النظرة الفاحصة الممعنة فی خلق الإنسان من نطفة قذرة وتحویله إلى هیئته التامّة المقدرة من کافة الجهات، ومع ما منحه اللّه من مواهب وإستعدادات...
لأفضل دلیل یقودنا بیسر إلى معرفته جلّ اسمه فهل يجوز لهذا المخلوق أن يتكبر ويصيبه الغرور أمام هذه العظمة اللامتناهية؟
(أو لم یر الإنسان أنّا خلقناه من نطفة فإذا هو خصیم مبین) الآیة تؤکّد أوّلا على مخاطبة الإنسان، ثمّ تتحدّث عن «النطفة» والتی هی بمعنى «الماء المهین» لکی یعلم هذا الإنسان المغرور المتکبّر ماذا کان فی البدء؟ کما أنّ هذا الماء المهین لم یکن هو السبب فی نشوئه وظهوره، بل خلیّة حیّة متناهیة فی الصغر، لا ترى بالعین المجرّدة وباتّحادها مع خلیة صغیرة اُخرى مستقرّة فی رحم المرأة تکوّنت الخلیّة البشریة الاُولى، ودخل الإنسان إلى عالم الوجود!
إن العهد والقسم من مؤکّدات حفظ العلاقة بين أفراد المجتمع والثقة المتبادلة بينهم، وإذا تصورنا مجتمعاً
کان نقض العهد فیه هو السائد، فمعنى ذلک انعدام الثقة بشکل عام فی ذلک المجتمع، وعندها سوف یتحول المجتمع الى آحاد متناثرة تفتقد الإرتباط والقدرة والفاعلیة الاجتماعیة
فی کتاب الله اُمور کثیرة تکون أسباباً وعناوین للمغفرة ومحو الذنوب والسیئات منها: التوبة والإيمان والعمل الصالح، التقوى، الجهاد في سبيل الله، صدقة السر، الإنفاق و... لذا فإن أبواب المغفرة الإلهیّة مفتوحة من کلّ مکان، وأنّ عباد الله بوسعهم طَرق هذه الأبواب والولوج إلى المغفرة الإلهیّة
حسب التعالیم الإسلامیة فی القرآن إنّ التوبة والإنابة یمکن أن تکون أداة قاطعة وحازمة للإنفصال عن الماضی وبدء حیاة جدیدة، أو حتى یمکن أن تکون بمثابة (ولادة جدیدة) للتائب إذا تحققت بشرطها وشروطها وبهذا الشکل فإنّ القرآن الکریم یبقی أبواب اللطف الإلهی مفتّحة أمام کلّ الناس مهما کانت ظروفهم
العزّة هي حالة مانعة للإنسان من أن یُغلب... ولأنّ الله سبحانه وتعالى هو الذات الوحیدة التی لا تُغلب، وجمیع المخلوقات بحکم محدودیتها قابلة لأن تُغلب، وعلیه فإنّ العزّة جمیعها من الله، وکلّ من اکتسب عزّة فمن بحر عزّته اللامتناهی.
کل ذنب یترک أثره فی المجتمع، کما یترک أثره فی الأفراد عن طریق المجتمع أیضاً... ویسبب نوعاً من الفساد فی التنظیم الاجتماعی، فالذنب والعمل القبیح، وتجاوز القانون، مثلها کمثل الغذاءالسیء والمسموم، إذ یترک أثره غیر المطلوب والسیء فی البدن شئنا أم أبینا، ویقع الإنسان فریسة للآثار الوضعیة لتلك المسموم.
إنّ أبواب المغفرة والرحمة مفتوحة للجمیع من دون أىّ استثناء، ولکن شریطة أن یعودوا إلى أنفسهم بعد إرتکاب الذنب، ویتوجّهوا فی مسیرهم نحو الباریء عزّوجلّ، ویستسلموا لأوامره، ویظهروا صدق توبتهم وإنابتهم بالعمل، وبهذا الشکل فلا الشرک مستثنى من المغفرة ولاغیره
قال تعالى في محكم كتابه: (وإن تبدوا ما فی أنفسکم أو تخفوه یحاسبکم به الله). یمکن أن یکون لعمل واحد صور مختلفة، مثلاً الإنفاق تارةً یکون فی سبیل الله، واُخرى یکون للریاء وطلب الشهرة، فالآیة تقول: إنّکم إذا أعلنتم نیّتکم أو أخفیتموها فإنّ الله تعالى أعلم بها وسیجازیکم علیها، فهی فی الحقیقة إشارة إلى مضمون الحدیث الشریف «لا عمل إلاّ بنیّة»
أنّ التقوى والورع وخشیة الله لها أثر عمیق فی معرفة الإنسان وزیادة علمه وإطّلاعه إنّ بعض العلوم یجب إکتسابها عن طریق العلم والتعلّم بالشکل السائد والمتعارف، وقسمٌ آخر من العلوم الإلهیّة لا تتحصّل للإنسان إلاّ بوسیلة تزکیة القلب وتصفیة الباطن بماء المعرفة والتقوى، وهذا هو النور الذی ورد فی الروایات أنّ الله یقذفه فی قلب من یلیق بهذه الکرامة
قال أبو جعفر(عليه السلام):
لا يَقْبَلُ اللهُ عَزَّوَجَلَّ حَجّاً ولا عُمْرَةً مِنْ مال حرام.