قسماً بالأعاصیر والسُحُب الذاریات:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الذّاریات / الآیة 1 ـ 6 سورة الذّاریات / الآیة 7 ـ 14

هذه السورة هی الثانیة بعد سورة «الصافات» التی تبدأ بالقَسَم المتکرّر، القسم العمیق والباعث على التفکّر، القسم الذی یوقظ الإنسان ویمنحه الوعی والإطّلاع!

وکثیر من سور القرآن التی سنواجهها ـ فی المستقبل إن شاء الله ـ بالبحث والتّفسیر ـ هی على هذه الشاکلة... والطریف فی الأمر أنّ هذا القَسَم غالباً ما یوطِّىءُ للمعاد، سوى بعض المواطن التی یمهّد فیها للتوحید والمسائل المتعلّقة به.

کما أنّ ممّا یلفت النظر أنّ هذا القسم یرتبط محتواه بمحتوى یوم القیامة والنشور... وهو یتابع بظرافة ورونق خاصّ هذا البحث المهمّ من جوانب متعدّدة:

والحقیقة أنّ کلّ قسم فی القرآن هو بنفسه ـ وإن کثرت الأقسام ـ أو الأیمان ـ وجه من وجوه إعجاز القرآن هذا الکتاب السماوی، وهو من أجمل جوانبه وأبهاها وسیأتی تفصیل کلّ ذلک فی موقعه.

وفی مستهلّ السورة یقسم الله سبحانه بخمسة أشیاء مختلفة، وقد جاء القسم بأربعة أشیاء متوالیة سرداً وجاء القسم بخامسها فرداً.

فیقول الله فی البدایة: (والذّاریات ذرو)(1) أی قسماً بالریاح التی تحمل السحب فی السماء وتذرو البذور على الأرض فی کلّ مکان...

ثمّ یضیف: (فالحاملات وقر)(2) قسماً بالسحب التی تحمل أمطاراً ثقیلة معها ..

(فالجاریات یُسر)(3) «والجاریات هنا هی السفن» أی قسماً بالسفن التی تجری فی الأنهار العظیمة والبحار الشاسعة بیسر وسهولة.

(فالمقسّمات أمر) «والمقسمات «هنا» معناها الملائکة الذین یقسّمون الاُمور.

ونقرأ حدیثاً نقله کثیر من المفسّرین ذیل هذه الآیة أنّ «ابن الکوا»(4) سأل مرّة علی(علیه السلام)وهو على المنبر خطیباً: ما (الذّاریات ذرو)؟ فقال(علیه السلام): هی الریاح.

فقال: (فالحاملات وقر) فأجاب(علیه السلام): هی السحاب.

فقال: (فالجاریات یسر) فقال(علیه السلام): هی السُفن.

فقال: (فالمقسّمات أمر) فقال: الملائکة.

ومع هذه الحال فهناک تفاسیر اُخر یمکن ضمّها إلى هذا التّفسیر، منها أنّ المراد بـ «الجاریات» هی الأنهار التی تجری بماء المزن و«المقسمات أمراً» هی الأرزاق التی تقسّم بواسطة الملائکة عن طریق الزراعة.

وعلى هذا فإنّ الکلام عن الریاح ثمّ الغیوم وبعدها الأنهار وأخیراً نمو النباتات فی الأرض یتناسب تناسباً قریباً مع مسألة المعاد، لأنّنا نعرف أنّ واحداً من أدلّة إمکان المعاد هو إحیاء الأرض المیتة بنزول الغیث وقد ذکر ذلک عدّة مرّات فی القرآن بأسالیب مختلفة.

کما یرد هذا الاحتمال أیضاً: وهو أنّ هذه الأوصاف الأربعة جمیعها للریاح ـ الریاح المولّدة للسُحب، والریاح التی تحملها على متونها، والریاح التی تجری بها إلى کلّ جانب، والریاح التی تنثر وتقسّم قطرات الغیثِ لکلّ جهة(5)!.

ومع ملاحظة أنّ هذه التعبیرات الواردة فی الآیات جمیعها جامعة وکلیّة فیمکن أن تحمل المعانی آنفة الذکر کلّها، إلاّ أنّ التّفسیر الأساس هو التّفسیر الأوّل.

وهنا ینقدح هذا السؤال... وهو:

إذا کان المراد من «المقسمات» هو الملائکة فماذا تقسّم الملائکة؟!

نجیب على هذا السؤال: أنّ تقسیم العمل هنا لعلّه راجع إلى کلّ التدبیر فی العالم بحیث إنّ جماعات من الملائکة مأمورة بتدبیر اُموره، کما یحتمل أنّها مأمورة بتدبیر الأرزاق، أو تقسیم قطرات الغیث على المناطق المتعدّدة فی الأرض(6).

وبعد ذکر هذه الأقسام الأربعة التی تبیّن أهمیّة الموضوع الذی یلیها یقول القرآن: (إنّما توعدون لصادق)(7).

ومرّة اُخرى لمزید التأکید یضیف قائلا: (وإنّ الدّین لواقع) الدین: هنا معناه الجزاء کما جاء بهذا المعنى فی قوله تعالى: (مالک یوم الدّین): أی یوم الجزاء.

وأساساً فإنّ واحداً من أسماء یوم القیامة هو «یوم الدین» و«یوم الجزاء» ویتّضح من ذلک أنّ المراد من الوعود الواقعة «هنا» هی ما یوعدون عن یوم القیامة وما یتعلّق بها من حساب وثواب وعقاب وجنّة ونار وسائر الاُمور المتعلّقة بالمعاد، فعلى هذا تکون الجملة الاُولى شاملة لجمیع الوعود، والجملة الثانیة تأکید آخر على مسألة الجزاء.

وبعد عدّة جمل اُخر سیأتی الکلام على یوم الدین، وکما أشرنا آنفاً فإنّ الأقسام الواردة فی بدایة السورة لها علاقة وتناسب بیّن مع نتیجة هذه الأقسام! لأنّ حرکة الریاح ونزول الغیث نتیجة لکلّ ذلک، وإنّ حیاة الأرض بعد موتها بنفسها مشهد من مشاهد القیامة والمعاد یبدو فی هذه الدنیا.

قال بعض المفسّرین إنّ (ما توعدون) یحمل معنى واسعاً یشمل جمیع الوعود الإلهیّة المتعلّقة بیوم القیامة والدنیا وتقسیم الأرزاق ومجازاة المجرمین فی هذه الدنیا والدار الآخرة وانتصار المؤمنین الصالحین، فالآیة 22 من هذه السورة ذاتها التی تقول: (وفی السّماء رزقکم وما توعدون) یمکن أن تکون تأکیداً أو تأییداً لهذا المعنى، وحیث إنّ لفظ الآیة مطلق فلا تبعد هذه العمومیة.

وعلى کلّ حال فإنّ الوعود الإلهیّة جمیعها صادقة لأنّ خلف الوعد إمّا ناشىء عن الجهل أو العجز!... الجهل الباعث على تغییر فکر الواعد، والعجز المانع من الوفاء به، إلاّ أنّ الله العالم والقادر لا تتخلّف وعوده أبداً... تعالى الله عن ذلک!


1. «الذّاریات» جمع «الذاریة» ومعناها الریح التی تحمل معها الأشیاء وتنشرها فی الفضاء.
2. «الوقر» على زنة الفِکر، معناه ذو الوزن الثقیل کما یأتی معنى ثقل السمع والوقار ثقل الحرکات والحلم والهدوء أیضاً.
3. «الجاریات» جمع «جاریة»، ومعناها هنا السفن کما تأتی بمعنى الأنهار لجریانها وقد ورد قوله تعالى: (فیها عین جاریة) فی الآیة 12 من سورة الغاشیة کما تطلق الجاریة على الشمس لجریها فی السماء، وتطلق الجاریة أیضاً على الفتاة لأنّ نشاط الشباب یجری فی کیانها.
4. کان یدعى بعبدالله، وکان من المنافقین فی زمان الإمام علی، وأشدّ أعدائه وکان یزعم أنّه من أصحابه إلاّ أنّه کان یتآمر علیه.
5. أشار إلى هذا المعنى التفسیر الکبیر، ج 28، ص 195.
6. ینبغی الإلتفات إلى أنّ «الواو» فی (والذاریات) هی للقسم، إلاّ أنّ «الفاء» فی الآیات التی تلیها عاطفة وهی تحمل مفهوم القسم کما أنّها فی الوقت ذاته بمثابة علاقة ورباط بین الأقسام الأربعة هنا.
7. ینبغی الإلتفات إلى أنّ «ما» هنا اسم موصول، وهو اسم لأنّ وخبرها «لصادق».
سورة الذّاریات / الآیة 1 ـ 6 سورة الذّاریات / الآیة 7 ـ 14
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma