لا تزکّوا أنفسکم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة النّجم / الآیة 31 ـ 32 1ـ علم الله المطلق

لمّا کان الکلام فی الآیات المتقدّمة عن علم الله بالضالّین والمهتدین، فإنّ الآیات أعلاه تتمّة لما جاء آنفاً، تقول: (ولله ما فی السّماوات وما فی الأرض).

فالمالکیة المطلقة فی عالم الوجود له وحده، والحاکمیة المطلقة على هذا العالم له أیضاً، ولذلک فإنّ تدبیر عالم الوجود بیده فحسب. ولمّا کان الأمر کذلک فهو وحده الجدیر بالعبادة والشفاعة!

إنّ هدفه الکبیر من هذا الخلق الواسع لیستیقظ الإنسان فی عالم الوجود ولیسیر فی مسیر التکامل فی ضوء المناهج التکوینیة والتشریعیّة وتعلیم الأنبیاء وتربیتهم، لذلک فإنّ القرآن یذکر نتیجة هذه المالکیة فیختتم الآیة بالقول: (لیجزی الّذین أساءوا بما عملوا ویجزی الّذین أحسنوا بالحسنى)(1).

ثمّ یصف القرآن المحسنین فی الآیة التالیة فیقول: (الّذین یجتنبون کبائر الإثم والفواحش إلاّ اللّمم).

و «الکبائر» جمع کبیرة، و«الإثم» فی الأصل هو العمل الذی یُبعد الإنسان عن الخیر والثواب، لذلک یطلق على الذنب عادةً، و«اللمم» على وزن القلم ـ کما یقول الراغب فی المفردات معناه الإقتراب من الذنب، وقد یعبّر عن الذنوب الصغیرة باللمم أیضاً، وهذه الکلمة فی الأصل مأخوذة من الإلمام ومعناها الإقتراب من شیء دون أدائه، وقد یطلق «اللمم» على الأشیاء القلیلة أیضاً «وإطلاقه على الذنوب الصغیرة من هذا الباب».

وقد فسّر المفسّرون «اللمم» فی هذه الحدود، فقال بعضهم: هو الذنوب الصغیرة، وقال آخرون هو نیّة المعصیة دون أدائها، وفسّره غیرهم بأنّ اللمم معاص لا أهمیّة لها.

وربّما قالوا بأنّ اللمم یشمل الذنوب الصغیرة والکبیرة على أن لا تکون معتادة والتی تقع أحیاناً فیتذکّرها الإنسان فیتوب منها.

وهناک تفاسیر متعدّدة لهذه الکلمة فی الرّوایات الإسلامیة، فقد جاء عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: اللمم الرجل یلمّ به الذنب فیستغفر الله منه(2) وورد عنه أیضاً أنّه قال: هو الذنب یلمّ به الرجل فیمکث ما شاء الله ثمّ یلمّ به بعد(3).

کما وردت روایات اُخرى فی هذا المعنى أیضاً.

والقرائن الموجودة فی هذه الآیة تشهد على هذا المعنى أیضاً... إذ قد تصدر من الإنسان بعض الذنوب، ثمّ یلتفت إلیها فیتوب منها، لأنّ استثناء اللمم من الکبائر (مع الإلتفات إلى أنّ ظاهر الاستثناء کونه استثناءً متّصلا) یشهد على هذا المعنى.

أضف إلى ذلک فإنّ الجملة التالیة بعد الآیة فی القرآن تقول: (إنّ ربّک واسع المغفرة)!.

وهذا یدلّ على أنّ ذنباً صدر من الإنسان وهو بحاجة إلى غفران الله، لا أنّه قصد الإقتراب منه ونواه دون أن یرتکبه.

وعلى کلٍّ فالمراد من الآیة أنّ الذین أحسنوا من الممکن أن ینزلقوا فی منزلق ما فیذنبوا، إلاّ أنّ الذنب على خلاف سجیّتهم وطبعهم وقلوبهم الطاهرة ـ وإنّما تقع الذنوب عَرضَاً، ولذلک فما أن یصدر منهم الذنب إلاّ ندموا وتذکّروا وطلبوا المغفرة من الله سبحانه کما نقرأ فی الآیة 201 من سورة الأعراف إذ تشیر إلى هذا المعنى: (إنّ الّذین اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشّیطان تذکّروا فإذا هم مبصرون).

ونظیر هذا المعنى فی الآیة 135 من سورة آل عمران إذ تقول فی وصف المحسنین والمتّقین: (والّذین إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذکروا الله فاستغفروا لذنوبهم)!

فکلّ هذا شاهد على ما جاء من تفسیر «اللّمم».

ونختتم بحثنا هنا بحدیث للإمام الصادق(علیه السلام) إذ أجاب على سؤال حول تفسیر الآیة ـ محلّ البحث ـ فقال: «اللمام العبد الذی یلمّ بالذنب بعد الذنب لیس من سلیقته أی من طبیعته»(4).

ویتحدّث القرآن فی ذیل الآیة عن علم الله المطلق مؤکّداً عدالته فی مجازاة عباده حسب أعمالهم فیقول: (هو أعلم بکم إذ أنشأکم من الأرض وإذ أنتم أجنّة فی بطون اُمّهاتکم)(5).

وقوله «أنشأکم من الأرض» إمّا هو بإعتبار الخلق الأوّل عن طریق آدم(علیه السلام) الذی خلقه من تراب، أو باعتبار أنّ ما یتشکّل منه وجود الإنسان کلّه من الأرض، حیث له الأثر الکبیر فی التغذیة وترکیب النطفة، ثمّ بعد ذلک له الأثر فی مراحل نمو الإنسان أیضاً.

وعلى کلّ حال، فإنّ الهدف من هذه الآیة أنّ الله مطّلع على أحوالکم وعلیم بکم منذ کنتم ذرّات فی الأرض ومن یوم إنعقدت نطفتکم فی أرحام الاُمّهات فی أسجاف من الظلمات فکیف ـ مع هذه الحال ـ لا یعلم أعمالکم؟!

وهذا التعبیر مقدّمة لما یلیه من قوله تعالى: (فلا تزکّوا أنفسکم هو أعلم بمن اتّقى)!

فلا حاجة لتعریفکم وتزکیتکم وبیان أعمالکم الصالحة، فهو مطّلع على أعمالکم وعلى میزان خلوص نیّاتکم، وهو أعرف بکم منکم، ویعلم صفاتکم الداخلیة والخارجیة.

قال بعض المفسّرین أنّ الآیتین آنفتی الذکر نزلتا فی جماعة کانوا یمدحون أنفسهم بعد أداء الصوم أو الصلاة فیقولون: إنّنا صلّینا وصمنا وقمنا بکذا وکذافنزلت الآیتان ونهتهم عن تزکیة الأنفس(6).


1. «اللام» فی «لیجزی» هی لام الغایة، فبناءً على ذلک الجزاء هو غایة الخلق، وإن کان بعضهم یعتقد بأنّ «لیجزی» متعلّق «بأعلم» فی الآیة السابقة، وأنّ جملة (ولله ما فی السّماوات وما فی الأرض) معترضة، إلاّ أنّ هذا الاحتمال یبدو بعیداً.
2. أصول الکافی، ج 2، ص 320، (کتاب الإیمان والکفر، باب اللمم، ح 1 و 3).
3. المصدر السابق.4. اصول الکافی، ج 2، ص 321، (باب اللمم) ح 5.
5. «الأجنّة» جمع جنین: الطفل الذی فی بطن اُمّه.
6. تفسیر روح المعانی، ج 7، ص 55.
سورة النّجم / الآیة 31 ـ 32 1ـ علم الله المطلق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma