«نجم الشعرى» کما أشرنا إلیه آنفاً من أشدّ النجوم فی السماء لمعاناً وإشراقاً وهو معروف
بنجم الشعرى الیمانی، لأنّه یقع فی جهة جنوب الجزیرة العربیة، وبما أنّ الیمن یقع فی جنوب الجزیرة أیضاً فقد أطلق علیه «بالیمانی»!
وکانت طائفة من العرب کقبیلة «خزاعة» تقدّس هذا النجم وتعبده وتعتقد أنّه مبدأ الموجودات على الأرض... فتأکید القرآن على أنّ الله ربّ الشعرى هو لإیقاظ هذه القبیلة وأمثالها من غفوتها، لئلاّ یُشتبه المخلوق بالخالق ویُجعل المربوب مکان الربّ کما کانت القبیلة آنفة الذکر علیه.
هذا النجم العجیب الخلقة لإشراقه الکثیر عُدّ ملک النجوم وله أسرار وعجائب نشیر إلیها فی هذا البحث مع ملاحظة أنّ هذه الحقائق کانت فی ذلک العصر مجهولة عند العرب وغیرهم عن الشعرى فإنّ تأکید القرآن على هذا الموضوع ذو معنى غزیر!
) طبقاً للتحقیقات التی اُجریت فی المراصد المعروفة فی العالم عن «الشعرى» ظهر أنّ حرارة هذا النجم تبلغ 120 ألف درجة سانتیغراد!.
مع العلم أنّ حرارة سطح الشمس لا تتجاوز 6500 درجة سانتیغراد وهذا التفاوت بین الحرارتین یبیّن مدى حرارة الشعرى بالنسبة إلى الشمس.
ب) الجرم المخصوص لهذا النجم أثقل وزناً من الماء بمقدار خمسین ألف مرّة تقریباً، أی أنّ وزن اللیتر من الماء على الشعرى یعادل خمسین طنّاً على سطح الأرض! مع أنّ من بین مجموع المنظومة الشمسیة یعدّ کوکب عطارد أکثر الأجرام فی وزنه النوعی ولا یتجاوز وزنه النوعی ستّة أضعاف الوزن النوعی للماء!
فینبغی أن نعرف بهذا الوصف کم هذا النجم مثیر للدهشة والعجب، ومن أی عنصر یتألّف حتى صار مضغوطاً بهذا المستوى؟!
ج) یظهر نجم الشعرى ـ فی قرننا ـ عند فصل الشتاء إلاّ أنّ هذا النجم أو الکوکب کان یظهر فی عصر منجمّی مصر فی الصیف! وهو کوکب کبیر یعادل عشرین ضعفاً من کوکب الشمس، ومسافته تبعد عن الأرض أکثر من مسافة الشمس بمقدار کبیر وقد ذکروا أنّ مسافة بین الشعرى والأرض تعادل ملیون مرّة المسافة بیننا وبین الشمس.
ونعرف أنّ سرعة النور فی الثانیة 300 ألف ألف متر (ثلاثمائة ألف کیلومتر) وأنّ نور الشمس یصل إلینا خلال ثمانی دقائق وثلاث عشرة ثانیة مع أنّها تبعد عنّا مسافة خمسة عشر ملیون کیلو «متراً»... فی حین أنّ شعاع الشعرى لا یصلنا إلاّ بعد عشر سنین، والآن قدّروا کم هی الفاصلة بین الشعرى والأرض!
د) لکوکب الشعرى نجم تابع له یدور حوله وهو من نجوم السماء الغامضة. وأوّل من إکتشفه عالم یدعى بسل عام 1844 م، إلاّ أنّه رؤی عام 1862 بالمرصد «التلسکوب» ویکمل هذا النجم دورته حول الشعرى فی 50 عام(1).
کلّ هذا یدلّ أنّ تعابیر القرآن إلى أیّ مدى عمیقة وذات معنى غزیر، وفی طیّات تعابیره حقائق کامنة إذا لم یقدّر لها أن تعرف فی عصر نزولها فإنّها تتجلّى بمرور الزمان.
1. دائرة المعارف الإسلامیة، مادّة شعرى.
