مکانة النّبی وواجب الناس تجاهه!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الفتح / الآیة 8 ـ 10سورة الفتح / الآیة 11 ـ 14

قلنا إنّ بعض الجهلاء اعترضوا بشدّة على صلح الحدیبیّة وحتى أنّ بعض تعبیراتهم لم تخل من عدم الإحترام بالنسبة إلى النّبی(صلى الله علیه وآله) وکان مجموع هذه الاُمور یستوجب أن یؤکّد القرآن مرّةً اُخرى على عظمة النّبی(صلى الله علیه وآله) وجلالة قدره!.

لذلک فإنّ الآیة الأولى من الآیات أعلاه تخاطب النّبی فتقول: (إنّا أرسلناک شاهداً ومبشّراً ونذیر).

وهذه ثلاثة أوصاف بارزة هی من أهم ما یتمتّع به النّبی من صفات ومقام، کونه «شاهداً» و«مبشّراً»، و«نذیراً».

«شاهداً» على جمیع الأمّة الإسلامیة، بل هو شاهد على جمیع الأمم کما نقرأ هذا التعبیر فی الآیة 41 من سورة النساء (فکیف إذا جئنا من کلّ اُمّة بشهید وجئنا بک على هؤلاء شهید).

ونقرأ فی الآیة 105 من سورة التوبة قوله تعالى: (وقل اعملوا فسیرى الله عملکم ورسوله والمؤمنون).

وأساساً فإنّ لکلّ إنسان شهوداً کثیرین!.

أولهم اللّه الذی هو عالم الغیب والشهادة المطّلع على جمیع أعماله ونیّاته!.

ومن بعده الملائکة المأمورون بحفظ أعماله کما ورد التعبیر فی الآیة 21 من سورة (ق) (وجاءت کلّ نفس معها سائق وشهید).

ثمّ أعضاء بدن الإنسان وحتى جلده شاهد علیه.. (یوم تشهد علیهم ألسنتهم وأیدیهم وأرجلهم بما کانوا یعملون)(1).

وجاء فی الآیة 21 من سورة فصلت فی هذا الصدد أیضاً: (وقالوا لجلودهم لم شهدتّم علینا قالوا أنطقنا الله الّذی انطق کلّ شیء).

و«الأرض» أیضاً، من زمرة الشهود وکما جاء فی سورة الزلزلة (یومئذ تحدّث أخباره).(2)

وطبقاً لبعض الروایات فإنّ «الزمان» أحد الشهود أیضاً، إذ نقرأ فی بعض أحادیث الإمام علی(علیه السلام) قوله: «ما من یوم یمرّ على بنی آدم إلاّ قال له ذلک الیوم أنا یوم جدید وأنا علیک شهید فافعل فیّ خیراً واعمل فیّ خیراً، اشهدُ لک یوم القیامة فإنّک لن ترانی بعد هذا أبداً»(3) (4).

ولاشک أنّ شهادة الله وحدها کافیة، لکنّ تعدّد الشهود فیه إتمام للحجّة أکثر وله أثر تربویّ ـ أقوى ـ فی الناس..

وعلى کلّ حال فإنّ القرآن الکریم بیّن هذه الأوصاف الثلاثة وهی الشهادة والبشارة والانذار التی هی من الأوصاف الأساسیة للنبی (صلى الله علیه وآله)لتکون مقدمة لما ورد فی الآیة التی بعدها.

وفی الآیة التالیة خمسة أوامر مهمّة ـ هی فی الحقیقة بمثابة الهدف من سمات النّبی المذکورة آنفاً: وتشکل أمرین فی طاعة الله وتسبیحه وتقدیره، وثلاثة أوامر منها فی «طاعة» رسوله و«الدفاع عنه» و«تعظیم مقامه»، إذ تقول الآیة: (لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزّروه وتوقّروه وتسبّحوه بکرةً وأصیل).

کلمة «تعزّروه» مشتقة من مادة تعزیر، وهو فی الأصل یعنی «المنع» ثمّ توسّعوا فیه فأطلق على کلّ دفاع ونصرة وإعانة للشخص فی مقابل أعدائه کما یطلق على بعض العقوبات المانعة عن الذنب «التعزیر» أیضاً.

وکلمة «توقّروه» مشتقة من مادة توقیر، وجذورها «الوقر» ومعناها الثِقَل.. فیکون معنى التوقیر هنا التعظیم والتکریم.

وطبقاً لهذا التّفسیر فإنّ الضمیرین فی «تعزّروه» و«توقّروه» یعودان على شخص النّبی(صلى الله علیه وآله) والهدف من ذلک هو الدفاع عنه بوجه أعدائه وتعظیمه واحترامه «وقد اختار هذا التّفسیر الشیخ الطوسی فی «التبیان» و«الطبرسی» فی مجمع البیان وغیرهما أیضاً».

غیر أنّ جماعة من المفسّرین(5) ذهبوا إلى أنّ جمیع الضمائر فی الآیة تعود على الله، والمراد بالتعزیر والتوقیر هنا نصرة دین الله وتعظیمه وتکریمه دینه ودلیلهم على هذا التّفسیر انسجام جمیع الضمائر بعضها مع بعض.

غیر أنّ التّفسیر الأوّل یبدو أقرب، لأنّ «التعزیر» أولاً: معناه فی الأصل المنع وذبُّ الأعداء والدفاع عن «الشخص»، ولا یصحّ ذلک فی شأن الله إلاّ على سبیل «المجاز» فحسب!

وأهمُ من ذلک هو شأن نزول الآیة، إذ أنّها نزلت بعد صلح الحدیبیة وکان بعضهم یسیءُ التعامل مع النّبی ولا یحترم مقامه الکریم، وقد نزلت الآیة لتنبه المسلمین على ما ینبغی علیهم من الوظائف بالنسبة إلى رسول الله(صلى الله علیه وآله).

ثمّ لا ینبغی أن ننسى أنّ الآیة هی بمثابة النتیجة للآیة السابقة التی وصفت النّبی بأنّه «شاهدٌ ومبشرٌ ونذیر» وهذا الأمر یهیء الأرضیة المناسبة للآیة التی بعدها.

وفی آخر آیة من الآیات محل البحث إشارة قصیرة إلى مسألة «بیعة الرضوان» وقد جاء التفصیل عنها فی الآیة 18 من السورة ذاتها!

وتوضیح ذلک هو: کما قلناه آنفاً إنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) رأى فی منامه کما تقول التواریخ أنّه دخل مع أصحابه مکّة، فتوجّه على أثر هذه الرؤیا مع ألف وأربعمائة صحابی إلى مکّة، إلاّ أنّ قریشاً صمّمت على منعه وهو على مقربة من مکّة... فتوقف النّبی(صلى الله علیه وآله) مع أصحابه فی منطقة الحدیبیّة.. وتمّ تبادل المبعوثین بین قریش والنّبی حتى انتهى الأمر إلى معاهدة صلح الحدیبیّة!

وفی عملیة تبادل السفراء والمبعوثین، اُمر عثمان مرّةً أن یبلّغ أهل مکّة ـ من قِبل النّبی ـ أنّه لا یرید الحرب ولا القتال وإنّما یرید العمرة فحسب، إلاّ أنّ المشرکین من أهل مکّة أوقفوا عثمان مؤقتاً وکان هذا الأمر سبباً لأن یشیع بین المسلمین خبر قتل عثمان، ولو کان هذا الموضوع صحیحاً لکان دلیلاً على إعلان قریش الحرب ومنازلة النّبی(صلى الله علیه وآله) لذلک فإنّ النّبی قال: «لا نبارح مکاننا «الحدیبیّة» حتى نأخذ البیعة من قومنا»، فطلب تجدید البیعة.. فاجتمع المسلمون وبایعوا النّبی(صلى الله علیه وآله) تحت شجرة هناک على أن لا یترکوا النّبی وراءهم ظِهریّاً وأن یقاتلوا مع النّبی أعداءه ویذبّوا عنه ما دام فیهم طاقة على ذلک.

فبلغ هذا الأمر سمع المشرکین ودبّ الرعب فیهم، وهذا ما دعاهم إلى الصلح مع النّبی. ومن هنا سمّیت مبایعة المسلمین نبیّهم تحت الشجرة بیعة الرضوان حیث وردت الإشارة إلیها فی الآیة 18 من السورة ذاتها: (لقد رضی الله عن المؤمنین إذ یبایعونک تحت الشّجرة).

وعلى کلّ حال فإنّ القرآن یتحدّث عن مبایعة المسلمین فی الآیة محلّ البحث فیقول: (إنّ الّذین یبایعونک إنّما یبایعون الله ید الله فوق أیدیهم)!

و«البیعة» معناها المعاهدة على اتّباع الشخص وطاعته، وکان المرسوم أو الشائع بین الناس أنّ الذی یعاهد الآخر ویبایعه یمد یده إلیه ویظهر وفاءه ومعاهدته عن هذا الطریق لذلک الشخص أو لذلک «القائد» المبایَع!.

وحیث أنّ الناس یمدّون أیدیهم «بعضهم إلى بعض» عند البیع وما شاکله من المعاملات ویعقدون المعاملة بمد الأیدی و«المصافحة» فقد أطلقت کلمة «البیعة» على هذه العقود والعهود أیضاً. وخاصةً أنّهم عند «البیعة» کأنّما یقدّمون أرواحهم لدى العقد مع الشخص الذی یظهرون وفاءهم له.

وعلى هذا یتّضح معنى (ید الله فوق أیدیهم).. إذ إنّ هذا التعبیر کنایة عن أنّ بیعة النّبی هی بیعة الله، فکأنّ الله قد جعل یده على أیدیهم فهم لا یبایعون النّبی فحسب بل یبایعون الله، وأمثال هذه الکنایة کثیرة فی اللغة العربیة!.

وبناءً على هذا التّفسیر فإنّ من یرى بأنّ معنى هذه الجملة (ید الله فوق أیدیهم)هو أنّ قدرة الله فوق قدرتهم أو أنّ نصرة الله أعظم من نصرة الناس وأمثال ذلک لا یتناسب تأویله مع شأن نزول الآیة ومفادها وإن کان هذا الموضوع بحدِّ ذاته صحیحاً.

ثمّ یضیف القرآن الکریم قائلاً: (فمن نکث فإنّما ینکث على نفسه ومن أوفى بما عاهد علیه الله فسیؤتیه أجراً عظیم)(6).

کلمة «نکث» مشتقة من «نکْث» ومعناها الفتح والبسط ثمّ استعملت فی نقض العهد(7).

والقرآن فی هذه الآیة یُنذر جمیع المبایعین للنبی(صلى الله علیه وآله) أنّ یثبتوا على عهدهم وبیعتهم فمن ثبت على العهد فسیؤتیه الله أجراً عظیماً ومن نَکث فإنّما یعود ضرره علیه ولا ینال الله ضررُه أبداً... بل إنّه یهدّد وجود المجتمع وکرامته وعظمته ویعرّضه للخطر بنقضه البیعة!.

وقد ورد ـ فی کلام ـ عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) قوله: «إنّ فی النّار لمدینة یقال لها الحصینة، أفلا تسألونی ما فیها؟! فقیل له: ما فیها یا أمیر المؤمنین؟! قال: فیها أیدی الناکثین»(8).

ومن هنا یتّضح بجلاء قبح نقض البیعة من وجهة نظر الإسلام!! وفی هذا المجال هناک بحوث فی «البیعة فی الإسلام» وحتى «قبل الإسلام» وکیفیة البیعة وأحکامها ستأتی بأذن الله فی ذیل الآیة 18 من هذه السورة ذاتها!.


1. النور، 24.
2. الزلزلة، 4.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 112.
4. مرّ البحث عن الشهود فی محکمة القیامة ذیل الآیات 20 ـ 22 من سورة فصلت.
5. منهم الزمخشری فی تفسیر الکشاف، والآلوسی فی تفسیر روح المعانی، والفیض الکاشانی فی تفسیر الصافی، والعلاّمة الطباطبائی فی تفسیر المیزان.
6. ینبغی الإلتفات إلى أنّ کلمة «علیهُ» فی الآیة الآنفة جاءت على خلاف ما نعهده، إذ ضُمّ الضمیر وهو الهاء هنا، وقد وجّه بعض المفسّرین إلى أنّ هذا أصله «هو» وبعد حذف الواو یأتی مضموناً أحیاناً مثل له وعنه ویأتی مکسوراً أحیاناً لأنه یلی الیاء ککلمة «علیه الله» وحیث أنّ کلمة «علیه» هنا تلاها لفظ الجلالة فقد ضم الضمیر فی «علیه» ینسجم مع تضخیم اللام فی لفظ الجلالة «الله».
7. «النکث» بفتح النون مصدر و«النِکث» بکسر النون اسم مصدر.
8. بحار الأنوار، ج 67، ص 186.
سورة الفتح / الآیة 8 ـ 10سورة الفتح / الآیة 11 ـ 14
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma