ولا أساس لها، والمراد منها هنا ـ بقرینة الآیات التالیة ـ هو: اُولئک الذین یحکمون أو یقضون فی شأن القیامة والمعاد بکلام لا أساس له بعید عن المنطق.

على کلّ حال، فإنّ هذا التعبیر هو فی شکل دعاء علیهم... دعاء یدلّ على أنّهم «موجودات» تستحقّ الفناء والقتل، فعدمهم خیر من وجودهم!

کما فسّر بعضهم «القتل» هنا بالطرد واللعن والمحرومیّة عن رحمة الله.

ومن هنا یمکن أن یستفاد من هذا الحکم الکلّی أیضاً أنّ القضاء بلا دلیل ولا مدرک أو مستند بیّن بل على الظنّ والحدس هو عمل یسوق إلى الضلال ویستحقّ اللعن والعذاب.

ثمّ یعرّف القرآن هؤلاء الخراصین الکذبة فیقول: (الّذین هم فی غمرة ساهون).

«الغمرة» فی الأصل معناها الماء الغزیر الذی یغطّی محلا ما... ثمّ استعملت على الجهل السحیق الذی یغطّی عقل الشخص!

وکلمة «ساهون» جمع لـ «ساه» وهی مشتقّة من «السهو» والمراد بها هنا الغفلة.

وقال بعضهم إنّ الجهل على مراحل: فالاُولى هی «السهو والإشتباه»، ثمّ «الغفلة» وبعدها «الغمرة».

فیکون المعنى بناءً على هذا أنّهم ابتدوا من مرحلة السهو، ثمّ انساقوا إلى مرحلة الغفلة، ولما استمرّوا وواصلوا فی هذا الطریق غرقوا فی الجهل تماماً، والجمع بین هذین التعبیرین «السهو» و«الغمرة» فی هذه الآیة لعلّه إشارة إلى بدایة هذه الحرکة ونهایتها.

فعلى هذا یکون المراد من کلمة «الخراصون» هم الغارقون فی جهلهم وکلّ یوم یتذرّعون بحجّة واهیة فراراً من الحقّ.

ولذلک فهم دائماً: (یسألون أیّان یوم الدّین).

جملة «یسألون» والفعل للمضارع یدلّ على أنّهم یثیرون هذا السؤال أیّان یوم الدین؟! باستمرار... على أنّه ینبغی أن یکون یوم القیامة وموعده مخفیاً، لیکون محتمل الوقوع فی أیّ زمان، ویحصل منه الأثر التربوی للإیمان بیوم القیامة الذی هو بناء الشخصیة والاستعداد الدائم.

وهذا الکلام یشبه تماماً کلام المریض إذ یسأل طبیبه مثلا: متى یکون آخر عمری؟ ویکرّر علیه السؤال باستمرار، فکلّ أحد یعدّ هذا السؤال هذراً ویقول: المهمّ أن تعرف أنّ الموت حقّ لتعالج نفسک ولئلاّ تبتلى بالموت السریع.

إلاّ أنّهم لم یکن لهم من هدف سوى الاستهزاء أو التذرّع بالحجج الواهیة ولم یکن سؤالهم عن تاریخ یوم القیامة وزمانه بحقّ!

إلاّ أنّه ومع هذه الحال فإنّ القرآن یردّ علیهم مجیباً بلغة شدیدة ویعنّفهم (یوم هم على النّار یفتنون).

وعندئذ یقال لهم هنالک: (ذوقوا فتنتکم هذا الّذی کنتم به تستعجلون) والفتنة فی الأصل اختبار الذهب فی موقد النار لیمتاز الخالص من غیره، ومن هنا فقد استعملت «الفتنة» على أیّ نوع کان من أنواع الامتحان أو الاختبار، کما استعملت على دخول الإنسان النار، کما تستعمل فی البلاء والعذاب وعدم الراحة کما تشیر إلیه الآیة محل البحث هنا.


1. یراجع، لسان العرب، والمفردات للراغب، مادّة الحبک.
2. هناک شرح مفصّل فی تفسیر هذه الآیة، فراجعه فی سورة المؤمنون.
سورة الذّاریات / الآیة 7 ـ 14 سورة الذّاریات / الآیة 15 ـ 19
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma