انظرونا نقتبس من نورکم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الحدید / الآیة 12 ـ 15 الإستغاثة العقیمة للمجرمین:

لقد بشّر الله المنفقین فی آخر آیة من الآیات السابقة بالأجر الکریم، واستمراراً للبحث فالآیات أعلاه تتحدّث عن هذا الأجر، وتبیّن مدى قیمته وعظمته فی الیوم الآخر، یقول سبحانه: (یوم ترى المؤمنین والمؤمنات یسعى نورهم بین أیدیهم وبأیمانهم).

وبالرغم من أنّ المخاطب هنا هو الرّسول الکریم(صلى الله علیه وآله) إلاّ أنّ من الواضح أنّ الآخرین یرقبون هذا المشهد أیضاً، ولکن بما أنّ تشخیص المؤمنین من الاُمور اللازمة للرسول(صلى الله علیه وآله)لیتفقدهم فکانت هذه العلامة: (یسعى نورهم بین أیدیهم...) دالّة علیهم، وبذلک تکون معرفتهم أیسر.

وبالرغم من أنّ المفسّرین ذکروا احتمالات متعدّدة لهذا «النور إلاّ أنّ المقصود منه ـ فی الواقع ـ تجسیم نور الإیمان، لأنّه سبحانه عبّر بـ (نورهم) ولا عجب، لأنّ فی ذلک الیوم تتجسّد أعمال البشر، فیتجسّد الإیمان الذی هو نور هدایتهم بصورة نور ظاهری، ویتجسّد

الکفر الذی هو الظلام المطلق بصورة ظلمة ظاهریة، کما نقرأ فی الآیة الکریمة: (یوم لا یخزی الله النّبىّ والّذین آمنوا معه نورهم یسعى بین أیدیهم)(1).

وجاء فی الآیات القرآنیة الاُخرى أنّ الله تعالى یهدی المؤمنین من الظلام إلى النور: (یخرجهم من الظلمات إلى النور).

التعبیر بـ «یسعى» من مادّة (سعى) ـ بمعنى الحرکة السریعة ـ دلیل على أنّ المؤمنین أنفسهم یسیرون بسرعة فی طریق المحشر باتّجاه الجنّة حیث مرکز السعادة السرمدیة، ذلک لأنّ الحرکة السریعة لنورهم لیست منفصلة عن حرکتهم السریعة.

والجدیر بالملاحظة هنا أنّ الحدیث جاء عن (نورین) (النور الذی یتحرّک أمامهم، والنور الذی یکون عن یمینهم) وهذا التعبیر یمکن أن یکون إشارة إلى قسمین مختلفین من المؤمنین:

قسم المقرّبین وأصحاب الوجوه النورانیة، وهؤلاء نورهم یتحرّک أمامهم.

والقسم الثانی وهم أصحاب الیمین ویکون نورهم عن أیمانهم، وذلک کنایة عن صحیفة أعمالهم التی تعطى بأیدیهم الیمنى ویخرج النور منها.

کما یوجد إحتمال آخر أیضاً وهو أنّ النورین إشارة إلى مجموعة واحدة، وما یقصد بنور الیمین هو کنایة عن النور الذی یصدر عن أعمالهم الصالحة ویضیء جمیع أطرافهم.

وعلى کلّ حال فإنّ هذا النور هو دلیلهم إلى الجنّة، وعلى ضوئه یسیرون بسرعة إلیها.

ومن جهة ثالثة بما أنّ مصدر هذا النور الإلهی هو الإیمان والعمل الصالح فلا شکّ أنّه یختلف باختلاف درجات الإیمان ومستوى الأعمال الصالحة للبشر، فالأشخاص ذوو الإیمان الأقوى فإنّ نورهم یضیء مسافة أطول، والذین لهم مرتبة أقل یتمتّعون بنور یناسب مرتبتهم، حتى أنّ نور بعضهم لا یضیء موضع أقدامهم، کما ورد فی تفسیر علی بن إبراهیم فی نهایة الآیة مورد البحث: «یقسّم النور بین الناس یوم القیامة على قدر إیمانهم»(2).

وهنا یصدر هذا النداء الملائکی بإحترام للمؤمنین: (بشراکم الیوم جنّات تجری من تحتها الأنهار خالدین فیها ذلک هو الفوز العظیم).

أمّا المنافقون الذین سلکوا طریق الظلام والکفر والذنوب والمعصیة، فإنّ صراخهم یعلو فی مثل تلک الساعة ویلتمسون من المؤمنین شیئاً من النور، لکنّهم یواجهون بالردّ والنفی، کما فی قوله تعالى: (یوم یقول المنافقون والمنافقات للّذین آمنوا انظرونا نقتبس من نورکم)(3).

«إقتباس» فی الأصل من مادّة (قبس) بمعنى أخذ شعلة من النار، ثمّ استعملت على أخذ نماذج اُخرى أیضاً.

المقصود من جملة (انظرون) هو أن انظروا لنا کی نستفید من نور وجوهکم لنجد طریقنا، أو انظروا لنا نظر لطف ومحبّة واعطونا سهماً من نورکم، کما یحتمل أنّ المقصود هو أنّ (انظرونا) مشتقة من (الإنتظار) بمعنى أعطونا مهلة قلیلة حتى نصل إلیکم وفی ظلّ نورکم نجد الطریق.

وعلى کلّ حال یأتی الجواب على طلبهم بقوله تعالى: (قیل ارجعوا وراءکم فالتمسوا نور).

کان من الممکن أن تحصلوا على النور من الدنیا التی ترکتموها وراءکم، وذلک بإیمانکم وأعمالکم الصالحة، إلاّ أنّ الوقت انتهى، وفاتت الفرصة علیکم ولا أمل هنا فی حصولکم على النور.

(فضرب بینهم بسور له باب) وهذا الباب أو هذا الجدار من نوع خاص وأمره فرید، حیث إنّ کلا من طرفیه مختلف عن الآخر تماماً، حیث: (باطنه فیه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب).

«السور» فی اللغة هو الحائط الذی یحیط بالمدن ـ کما کان فی السابق ـ للمحافظة علیها، وفیه نقاط مراقبة عدیدة یستقرّ بها الحرّاس للمحافظة ورصد الأعداء تسمّى بالبرج والأبراج.

والنقطة الجدیرة بالملاحظة هنا حیث یقول تعالى: (باطنه فیه الرّحمة وظاهره من قبله العذاب) حیث إنّ المؤمنین کسکّان المدینة داخل البستان، والمنافقین کالغرباء القسم الصحراوی، فهم فی جوّین مختلفین وعالمین متفاوتین، ویحکی ذلک عن کون هؤلاء کانوا فی مجتمع واحد جنباً إلى جنب ولکن یفصل بینهم حاجز عظیم من الاعتقادات والأعمال المختلفة، ففی یوم القیامة یتجسّد نفس المعنى أیضاً.

ولماذا هذا «الباب»، ولأی الأهداف؟

للجواب على هذا التساؤل نقول: من الممکن أن یکون هذا الباب من أجل أن یرى المنافقون من خلاله نعم الجنّة ویتحسّرون علیها، أو أنّ من کان قلیل التلوّث بالذنوب وقد نال جزاءه من العذاب بإمکانه أن یدخل منها ویکون مع المؤمنین فی نعیمهم.

غیر أنّ هذا الحائط لیس من النوع الذی یمنع عبور الصوت حیث یضیف سبحانه: أنّ المنافقین (ینادونهم ألم نکن معکم) لقد کنّا نعیش معکم فی هذه الدنیا فما الذی حدث وإنفصلتم عنّا وذهبتم إلى الروح والرحمة الإلهیّة وترکتمونا فی قبضة العذاب؟

(قالوا بلى) کنّا معکم فی أماکن کثیرة فی الأزقّة والأسواق، فی السفر والحضر، وکنّا أحیاناً جیراناً أو فی بیت واحد... نعم کنّا معاً، إلاّ أنّ اختلافاتنا فی العقیدة والعمل کانت هی الفواصل بیننا، لقد کنتم تسیرون فی خطّ منفصل عن خطّنا وکنتم غرباء عن الله فی الاُصول والفروع، لذا فأنتم بعیدون عنّا، ثمّ یضیفون: لقد إبتلیتم بخطایا وذنوب کثیرة من جملتها:

(ولکنّکم فتنتم أنفسکم) وخدعتموها بسلوک طریق الکفر والضلال.

(وتربّصتم) وانتظرتم موت النّبی وهلاک المسلمین وإنهدام أساس الإسلام، بالإضافة إلى التهرّب من إنجاز کلّ عمل إیجابی وکلّ حرکة صحیحة، حیث تتعلّلون وتماطلون وتسوّفون إنجازها.

(وارتبتم) فی المعاد وحقّانیة دعوة النّبی والقرآن ..

وخدعتکم الآمال (وغرّتکم الأمانىّ حتّى جاء أمر الله).

نعم هذه الأمانی لم تعطکم مجالا ـ حتى لحظة واحدة ـ للتفکّر الصحیح، لقد کنتم مغمورین فی تصوّراتکم وتعیشون فی عالم الوهم والخیال، واستولت علیکم اُمنیة الوصول إلى الشهوات والأهداف المادیة.

(وغرّکم بالله الغرور) إنّ الشیطان غرّکم بوساوسه فی مقابل وعد الله عزّوجلّ، فتارةً صوّر لکم الدنیا خالدة باقیة واُخرى صوّر لکم القیامة بعیدة الوقوع، وفی بعض الأحیان غرّکم بلطف الله والرحمة الإلهیّة، وأحیاناً جعلکم تشکّون فی أصل وجود الله العظیم الخالق.

هذه العوامل الخمسة هی التی فصلت خطّکم عنّا بصورة کلیّة وأبعدتنا عنکم وأبعدتکم عنّا.

«فتنتم» من مادّة (فتنة) جاءت بمعانی مختلفة کـ (الامتحان والإنخداع، والبلاء والعذاب،

والضلالة والانحراف، والشرک وعبادة الأصنام) والمعنیان الأخیران هنا أنسب أی الضلال والشرک.

«تربّصتم» من مادّة (تربّص) فی الأصل بمعنى الإنتظار، سواء کان إنتظار البلاء والمصیبة أو الکثرة والنعمة، والمناسب الأکثر هنا هو إنتظار موت الرّسول (صلى الله علیه وآله) وإنتکاسة الإسلام، أو أنّ الإنتظار بمعنى التعلّل فی التوبة من الذنوب وإنجاز کلّ عمل من أعمال الخیر.

«وارتبتم» من مادّة (ریب) تطلق على کلّ شکّ وتردید وما سیتوقّع فیما بعد، والمعنى الأنسب هنا هو الشکّ بالقیامة أو حقّانیة القرآن الکریم.

وبالرغم من أنّ مفهوم الکلمات المستعملة فی الآیة واسع، إلاّ أنّ من الممکن أن تکون لبیان المسائل المذکورة بالترتیب، من مسألة «الشرک» وإنتظار «نهایة عمر الإسلام والرّسول» ومن ثمّ «الشکّ فی المعاد» الذی یؤدّی إلى «التلوّث العملی» عن طریق «الإنخداع بالأمانی» والشیطان، وبناءً على هذا فالجمل الثلاث الاُولى من الآیة ناظرة إلى الاُصول الثلاثة للدین، والجملتان الاُخریتان بعدهما ناظرتان إلى فروع الدین.

وأخیراً فإنّ المؤمنین ـ بلحاظ ما تقدّم ـ یخاطبون المنافقین بقولهم: (فالیوم لا یؤخذ منکم فدیة ولا من الّذین کفرو)وبهذا الترتیب یواجه المنافقون نفس مصیر الکفّار أیضاً، وکلّهم رهینة ذنوبهم وأعمالهم القبیحة، ولا یوجد لهم أی طریق للخلاص.

ثمّ یضیف سبحانه: (مأواکم النّار هی مولاکم(4) وبئس المصیر).

الإنسان ـ عادةً ـ لکی ینجو من العقوبة المتوقّعة فی الدنیا، یتوسّل للخلاص منها إمّا بالغرامة المالیة أو طلب العون والمساعدة من قوّة شفیعة، إلاّ أنّه هناک ـ فی یوم القیامة ـ لا یوجد أی منهما ینقذ الکفّار والمنافقین من العذاب المحتوم علیهم.

وفی یوم القیامة ـ عادةً ـ تنقطع کلّ الأسباب والوسائل المادیة المتعارف علیها فی هذا العالم للوصول إلى المقاصد المرجوة، کما تنفصم الروابط حیث یقول سبحانه: (إذ تبرّأ الّذین اتُّبعوا من الّذین اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب)(5).

(یوم لا بیع فیه ولا خلّة).(6)

(ولا یؤخذ منها عدل).(7)

(یوم لا یغنی مولى عن مولى شیئ).(8)

(یوم لا یغنی عنهم کیدهم شیئ).(9)

(فلا أنساب بینهم یومئذ).(10)

(کلّ نفس بما کسبت رهینة).(11)

وبهذه الصورة یوضّح القرآن الکریم أنّ الوسیلة الوحیدة للنجاة فی ذلک الیوم هی الإیمان والعمل الصالح فی الدنیا، حتى أنّ دائرة الشفاعة محدودة للأشخاص الذین خلطوا عملا صالحاً وآخر سیّئاً ولیسوا من الغرباء مطلقاً عن الإیمان والذین قطعوا إرتباطهم بصورة کلیّة من الله وأولیائه وعصوا أوامره.


1. التحریم، 8.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 241، ح 60.
3.«انظرونا» من مادّة «نظر» فی الأصل بمعنى الفکر أو النظر لمشاهدة إدراک شیء، وتأتی أحیاناً بمعنى التأمّل والبحث، وکلّما تعدّت بـ (إلى) فإنّها تأتی بمعنى النظر إلى شیء، وکلّما تعدّت بـ (فی) فإنّها تأتی بمعنى التأمّل والتدبّر، وعندما لا تتعدّى بدون حرف جرّ کأن نقول: (نظریة وأنظرته وانتظرته) فإنّها تأتی بمعنى التأخیر أو الإنتظار (من المفردات للراغب).
4. «مولى» هنا من الممکن أن تکون بمعنى الولی، أو بمعنى الشخص أو الشیء الذی تکون له الأولویة للإنسان.
5. البقرة، 166.
6. البقرة، 254.
7. البقرة، 48.
8. الدخان، 41.
9. الطور، 46.
10. المؤمنون، 101.
11. المدثر، 38.
سورة الحدید / الآیة 12 ـ 15 الإستغاثة العقیمة للمجرمین:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma