سعد الأیّام ونحسها:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
مصیر قوم عاد:سورة القمر / الآیة 23 ـ 32

الشیء المتعارف بین الناس، هو أنّ بعض الأیّام سعیدة ومبارکة، والبعض الآخر نحس ومشؤوم، مع وجود إختلاف کثیر فی تشخیصها.

ویدور الحدیث حول مدى قبولها إسلامیاً، وهل أنّها مأخوذة من تعالیم الإسلام أم لا؟

من الناحیة العقلیة لا یعدّ اختلاف أجزاء الزمان من هذه الجهة محالا، بأن یتّصف بعضها بالنحوسة والاُخرى بالبرکة والسعد، ولا نملک أی إستدلال عقلی لإثبات أو نفی هذا المعنى، ولهذا نستطیع القول: إنّ هذا الأمر بهذا القدر شیء ممکن، ولکنّه غیر ثابت من الناحیة العقلیة.

وبناءً على ذلک فإذا کانت لدینا دلائل شرعیة لهذا المعنى ثبتت عن طریق الوحی فلا مانع من قبولها، بل الإلتزام بها.

وحول (نحس الأیّام) تشیر الآیات القرآنیة مرّتین إلى هذا الموضوع، الاُولى فی الآیات مورد البحث، والثانیة: فی الآیة 16 من سورة فصّلت: قوله تعالى: (فأرسلنا علیهم ریحاً صرصراً فی أیّام نحسات)(1).

وفی مقابل «النحوسة» فإنّنا نلاحظ فی بعض الآیات القرآنیة تعبیر (مبارک) کما فی قوله تعالى حول لیلة القدر: (إنّا أنزلناه فی لیلة مبارکة).(2)

وقلنا إنّ «نحس» مأخوذ فی الأصل من صورة الإحمرار الشدید فی الاُفق، الذی یشبه النار المتوهّجة الخالیة من الدخان والتی یطلق علیها (النحاس). وبهذه المناسبة استعمل فی معنى الشؤم.

ومن هنا نلاحظ أنّ القرآن الکریم لم یتطرّق لهذه المسألة إلاّ من خلال إشارة مغلقة فقط، لکنّنا حینما نقرأ فی الکتب الإسلامیة، یواجهنا العدید من الرّوایات فی هذا المجال، مع العلم أنّ الکثیر منها ضعیف، وأنّ البعض الآخر منها موضوع أو ملفّق، أو مشوب بالخرافات، ولیست جمیعاً کذلک، بل هناک ما هو معتبر منها وموضع إطمئنان کما یؤکّد المفسّرون صحّة ذلک من خلال تفسیر الآیات أعلاه.

ویذکر لنا المحدّث الکبیر العلاّمة المجلسی روایات عدیدة فی هذا المجال فی بحار الأنوار(3).

وفی هذا المجال نستطیع إیراد الملاحظات التالیة:

) لقد ذکروا فی روایات عدیدة (سعد ونحس) الأیّام، وکذلک الحوادث التی وقعت فیها، حیث نقرأ فی الرّوایة التالیة فی أسئلة الشامی لأمیر المؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: (أخبرنی عن یوم الأربعاء والتطیّر منه وثفله، وأی أربعاء هو)، قال(علیه السلام): «آخر أربعاء من الشهر، وهو المحاق، وفیه قتل قابیل هابیل أخاه، ویوم الأربعاء أرسل الله عزّوجلّ الریح على قوم عاد»(4).

ومن هنا فإنّ الکثیر من المفسّرین یرتّبون أثراً على هذه الرّوایات، ویعتبرون أنّ آخر أربعاء من کلّ شهر هو یوم نحس، ویطلقون علیه (أربعاء لا تدور) أی لا تتکرّر.

ونقرأ فی بعض الرّوایات أنّ الیوم الأوّل من کلّ شهر هو سعد ومبارک، وذلک لأنّ آدم(علیه السلام) خلق فی هذا الیوم، وکذلک فإنّ الیوم 26 من کلّ شهر یوم مبارک، حیث: (ضرب موسى فیه البحر فانفلق)(5).

کما أنّ الیوم الثالث من کلّ شهر، هو یوم نحس، نُزع عن آدم وحواء لباسهما واُخرجا من الجنّة(6).

کما أنّ الیوم السابع من کلّ شهر هو یوم مبارک، لأنّ نوح(علیه السلام) قد رکب فی السفینة (ونجا من الغرق)(7).

ونقرأ فی الحدیث التالی عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی هذا المعنى حول یوم (النوروز) حیث یقول: «... یوم مبارک إستوت فیه سفینة نوح على الجودی، وهو الیوم الذی نزل فیه جبرائیل على النّبی، وهو الیوم الذی حمل فیه رسول الله أمیر المؤمنین على منکبه حتى رمى أصنام قریش من فوق البیت الحرام فهشّمها... وهو الیوم الذی أمر النّبی أصحابه أن یبایعوا علیاً بإمرة المؤمنین...»(8).

وقد إقترن سعد ونحس الأیّام بذکر بعض الوقائع التاریخیة الحسنة والسیّئة کما فی العدید من الرّوایات، فمثلا ما ذکر عن یوم عاشوراء الذی إعتبره الاُمویون یوم سعد لمّا حقّقوا فیه وبظنّهم من انتصار على أهل البیت(علیهم السلام)... نلاحظ الرّوایات تنهى بشدّة عن التبرّک فی مثل هذا الیوم، کما تحذر من إدّخار الأقوات السنویة فیه، والإبتعاد عن أجواء الإحتفالات التی کان یقیمها الاُمویون فی هذا الیوم وکذلک تؤکّد على تعطیل الأعمال فیه.

ومن ملاحظة مجموعة الرّوایات السابقة، دفع البعض أن یفسّر مسألة سعد ونحس الأیّام على أنّها مجعولة من أجل شدّ المسلمین بهذه الحوادث التاریخیّة المهمّة، وحثّهم عملیّاً على تطبیق ما تستلزمه تلک الحوادث من التفاعل وما تفرزه من معطیات، وکذلک الإبتعاد عن محطّات الحوادث السیّئة وإجتناب سبلها.

ویمکن أن یصدّق هذا التّفسیر فی قسم من هذه الرّوایات ولا یصدق على القسم الآخر منها، ذلک لأنّ المستفاد من البعض منها أنّ هنالک تأثیراً ملموساً فی بعض الأیّام (إیجاباً وسلباً) ولیس لنا تفسیر أو علم لهذا التأثیر.

ب) ممّا یجدر الإنتباه إلیه أنّ هنالک من یفرط فی موضوع سعد ونحس الأیّام، بحیث إنّهم یمتنعون من الشروع بأی عمل إلاّ بالاعتماد على هذه الخلفیة، وبذلک یفوتون علیهم فرصاً کثیرة یمکن الإستفادة منها.

وبدلا من التعمّق فی البحث الموضوعی الذی تحسب فیه حسابات الربح والخسارة والاستفادة من الفرص والتجارب الثریة... فإنّهم یرجعون کسب الأرباح إلى سعد الأیّام والانتکاسات والخسارة إلى شؤم الأیّام... وهذا المنهج یعبّر عن الإنهزام من الواقع والهروب من الحقیقة والإفراط فی التعلیل الخرافی لحوادث الحیاة الذی یجب أن نحذره ونتجنّبه بشدّة.

والجدیر بنا فی هذه المسائل أن لا نعطی آذاناً صاغیة لأقوال المنجّمین والإشاعات المنتشرة فی الأجواء الاجتماعیة المتخلّفة، ولا لحدیث اُولئک الذین یدّعون المعرفة المستقبلیة لفأل الأشخاص، ونستمرّ فی حیاتنا العملیة بجهد حثیث وخطى ثابتة وبالتوکّل على الله وبروح موضوعیة بعیدة عن التأثّر بهذه الحکایات والأقاویل، ونستمدّ من الله وحده العون والرعایة.

ج) إنّ مسألة الإهتمام بموضوع (سعد ونحس) الأیّام بالإضافة إلى أنّها ترشدنا للکثیر من الحوادث التأریخیّة ذات العظة والعبرة، فإنّها أیضاً عامل للتوسّل بالله والتوجّه إلى رحاب عظمته السامقة، واستمداد العون من ذاته القدسیّة، وهذا ما نلاحظه فی روایات عدیدة.

ففی الأیّام النحسة مثلا نستطیع أن نطمئن نفسیّاً لممارستنا العملیة وبکلّ تفاؤل وموفّقیة، وذلک حینما ندعو الله ونطلب منه العون ونتصدّق على الفقراء، ونقرأ شیئاً من الآیات القرآنیة ونتوکّل على الذات الإلهیّة المقدّسة.

روی عن علی بن عمر العطّار، أنّه قال: دخلت على أبی الحسن العسکری یوم الثلاثاء، فقال: لم أرک أمس؟ قال: کرهت الحرکة فی یوم الإثنین، قال: «یاعلی من أحبّ أن یقیه الله شرّ یوم الإثنین، لیقرأ فی أوّل رکعة من صلاة الغداة (هل أتى على الإنسان...)(9) ثمّ قرأ أبو الحسن: (فوقاهم شرّ ذلک الیوم ولقّاهم نضرةً وسرور)»(10).

وفی هذا الصدد نقرأ الرّوایة التالیة أیضاً عن الحلبی عن أبی عبدالله الصادق(علیه السلام)، أیکره السفر فی شیء من الأیّام المکروهة، الأربعاء وغیره؟ قال: «افتتح سفرک بالصدقة، واقرأ آیة الکرسی إذا بدا لک»(11).

وذکر أیضاً عن الحسن بن مسعود أحد أصحاب الإمام علی الهادی(علیه السلام) أنّه قال: دخلت على أبی الحسن علی بن محمّد(علیهما السلام)، وقد نکبت إصبعی، وتلقّانی راکب فصدم کتفی، ودخلت فی زحمة فخرقوا علیّ بعض ثیابی. فقلت: کفانا الله شرّک من یوم فما أشأمک!، فقال(علیه السلام) لی: «یاحسن هذا وأنت تغشانا ترمی بذنبک من لا ذنب له».

قال الحسن: فأناب إلیّ عقلی، وتبیّنت خطأی، فقلت یامولای: استغفر لی.

فقال(علیه السلام): «یاحسن، ما ذنب الأیّام حتى صرتم تتشاءمون منها إذا جوزیتم بأعمالکم».

قال الحسن: أنا أستغفر الله أبداً، وهی توبتی، یا ابن رسول الله.

قال(علیه السلام): «والله ما ینفعکم ولکنّ الله یعاقبکم بذمّها على ما لا ذمّ علیها فیه، أما علمت یاحسن أنّ الله هو المثیب والمعاقب والمجازی بالأعمال عاجلا وآجلا؟».

قلت: بلى یامولای.

قال(علیه السلام): «لا تعد ولا تجعل للأیّام صنعاً فی حکم الله».

قال الحسن: بلى یا ابن رسول الله(12).

إنّ هذا الحدیث الهامّ یشیر إلى أنّ التأثیر الممکن حصوله فی الأیّام مردّه إلى أمر الله، ولیس للأیّام تأثیر مستقل على حیاة الإنسان، ولابدّ من استشعار لطف الله دائماً، الذی لا غنى لنا عنه أبداً، وبذلک لا ینبغی أن نتصوّر الحوادث التی هی بمثابة کفّارة لأعمالنا وسیئاتنا غالبا على أنّها مرتبطة بتأثیر الأیّام ونبرّیء أنفسنا منها، ولعلّ هذا البیان أفضل طریق للجمع بین الأخبار المختلفة فی هذا الباب.


1. یجدر الإنتباه إلى أنّ «نحسات» جاءت صفة للأیّام، وذلک یعنی أنّ الأیّام المذکورة وصفت بالنحوسة، فی الوقت الذی ذکرت کلمة «یوم» فی الآیة الکریمة (فی یوم نحس مستمر) إضافة لـ «النحس» ولیست وصفاً ولکن بقرینة الآیة أعلاه یجب القول: إنّ الإضافة هنا تکون إضافة موصوف إلى صفة (یرجى الإنتباه).
2. الدخان، 3.
3. بحار الأنوار، ج 59، ص 1 ـ 91، کتاب السماء والعالم وما بعدها.
4. تفسیر نور الثقلین، ج 5، ص 182، ح 25.
5. المصدر السابق، ص 105 و106.
6. تفسیر نور الثقلین، ج 5، ص 58.
7. المصدر السابق، ص 61.
8. بحار الأنوار، ج 59، ص 92، و ج 1، (باب یوم النوروز و...).
9. الإنسان، 1.
10. بحارالأنوار، ج 59، ص 39، ح 8 .
11. المصدر السابق، ص 28، ح 12.
12. تحف العقول، ص 482، عن بحار الأنوار، ج 59، ص 2، ح 6، باختصار.
مصیر قوم عاد:سورة القمر / الآیة 23 ـ 32
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma