قصّة «صلح الحدیبیة»:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
الفتح المبین:الآثار السیاسیة والاجتماعیة والمذهبیة لصلح الحدیبیة:

فی السنة السادسة للهجرة وفی شهر ذی القعدة منها تحرّک النّبی نحو مکّة لأداء مناسک العُمرة ورغب المسلمین جمیعاً فی هذا الأمر.. غیر أنّ قسماً منهم امتنع عن ذلک، فی حین أنّ معظم المهاجرین والأنصار وجماعة من أهل البادیة عزموا على الاعتمار(1) مع النّبی فساروا نحو مکّة!...

فأحرم هؤلاء المسلمون الذین کانوا مع النّبی وکان عددهم فی حدود «الألف والأربعمائة» ولم یحملوا من أسلحة الحرب شیئاً سوى السیوف التی کانت تعدّ أسلحةً للسفر فحسب!.

ولمّا وصل النّبی إلى «عسفان» التی لا تبعد عن مکّة کثیراً اُخبر أنّ قریشاً تهیّأت لصدّه وصمّمت على منعه من الدخول إلى مکّة. ولمّا بلغ النّبی الحدیبیّة ]وهی قریة على مسافة عشرین کیلو متراً من مکّة وسمّیت بذلک لوجود بئر فیها أو شجرة [أمر أصحابه أن یحطّوا رحالهم فیها. فقالوا: یا رسول الله لیس هنا ماء ولا کلأ، فهیّأ النّبی عن طریق الاعجاز لهم ماءً من البئر الموجودة فی تلک المنطقة.. وبدأ التزاور بین سفراء النّبی وممثلیه وسفراء قریش وممثلیها لتُحلّ المشکلة على أی نحو کان، وأخیراً جاء عروة بن مسعود الثقفی الذی کان رجلاً حازماً عند النّبی فقال له النّبی: «إنّا لم نجیء لقتال أحد ولکن جئنا معتمرین...». وهذا وقد لاحظ عروة الثقفی، ضمناً حالة الأصحاب وهم یکتنفون نبیّهم عند وضوئه فلا یَدَعُون قطرةً تهوی إلى الأرض منه.

وحین رجع عروة إلى قریش قال: لقد ذهبت إلى قصور کسرى وقیصر والنجاشی فلم أرَ قائداً فی قومه فی عظمته کعظمة محمّد بین أصحابه.. وقال عروة لرجال قریش أیضاً إذا کُنتم تتصورون أنّ أصحاب محمّد یترکونه فأنتم فی خطأ کبیر.. فأنتم فی مواجهة أمثال هؤلاء الرجال الذین یؤثرون على أنفسهم فاعرفوا کیف تواجهونهم!؟

ثمّ إنّ النّبی أمرَ عمرَ أن یمضی إلى مکّة لیطلع أشراف قریش على الهدف من سفر النّبی فاعتذر عمر وقال إنّ بینه وبین قریش عداوة شدیدة وهو منها على حذر فالأفضل أن یرسل عثمان بن عفان لیبادر إلى هذا العمل، فمضى عثمان إلى مکّة ولم تمضِ فترة حتى شاع بین المسلمین خبر مفاده أنّ عثمان قُتل، فاستعد النّبی لأن یواجه قریشاً بشدّة! فطلب بتجدید البیعة من أصحابه فبایعوه تحت الشجرة بیعة سُمّیت «بیعة الرضوان» وتعاهدوا على مواصلة الجهاد حتى آخر نفس; إلاّ أنّه لم یمضِ زمن یسیر حتى عاد عثمان سالماً وأرسلت قریش على أثره سهیل بن عمرو للمصالحة مع النّبی غیر أنّها أکّدت على النّبی أنّه لا یدخل مکّة فی عامه هذا أبداً.

وبعد کلام طویل تمّ عقد الصلح بین الطرفین وکان من موادّه ما بیّناه آنفاً وهو أن یغض المسلمون النظر عن موضوع العمرة لذلک العام وأن یأتوا فی العام القابل الى مکّة شریطة أن لا یمکثوا فی مکّة أکثر من ثلاثة أیّام وأن لا یحملوا سلاحاً غیر سلاح السفر کما کان من مواد العقد اُمور اُخرى تدور حول سلامة الأرواح والأموال التی تعود للمسلمین والذین یأتون مکّة منهم ] من قِبَل المدینة[ ومن مواد العقد أیضاً إیقاف القتال بین المسلمین والمشرکین لعشر سنین وأن یکون مسلمو مکّة أحراراً فی أداء مناسکهم وفرائضهم الإسلامیة.

وکان هذا العقد ]أو هذه المعاهدة[ بمثابة عدم التعرض لکلا الجانبین ولحسم المعارک المستمرّة بین المسلمین والمشرکین بصورة مؤقتة.

وکان مؤدّى هذه المعاهدة وما یتضمّنه عقد الصلح بالنحو التالی:

«قال النّبی لعلی اکتب: بسم الله الرحمن الرحیم: فقال سهیل بن عمرو الذی کان سفیر المشرکین: لا أعرف هذه العبارة بل لیُکتبْ بسمِکَ اللّهمّ! فقال النّبی لعلی اکتب: بسمک اللّهمّ: ثمّ قال النّبی لعلی اُکتبْ: هذا ما صالح علیه محمّد رسول الله سهیل بن عمرو، فقال سهیل: لو کنّا نعرفک رسول الله لما حاربناک فاکتب اسمک واسم أبیک فحسب. فقال النبیّ: لا مانع من ذلک اُکتب: هذا ما صالح علیه محمّد بن عبد الله سهیل بن عمرو أن یترک القتال عشر سنین لیجد الناس مأمنهم ثانیة، وإضافة إلى ذلک من یأتِ محمّداً من قریس مسلماً دون إذن ولیّه فیجب إعادته الى أهله ومن جاء قریشاً من أصحاب محمّد فلا یجب إعادته إلى محمّد!

والجمیع أحرار فمن شاء دخل فی عهد محمّد ومن شاء دخل فی عهد قریش!

ویتعهّد الطرفان أن لا یخون کلّ منهما ]صاحبه[ الآخرَ وأن یحترم ماله ونفسه!

ثمّ بعد هذا لیس لمحمّد هذا العام أن یدخل مکّة، لکن فی العام المُقبل تخرج قریش من مکّة لثلاثة أیّام ویأتی محمّد وأصحابه إلى مکّة على أن لا یمکثوا فیها أکثر من ثلاثة أیّام

ویؤدّوامناسک العمرة ثمّ یعودوا إلى أهلهم شریطة أن لا یحملوا معهم سلاحاً سوى السیف الذی هو من عُدة السفر وأن یکون فی الغمد وشهد على هذه المعاهدة جماعة من المسلمین وجماعة من المشرکین وأملى المعاهدة علی بن أبی طالب (علیه السلام)»(2).

وذکر العلاّمة المجلسی فی «بحار الأنوار» مواد اُخرى منها:

«ینبغی أن یکون الإسلام فی مکّة غیر خفی وأن لا یُجبر أحد فی اختیار مذهبه وأن لا ینالَ المسلمین أذى من المشرکین»(3).

وهذا المضمون کان موجوداً فی التعبیر السابق بصورة إجمالیة.

وهنا أمر النّبی (صلى الله علیه وآله) أن تنحر الإبل التی جیء بها مع المسلمین وأن یحلق المسلمون رؤوسهم وأن یتحلّلوا من احرامهم!..

لکن هذا الأمر کان على بعض المسلمین عسیر للغایة وغیر مستساغ أیضاً.. لأنّ التحلل من الإحرام فی نظرهم دون أداء العمرة غیر ممکن!! لکنّ النّبی تقدّم بنفسه ونحر «هدیه» وتحلّل من إحرامه وأشعرَ المسلمین أنّ هذا «استثناءٌ» فی قانون الإحرام أمر به الله سبحانه نبیّه!

ولمّا رأى المسلمون ذلک من نبیّهم اذعنوا للأمر الواقع ونفذوا أمر النّبی بدقة وعزموا على التوجّه نحو المدینة من هناک، غیر أنّ بعضهم کان یحسّ کأنّ جبلاً من الهم والحزن یجثم على صدره لأنّ ظاهر القضیة أنّ هذا السفر کان غیر موفّق بل مجموعة من الهزائم! لکنّ مثل هذا وأضرابه لم یعلموا ما ینطوی وراء صلح الحدیبیة من انتصارات للمسلمین ولمستقبل الإسلام، وفی ذلک الحین نزلت سورة الفتح وأعطت للنّبی الکریم بشرى کبرى بالفتح المبین(4).


1. «الاعتمار» مصدر من «اعتمر» و«العمرة» أو اسم مصدر من عمر وکلا المصدرین بمعنى واحد وهو الزیارة مطلقاً (لغةً) غیر أنّه اصطلح علیهما فی زیارة بیت الله خاصّة.
2. منقول بتصرّف یسیر عن تأریخ الطبری، ج2، ص281.
3. بحار الأنوار، ج 20، ص 352.
4. راجع سیرة ابن هشام، ج3، ص321 ـ 324، وتفسیر مجمع البیان، وتفسیر فی ظلال القرآن، والکامل لابن الأثیر، ج 2 ومصادر أخرى ]مع شیء من التلخیص طبع.
الفتح المبین:الآثار السیاسیة والاجتماعیة والمذهبیة لصلح الحدیبیة:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma